القرآن بوصفه شفاء؛ قراءة تحليلية

وَصَفَ اللهُ -عز وجل- القرآن الكريم بأنه شفاء، وهذه المقالة تتناول هذه الآيات التي ورَد فيها هذا الوصف بالدراسة والتحليل؛ للوقوف على المقصود من هذا الشفاء، ومدى مركزية هذا الوصف للقرآن ودلالته، والعلاقة بين الإيمان وفعالية القرآن في تحقيق الشفاء.

  الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فإنّ القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، الذي أَودع فيه الهُدى والنور، وأبان فيه العلم والحكمة، وهو البحر الوافر الذي لا تنقضي عجائبه، ولا تُبلغ غايته، فهو الهُدى والنور، والرحمة والشفاء، وقد وصفَ القرآن نفسه بأنه شفاء للقلب والنفس في بعض المواضع، مشيرًا إلى دوره في تحقيق الراحة النفسية للمؤمنين.

فما هذا الشفاء المقصود، وما مركزية هذا الوصف للقرآن ودلالته، وكيف نفهمه، وما العلاقة بين الإيمان وفعالية القرآن في تحقيق الشفاء؟

تهدف هذه المقالة للإجابة على هذه الأسئلة من خلال دراسة الآيات التي وصف القرآنُ نفسَه فيها بأنه شفاء، وتحليلها، وذلك بعد تمهيد نعرِّج فيه إجمالًا على تعريف الشفاء، وذكر المواضع التي ورَدَ فيها وصف القرآن بأنه شفاء.

تمهيد:

الشفاء في اللغة: (شفي) الشين والفاء والحرف المعتل يدلّ على الإشراف على الشيء؛ يقال: أشفى على الشيء، إذا أشرف عليه، وسُمِّي الشفاء شفاء لغلبته للمرض وإشفائه عليه، ويُقال: استشفى فلان، إذا طلب الشفاء، وشفى كلّ شيء: حرفه، وهذا ممكن أن يكون من هذا الباب، وممكن أن يكون من الإبدال، وتكون الفاء مبدلة من ياء، ويُقال: أعطيتك الشيء تستشفي به، ثم يُقال: أشفيتك الشيء، وهو الصحيح، ويُقال: أشفى المريض على الموت، وما بقي منه إلا شفى؛ أي: قليل[1]، ومنه قوله تعالى: ﴿عَلَى شَفَا جُرُفٍ﴾[التوبة: 109]، وقوله تعالى: ﴿عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 103]. 

ولم يخرج التعريف الاصطلاحي للشفاء عن معناه اللغوي، فاستعمل الشفاء في الحقيقة على: زوال المرض والألم واستئصال أسبابه، وفي المجاز على: زوال النقائص والضلالات، وما فيه حرج على النفس، ومن ذلك حديث حسّان: (فلمّا هَجَا كفّارَ قريش شفَى واشتفى)[2]، والشفاء: معروف، وهو ما يبرئ من السقم؛ شفاه اللهُ يشفيه شفاء. وتثنيته شفوان، وجمعه أشفاهٌ، والشفاء من المرض موافاة شفاء السلامة، وصار اسمًا للبرء[3].

وقد وُصِف القرآن بأنه شفاء في ثلاث آيات، جاءت بصيغة المصدر، وهي آيات مكية وقع فيها وصف القرآن بالشفاء، وهذه الآيات هي:

1- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57].

2- قوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82].

3- قوله تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: 44].

وفيما يأتي نعالج القول في هذه الآيات ونبيّن ما هذا الشفاء المقصود، وما طبيعة مركزية هذا الوصف للقرآن ودلالته، وغير ذلك.

