تفسير محمد بن السائب الكلبي (ت: 146هـ)
ملامحه - موضوعاته - موقف المفسِّرين منه - أشهر طرقه

يُعَدّ محمد بن السائب الكلبي أحد المكثرين في التفسير من أتباع التابعين، وهذه المقالة تُسلِّط الضوء على تفسيره، فتستعرض ملامحه، وأهم موضوعاته، وموقف المفسِّرين منه، كما تُعرِّف بأشهر طرق تفسيره، وذلك بعد تقدمة حول منزلته في الرواية وعقيدته، والمقالة مستلّة من كتاب (تفسير أتباع التابعين؛ عرض ودراسة).

تفسير محمد بن السائب الكلبي (ت: 146هـ)

ملامحه - موضوعاته - موقف المفسِّرين منه - أشهر طرقه[1]

  محمد بن السائب الكلبي، أبو النضر الكوفي الأخباري؛ رَوَى عن أبي صالح باذام، وعن الشعبي وغيرهما.. وعنه ابنه هشام صاحب النسب، ومحمد بن إسحاق، ومعمر بن راشد، وسفيان الثوري، وشُعبة بن الحجّاج، وحمّاد بن سلمة، وإسماعيل بن عيّاش، وأبو بكر بن عيّاش، وابن المبارك، وسفيان بن عيينة، وأبو معاوية، وابن فضيل، ويزيد بن هارون، وغيرهم[2].

مولده بالكوفة[3].

وكذلك وفاته عام 146هـ[4].

منزلته في الرواية، وعقيدته:

  هو عند المحدِّثِين مُتَّهَم بالكذب يَروِي المناكير، قال أبو حاتم الرازي: «الناسُ مُجتَمِعون على تركِ حديثه، وهو ذاهِبُ الحديث»[5]، وقال الذهبي: «أجمَعُوا على تركهِ، واتُّهِم بالأَخَوَيْن: الكذب، والرفض»[6].

بل نُسب إلى السبئية؛ وهم من غلاة الشيعة الذين يعتقدون برجعة عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وحُكي عنه أقوال تدلّ على ذلك[7]. ويبدو أنه لم يُظهِر ذلك المعتقَد فيما رواه أئمة نَقَلة التفسير من تفسيره الاجتهادي، ولم يؤثر فيه. بل نُقل عنه ما يخالف ذلك؛ كتفسيره لقوله تعالى: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]، قال: «أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وابن مسعود»[8].

وتفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: 23]، قال: «إنّما عَنى بهذه الآية أزواج النبي؛ فأمّا مَن رمَى امرأةً من المسلمين فهو فاسق كما قال الله، أو يتوب»[9].

وتفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ [التحريم: 3]، قال: «أَسَرَّ إليها [أي: حفصة رضي الله عنها] أنّ أباكِ وأبا عائشة يكونان خليفتَين على أُمّتي مِن بعدي»[10]. ومثل هذه التفسيرات تستلزم تحرير معتقده وأثره على تفسيره، واستصحاب ذلك عند الحُكم على مدى قبوله[11].

تفسيره، وملامح منهجه فيه:

الكلبي مِن أئمة التفسير روايةً ودرايةً، لكن اتّقَى الناسُ تفسيرَه، خصوصًا ما يرويه، فهو ذاهِبُ الحديث كما تقدَّم، وروايته لتفسير ابن عباس عن أبي صالح باذام مِن أضعفِ طُرقِ تفسير ابن عباس[12]. وقد ذُكر له مصنَّفات في التفسير وعلومه؛ منها في أحكام القرآن[13]، والناسخ والمنسوخ[14]، والوجوه والنظائر[15]، وكتاب في (تفسير الآي الذي نزلَ في أقوامٍ بأعيانهم)[16]، ولم أقف على مَن أفاد من هذه الكتب.

أمّا أشهر كتاب له فهو تفسيره الذي أثبته له أغلب مَن ترجمه، وأفاد منه الكثيرُ من المفسِّرين، ووُصِف بأنه كبير؛ فَسَّر جميعَ القرآن، قال إبراهيم الحربي: «تفسير الكلبي مثل تفسير مقاتل سواء»[17]، وقال ابن عدي: «ليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه»[18]، وقال الذهبي معقبًا على ذلك: «يعني مِن الذين فَسَّروا القرآن في المائة الثانية، ومِن الذين ليس في تفسيرهم سوى قولهم»[19]. كما وُصِف بأنه يفسِّر السورة من أوّلها إلى آخرها[20].

ويتضح من ذلك أنّ منهجه هو تفسير جميع الآيات والسور، وأنّ التفسير الاجتهادي غالب على تفسيره. وقد ذكر د. فؤاد سزكين أنّ تفسيره قد وَصَلَنا[21]، لكن لم أجد مَن اعتنى بهذا الأمر! ولعلّ المقصود تفسيره الذي يرويه عن ابن عباس من طريق أبي صالح؛ أمّا تفسيره الاجتهادي فما بين أيدينا منه جزءٌ قليل مرويّ في بطون كتب التفسير، كما سيأتي.

موضوعات تفسيره:

أمّا أهم الموضوعات التي طَرَقَها، فأغلبها في القصص وأسباب النزول والإسرائيليات، وهذا ناتج مِن بُروزهِ في فنّ رواية الأخبار؛ لذا يُوصَف بأنه أخباري[22]، ومن هنا تجد في رواياته تفاصيل في أسباب النزول والسيرة والقصص عمومًا ما لا يوجد عند غيره[23]، كذلك له تفسير كثير جيّد في بيان المفردات، وتوضيح المراد، كما سيأتي من أمثلة.

موقف المفسِّرين منه:

عند النظر إلى موقف أئمة نَقَلة التفسير المأثور من تفسيره عمومًا لا نجد مَن اتّقَى تفسيره بالكلية إلا ابن أبي حاتم -من خلال ما تبقَّى مِن تفسيره الموجود بين أيدينا- إِذْ لم يَرْوِ عنه شيئًا.

بينما في المقابل نجد أنّ أغلب نَقَلة التفسير المأثور أوردوا تفسيره مع تفاوت في مقدار ذلك؛ فمِن هؤلاء:

1- سفيان الثوري (ت: 161): نقل عنه في (3) مواضع من تفسيره المطبوع[24].

2- يحيى بن سلّام (ت: 200):‏ رَوَى في تفسيره ‎)103) آثار مِن تفسير الكلبي النقلي والاجتهادي[25].

3- عبد الرزاق الصنعاني (ت: 211): رَوَى