انحصر وصف القرآن الكريم بأنه شفاء في السور المكية؛ وهي سور: يونس، والإسراء، وفصّلت، والتي تجلّت في آياتها بوضوح تامّ أنّ القرآن الكريم شفاء لمَن أخذ به، وقد جاء الخطاب متجسّدًا للناس جميعًا؛ ليؤكّد بأنه شفاء لكلّ مَن أخذ به صادقًا، وهذا الصدق لا يتمثّل إلا بالمؤمنين على وجه الخصوص، فجاءت كلّ الصيغ القرآنية للفظ (الشفاء) المقرونة بالقرآن الكريم مختصّة بشفاء القلوب والصدور؛ وهو المقصد الأول من شفاء القرآن، فهو يمسح الهمَّ، ويفرِّج الضيق، ويعيد الأمل للنفس المنكسرة.

وعند تأمُّل الآيات نجد أنّ وصف الشفاء في القرآن يعدُّ وصفًا جوهريًّا شديد المركزية وليس أمرًا ثانويًّا، بل إنه يرتقي أن يكون مقصدًا رئيسًا، وهو ما يظهر من خلال مجيئه في سياق التعليل، مظهرًا حكمة الله ورحمته التي تعكس القدرة على شفاء المؤمنين حسيًّا ومعنويًّا.

وتشير طرائق التعليل في القرآن الكريم إلى الأسلوب الذي نهجه القرآن لتوضيح المصلحة والغاية من المقصد، وهو وسيلة لإدراك الحكمة الربانية من التشريعات والأوامر، وطرائق التعليل في القرآن الكريم تتضمّن بيان الكيفية التي يكون بها القرآن شفاء للمؤمنين، وقد عبّر القرآنُ الكريم عن هذا المقصد بأساليب مختلفة، موضحًا الحكمة والغاية مِن جعلِ القرآن شفاء، وتسهم طرائق التعليل في تحقيق غاية للشفاء كمقصد رئيس للقرآن، وهو تحقيق الراحة النفسية، من خلال تلاوة القرآن وتدبّر آياته، وبالتالي يمكننا القول إنّ قيمة التعليل كمسلك لبناء الحكم بالمقصدية للشفاء تكمن في ربط الشفاء بالمقصد الأسمى والأسنى للقرآن الكريم، وهو تحقيق الخير والسعادة للإنسان في الدنيا والآخرة.

وفيما يـأتي سنحلّل الآيات التي ورد فيها لفظ (الشفاء) كمقصد بواسطة طرق التعليل:

1- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57].

طريق التعليل: إخباره -سبحانه وتعالى- عن أهمية كتابه وعظيم فائدته ومقصد إنزاله، وأنّ القرآن أصل الشريعة وأساسها، فطهارة القلوب من الضغائن والأحقاد من أعظم القربات، ومن أعظم مقاصد القرآن الكريم، فهو شفاء من التساؤلات الوجودية والشكوك التي تعتري الإنسان، وهو أعظم هداية للإنسان إلى طريق الله سبحانه وتعالى؛ لِمَا فيه من السموّ والإعجاز والبلاغة، فقضية الإيمان بالله أعمق من أن يخاطب بها العقل وحده.

تفسير الآية: قوله تعالى: ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾، وهو شفاء مِن أمراض القلوب كلّها، من الشِّرك والشكّ والشُّبهات والنفاق، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ [فصلت: 44]، و(شِفَاءٌ) هو في الأصل مصدر، جُعل وصفًا للمبالغة[4].

وتكاد تتوارد كلمة المفسِّرين على أنّ القرآن شفاء من الجهل؛ لأن الجهل هو أعظم مرض يَحُولُ بين القلوب والإيمان، والقرآن مزيل للجهل بالحقائق الكبرى، قال الإمام الطبري: «ودواء لِما في الصدور من الجهل، يشفي به اللهُ جهل الجهّال، فيبرئ به داءهم ويهدي به مِن خَلْقهِ مَن أرادَ هدايته به»[5]. «والشفاء؛ إشارة إلى تطهير الأرواح عن العقائد الفاسدة والأخلاق الذميمة وهو الطريقة. والهدى؛ إشارة إلى ظهور نور الحقّ في قلوب الصِّدِّيقِين وهو الحقيقة. والرحمة؛ إشارة إلى كونها بالغة في الكمال والإشراق إلى حيث تصير تُكمِل النّاقِصِين وهي النبوّة»[6].

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «وهو هذا القرآن، شفاء لِما في الصدور من أمراض الشهوات الصادّة عن الانقياد للشرع، وأمراض الشبهات القادحة في العلم اليقيني، فإنّ ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة»[7].

وقال العلّامة ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: «وقد أومَأ وصف القرآن بالشفاء إلى تمثيل حالِ النفوس بالنسبة إلى القرآن وإلى ما جاء به، بحالِ المعتلّ السقيم الذي تغيّر نظام مزاجه عن حالة الاستقامة فأصبح مضطرب الأحوال خائر القوى، فهو يترقّب الطبيب الذي يدبّر له بالشفاء، ولا بدّ للطبيب من موعظة للمريض يحذِّره بها مما هو سبب نشء علّته ودوامها، ثم ينعت له الدواء الذي به شفاؤه من العلّة، ثم يصف له النظام الذي ينبغي له سلوكه لتدومَ له الصحة والسلامة ولا ينتكسَ له المرض، فإنْ هو انتصح بنصائح الطبيب أصبح معافًى سليمًا وحييَ حياة طيبة، لا يعتوره ألمٌ ولا يشتكي وَصَبًا، وقد كان هذا التمثيل لكماله قابلًا لتفريق تشبيه أجزاء الهيئة المشبَّهة بأجزاء الهيئة المشبَّه بها، فزواجرُ القرآن ومواعظه يُشبَّه بنصح الطبيب على وجه المكنية، وإبطالُه العقائد الضالة يُشبَّه بنعت الدواء للشفاء من المضار على وجه التصريحية، وتعاليمُه الدينية وآدابه تُشبَّه بقواعد حفظ الصحة على وجه المكنية، وعبّر عنها بالـهُدَى، ورحمتُه للعالمين تُشبَّه بالعيش في سلامة على وجه المكنية.

ومعلوم أنّ ألفاظ المكنية يصحّ أن تكون مستعملة في حقائق معانيها كما هنا ويصحّ أن تُجعَل تخييلًا كأظفار المنيّة، ثم إنّ ذلك يتضمّن تشبيه شأن باعث القرآن بالطبيب العليم بالأدواء وأدويتها، ويقوم من ذلك تشبيه هيئة تلقّي الناس للقرآن وانتفاعهم به ومعالجة الرسول إياهم بتكرير النصح والإرشاد بهيئة المرضى بين يدي الطبيب وهو يصف لهم ما فيه برؤهم وصلاح أمزجتهم؛ فمنهم القابل المنتفع ومنهم المتعاصي الممتنع»[8]. «ولا شكّ أنّ كتاب الله شفاء لِما في النفوس والأرواح من الأمراض الباطنة، وشفاء لِما في العقول والأفكار من الشكوك الكامنة، فهو الترياق المجرب في الخلوات والجلوات، وهو الإكسير الذي لا يماثله إكسير لعلاج جميع الأزمات»[9].

وقد وصَفَ اللهُ القرآنَ بالشفاء دون الدواء؛ لأنّ الدواء قد لا يشفي المريض، وقد لا يناسب بعض الناس، فيحصل بسببه الداء، فالدواء مجرّد وسيلة قد تأتي بالنتيجة وقد تتخلف عنها، وأمّا الشفاء فهو النتيجة المقصودة بحصول البرء من الآفات والأمراض والعلل والسقم[10].

2- قوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82].

طريق التعليل: وَصْفُ القرآن بالشفاء -أي بصفة مصلحية- يجعله مقصدًا؛ فهذا أبرز دليل على أنّ الشفاء مقصد كونه موصوفًا بصفة، وباستخدام النفي و﴿إِلَّا﴾ للحصر وهي أقوى أدواته؛ لِما فيها من وضوح معنى القصر؛ ولذا تستخدم في الأمور التي هي مجال للشكّ والإنكار. وعليه، فإنّ القرآن الكريم هو شفاء ورحمة، أمّا أن يكون خسارًا للظالمين، فهذا مجال لشكّ النفس؛ فاستخدم القرآن أقوى أساليب الحصر (لا، وإلّا) لتأكيد هذا المعنى وتجليته، فالحصر مستفاد من الأوصاف؛ إِذْ مناط الحكم يقتضي التعليل به، وذلك بحسن الاعتقاد والظنّ بالله تعالى الذي هو فوق الأسباب، وذلك من أسباب حصول المقصد من إنزال القرآن، وقد جاء وصف القرآن بأنه شفاء على صيغة المصدر؛ للدلالة على الحدث المجرد المطلق، وهو ما يفيد الديمومة والثبات.

تفسير الآية: قوله تعالى: ﴿مِنَ الْقُرْآنِ﴾ اختلف المفسِّرون والنحاة في بيان نوع (مِن) على ثلاثة أقوال:

الأول: أنها لبيان الجنس، وهذا اختيار جمهور المفسِّرين، ومنهم:

الإمام النحّاس؛ فقال: «ليست (مِن) هاهنا للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس، والمعنى: (وننزل ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، ثم بيَّن فقال: ﴿مِنَ الْقُرْآنِ﴾، كما قال سبحانه: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ﴾»[11].

وقال الإمام ابن عطية: «ويصحّ أن تكون لبيان الجنس، كأنه قال: (وننزل ما فيه شفاءٌ من القرآن)، وأنكر بعض المتأوِّلِين أن تكون (مِن) للتبعيض؛ لأنه تحفَّظ من يلزمه أنّ بعضه لا شفاءَ فيه»[12].

وقال الإمام الرازي: «ولفظة (مِن) هاهنا ليست للتبعيض، بل هي للجنس، والمعنى: (وننزل من هذا الجنس الذي هو قرآن ما هو شفاء)؛ فجميع القرآن شفاء للمؤمنين»[13].

وقد رَدّ أبو حيان كونها للجنس، وبيَّن أنّ (مِن) التي لبيان الجنس لا تتقدّم على الـمُبهَم الذي تبيِّنُه، وإنما تكون متأخّرة عنه[14]، وقد رُدّ على أبي حيان بجواز تقديم (مِن) التي لبيان الجنس على المبَيَّن[15].

الثاني: أنها لابتداء الغاية، وهو اختيار الإمام أبي حيان والإمام القرطبي؛ فقال الإمام أبو حيان: «و(مِن) في ﴿مِنَ الْقُرْآنِ﴾ لابتداء الغاية، وقيل للتبعيض، قاله الحوفي؛ وأَنكَرَ ذلك لاستلزامه أنّ بعضه لا شفاء فيه، ورُدّ هذا الإنكار لأنّ إنزاله إنما هو مبعَّض»[16].

الثالث: أنها للتبعيض، وقد اختلف أصحاب هذا القول في معنى التبعيض هنا؛ فمنهم من قال: إنّ التنزيل هو المقصود بالتبعيض، قال الإمام ابن عطية: «على معنى أنّ تنزيل القرآن مبعَّض، فكأنه قال: وننزل من القرآن شيئًا شيئًا ما فيه كلِّه شفاء»[17]، فهو على هذا المعنى كلُّه شفاء، ومنهم الإمام البيضاوي قال: «و(مِن) للبيان؛ فإنّ كلّه كذلك، وقيل إنه للتبعيض، والمعنى: أنّ منه ما يشفي من المرض؛ كالفاتحة وآيات الشفاء»[18]، وقد رَدّ الجمهور هذا القول؛ لأنه يلزم منه أنّ من القرآن ما هو شفاء، ومنه ما هو غير شفاء[19].

كما أنّ القرآن شفاء للقلوب فهو شفاء للأبدان من الآلام والأسقام، قال الإمام ابن القيم: «فالقرآن هو الشفاء التامّ من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كلُّ أحد يؤهَّل ولا يوفَّق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تامّ، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدًا»[20]، فالشفاء الذي تضمَّنه القرآن عامّ لشفاء القلوب، من الشُّبَه، والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيئ، والقُصُود السيئة؛ فإنه مشتمل على العلم اليقيني، الذي تزول به كلُّ شُبهة وجهالة، والوعظ والتذكير، الذي يزول به كلُّ شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها[21].

وقال بعض العلماء في تقديم الشفاء على الرحمة أنه من تقديم التخلية على التحلية؛ لأن تزكية النفس هو تطهيرها وتنميتها، فالتطهير هو الشفاء وهو شرط التنمية، ولا تحصل التنمية للنفس مع وجود مرض، فلا بدّ أن يشفى منه؛ والرحمة هي تكميل للنفس، والشفاء تطهير للنفس، والتكميل يأتي بعد التطهير.

3- قوله تعالى ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ [فصلت: 44].

طريق التعليل: كلمة شفاء أبلغ من كلمة دواء مع أنها تحتويها، فالقرآن دواء؛ لأن الإنسان قد يَـتَعاطَى الدواء ولا يشفى لسبب عدم استجابته للعلاج، وحينما يقول إنّ القرآن شفاء، فمعناه أنه حقّق المقصود منه، وحصلت العافية بإذن الله تعالى، وهو تشبيه بليغ، جعل القرآن نفس الهُدى ونفس الشفاء؛ يهديهم إلى سبل الرشاد ويشفيهم من أوصاب الجنون والالتياث[22].

تفسير الآية: قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾، قال الإمام الطبري: «أي: قل يا محمد في جوابهم: ﴿هُوَ﴾؛ أي هذا القرآن، ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ خاصة، ﴿هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ يهديهم إلى الرشد والحقّ وإلى طريق مستقيم، ويدلّهم على العلوم النافعة التي تحصل بها الهداية التامّة، وشفاء لهم من الأسقام البدنية والأسقام القلبية؛ كالشكوك والريب والنفاق ومساوئ الأخلاق»[23]، أي: قل يا محمد: هذا القرآن لـمَن آمَن به هُدى لقلبه وشفاء لِما في الصدور من الشكوك والريب[24].

وذكَرَ الإمام الماوردي أنه يَحتمِل وجهين؛ أحدهما: هُدى للأبصار وشفاء للقلوب، والثاني: هُدى من الضلال[25].

وذكر العلّامة ابن عاشور بأنّ «هذا جوابٌ تضمّنَه قولُه: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [فصلت: 43]، أي: ما يُقال من الطعن في القرآن، فجوابه: أنّ ذلك الذِّكْر أو الكتاب للذين آمنوا هُدى وشفاء، أي أنّ تلك الخصال العظيمة للقرآن حَرَمَهم كُفْرُهُم الانتفاعَ بها، وانتفعَ بها المؤمنون فكان لهم هَديًا وشفاءً، وهذا ناظرٌ إلى ما حكاه عنهم من قولهم: ﴿قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ﴾ [فصلت: 5]، فهو إلزام لهم بحكمٍ على أنفسهم. وحقيقةُ الشفاء: زوالُ المرض، وهو مستعار هنا للبَصَارة بالحقائق، وانكشاف الالتباس من النفس كما يزول المرض عند حصول الشفاء»[26].

والاستشفاء بالقرآن الكريم يكون بأمرين:

الأول: الرقية به، فالريق الناتج من تلاوة القرآن الكريم له أثر عظيم في القوة والنشاط والصحة، ولا ينكر مسلم أثر النفث بآيات الشفاء والعلاج، وقد اشتملت سورة الفاتحة على الشفاءين: شفاء القلوب، وشفاء الأبدان؛ فإنّ مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم، وفساد القصد، ويترتّب عليهما داءان قاتلان، وهما: الضلال والغضب؛ فالضلال نتيجة فساد العلم، والغضب نتيجة فساد القصد، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها، والتحقُّق بـ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ عِلمًا ومعرفة وعملًا وحالًا، يتضمّن الشفاء من فساد القلب والقصد[27]، فالرقية الشرعية جعَلها اللهُ -عزّ وجلّ- سببًا للشفاء بإذنه تعالى، وقد وردَت أدعية في السُّنة النبوية للتحصين من شرِّ الإنس والجنّ والشياطين، ومنها: عندما تحدّرَت الشياطين على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأودية والشِّعاب، وفيهم شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهبط إليه جبريل -عليه السلام- فقال: يا محمد قُل، قال: ما أقول؟ قال: «قُل: أعوذ بكلمات الله التامّة من شرِّ ما خلقَ وذرأ وبرأ، ومن شرِّ ما ينزل من السماء، ومن شرِّ ما يعرج فيها، ومن شرِّ فتن الليل والنهار، ومن شرِّ كلّ طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن»، فطُفئت نارهم وهزمهم الله تبارك وتعالى[28].

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعوِّذ الحسن والحسين، ويقول: (إنّ أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعوذُ بكلمات الله التامَّة، من كلّ شيطان وهامَّة، ومن كلّ عين لامَّة)[29]، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعوَّذ من الجانّ، وعين الإنسان حتى نزلت المعوِّذتان، فأخذ بهما وترك ما سواهما؛ لاشتمالهما على الجوامع من المستعاذ به، والمستعاذ منه.

ومن الرقية وضع اليد على المكان الذي به ألمٌ من الجسد وقول: «بسم الله» ثلاثًا، وقول سبع مرات: «أعوذ بالله وقدرته من شرِّ ما أَجِد وأُحاذِر»[30]، وكذلك الرقية التي رقى بها جبريل -عليه السلام- النبي -صلى الله عليه وسلم-: «باسم الله أرقيك، من كلّ شيء يؤذيك، ومن شرِّ كلّ نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك»[31].

الثاني: القيام به آناء الليل وأطراف النهار، وخاصة في الثلث الأخير من الليل، وهذا يحقّق شفاء القلب النفسي بسبب ما يحصل من عمقٍ في فهم القرآن وفقهٍ لآياته، فيمتلئ القلب بنور الله تعالى وآياته، فلا يبقى فيه مكان للشَّهوات أو الشُّبهات، فالمقصد مِن تدبّرِ القرآن الكريم هو توصيل القرآن إلى القلوب التي في الصدور، وبه يحصل شفاء النفس وعافية البدن بإذن الله تعالى.

فالقرآن الكريم شفاء للأبدان والنفوس، فأولئك الذين نالتهم هداية القرآن في عقولهم وقلوبهم، واستمعوا إليه وسَمَتْ به أرواحهم هم أكثر الناس جدارةً واستحقاقًا أن يحصلوا على الشفاء الآخر، فمن كان مهتديًا بهدي القرآن عقلًا وقلبًا وروحًا، كان أجدر أن يستفيد من القرآن حينما يكون القرآن دعاءً، أو رقيةً، أو شفاءً لمرض نفسي، أو حسّي، قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: «ومن المعلوم أنّ بعض الكلام له خواص ومنافع مجرَّبة، فما الظنّ بكلام ربّ العالمين الذي فَضْلُه على كلّ كلام كفَضْلِ الله على خلقه، الذي هو الشفاء التامّ والعصمة النافعة والنور الهادي، والرحمة العامة، الذي لو أُنزل على جبل لتصدّع من عظمته وجلالته»[32].

وقد اتفقت كلمة المفسِّرين على أنّ القرآن شفاء من أمراض القلوب، وكذلك شفاء من أمراض الأبدان، وأنّ نوع الشفاء الذي اهتمّ به القرآن ومن أجله أُنزِل؛ هو شفاء القلوب، وهو مقدّم على شفاء الأبدان، فإنّ داء القلوب أكثر ما يُبتلى الناس به من شهوات وشُبُهات، التي تجعله بعيدًا عن الله؛ مِن غلٍّ وحقدٍ وحسدٍ والتي تتجلّى وتتبدّى على جوارح الإنسان، فضلًا عن أنّ أمراض القلوب هي خسارة في الدنيا والآخرة، بينما أمراض الأبدان تطهير للنفس من ذنوبها في الدنيا، ورفع الدرجات في الآخرة، والشفاء المعنوي له دور أساسي في تحقيق الطمأنينة والسكينة للنفس، وتقوية إيمانها؛ لأن الأمراض الروحية تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على حياة الإنسان وسعادته، فمِن خلاله يتمّ معالجة الجذور العميقة للمشكلات النفسية والروحية، بينما الحسّي يعالج الأعراض الظاهرة.

كما أنّ هناك علاقة جذرية بين الهُدى والشفاء، فالذي زالت عيوبه وأمراضه يكون لديه قابلية للاهتداء بالقرآن الكريم، بمعنى أنّ وجود عيوب في النفس والقلب هي موانع للاهتداء بالقرآن، فالذي يشفى بالقرآن هو المهتدِي.

نسأل اللهَ أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وأن يعلِّمنا منه ما ينفعنا، وأن يرزقنا العمل بما فيه.

الخاتمة:

في هذه المقالة تحدثنا عن القرآن الكريم بوصفه شفاء، وعالجنا الآيات التي أثبتت هذا الوصف للقرآن، وبينّا من خلال التحليل أنّ وصف الشفاء في القرآن هو وصف جوهري يرتقي أن يكون مقصدًا رئيسًا، وهو ما يظهر من خلال مجيئه في الآيات في سياق التعليل، مما يجعل القرآن بذلك مصدرًا مستدامًا للراحة النفسية والطمأنينة. لقد جاءت كلّ الصيغ القرآنية للفظ (الشفاء) المقرونة بالقرآن الكريم بصيغة المصدر، مختصّة بشفاء القلوب والصدور، وهو المقصد الأول من شفاء القرآن، والمقصود الأعظم والجوهري للقرآن الكريم هو شفاء الهداية؛ هداية القلوب والعقول والتطهير والتزكية؛ لأنّ القرآن نزل لهذا أساسًا كما قال سبحانه: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ﴾ [ص: 29]؛ ليكون دليلًا إلى الجنة وداعيًا إلى مكارم الأخلاق وإلى العلم والهدى والإيمان، وناهيًا عن أضدادها من الكُفر والفسوق والعصيان، ساعيًا لتحقيق أهداف سامية لتحسين حياة الإنسان التي يدعو إليها ومن أجلها جاء الإسلام، والحديث عن القرآن وأنه شفاء ليس نفيًا لِما سواه من الأسباب، سواء الأسباب الشرعية؛ كالدعاء، والصدقة، وماء المطر، وماء زمزم، كما قال تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ [الأنفال: 11]، ولا ينافي ذلك الاستشفاء بالأسباب الطبيعية؛ بالعلاجات والكشوف، والابتكارات الطبية، والأدوية والعقاقير، والمستحضرات، والعمليات الجراحية، وغيرها من الأسباب التي سخّرها اللهُ تعالى للعباد، فيجب استبعاد أن يكون ثمة تنافر بين العلاج الإيماني الروحاني والعلاج المادي البشري الطبيعي.

 

[1] مقاييس اللغة، للإمام أحمد بن فارس القزويني (ت: 395هـ)، (تح: د. عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1979م)، (3/ 199).

[2] النهاية في غريب الحديث والأثر، للإمام مجد الدين بن محمد بن محمد الشيباني الجزري، ابن الأثير (ت: 606هـ)، (تح: د. طاهر أحمد الزاوى؛ و: د. محمود محمد الطناحي، بيروت، المكتبة العلمية، 1979م)، (2/ 488).

[3] المفردات في غريب القرآن، للإمام الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت: 502هـ)، (تح: د. صفوان عدنان الداودي، بيروت، دار القلم، ط1، 1412هـ)، ص459.

[4] الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، للإمام السمين الحلبي (ت: 756هـ)، (تح: د. أحمد محمد الخراط، دمشق، دار القلم)، (6/ 222).

[5] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للإمام الطبري (ت: 310هـ)، (تح: د. عبد الله التركي، دار هجر، ط1، 2001م)، (12/ 193).

[6] البحر المحيط، للإمام أبي حيان الأندلسي (ت: 745هـ)، (تح: د. صدقي محمد جميل، بيروت، دار الفكر)، (6/ 74).

[7] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ)، (تح: د. عبد الرحمن اللويحق، مؤسسة الرسالة، ط1، 2000م)، ص366.

[8] التحرير والتنوير، للعلّامة ابن عاشور (ت: 1393هـ)، (تونس، الدار التونسية للنشر، 1984م)، (11/ 202).

[9] التيسير في أحاديث التفسير، للعلّامة محمد المكي الناصري (ت: 1414هـ)، (بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1985م)، (3/ 67).

[10] دراسات في علوم القرآن، د. فهد الرومي، ط12، 2003م، ص60.

[11] معاني القرآن، للإمام النحاس (ت: 383هـ)، (تح: العلّامة محمد الصابوني، مكة المكرمة، جامعة أمّ القرى، ط1، 1409هـ)، (4/ 187).

[12] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، للإمام ابن عطية الأندلسي (ت: 542هـ)، (تح: د. عبد السلام عبد الشافي محمد، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ)، (3/ 480).

[13] مفاتيح الغيب، للإمام فخر الدين الرازي (ت: 606هـ)، (بيروت، دار إحياء التراث، ط3، 1420هـ)، (21/ 389).

[14] البحر المحيط، للإمام أبي حيان الأندلسي، (7/ 103).

[15] الدر المصون، للإمام السمين الحلبي، (7/ 402).

[16] البحر المحيط، للإمام أبي حيان الأندلسي، (7/ 103).

[17] المحرر الوجيز، للإمام ابن عطية الأندلسي، (3/ 480).

[18] أنوار التنزيل وأسرار التأويل، للإمام البيضاوي (ت: 685هـ)، (تح: د. محمد عبد الرحمن المرعشلي، بيروت، دار إحياء التراث، ط1، 1418هـ)، (3/ 265).

[19] معاني القرآن، للإمام النحاس، (4/ 187).

[20] زاد المعاد، للإمام ابن قيم الجوزية، (4/ 323).

[21] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ السعدي، ص465.

[22] إعراب القرآن وبيانه، د. محيي الدين درويش، (دمشق، دار ابن كثير، ط7، 1999م)، (8/ 572).

[23] جامع البيان، للإمام الطبري، (21/ 484).

[24] تفسير القرآن العظيم، للإمام ابن كثير (ت: 774هـ)، (تح: د. سامي السلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1999م)، (7/ 184).

[25] النكت والعيون، للإمام الماوردي (ت: 450هـ)، (تح: د. السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، بيروت، دار الكتب العلمية)، (5/ 187).

[26] التحرير والتنوير، للعلّامة ابن عاشور، (24/ 315).

[27] مدارج السالكين في منازل السائرين، الإمام ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)، (تح: د. محمد الإصلاحي، بيروت، دار ابن حزم، ط2، 2019م)، (1/ 85).

[28] مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت: 241هـ)، (تح: شعيب الأرناؤوط؛ وعادل مرشد، مؤسسة الرسالة، ط1، 2001م)، (24/ 200).

[29] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حدثنا موسى بن إسماعيل، حديث رقم (3371).

[30] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، حديث رقم (2202).

[31] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، حديث رقم (2186).

[32] زاد المعاد في هدي خير العباد، للإمام محمد بن أبي بكر بن القيم الجوزية (ت: 751هـ)، (بيروت، مؤسسة الرسالة، ط27، 1994م)، (4/ 162).

كلمات مفتاحية

الكاتب

أميمة الشرقاوي الجبيري

حاصلة على ماجستير التفسير والدراسات القرآنية، ولها عدد من الأعمال ‏العلمية.‏

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))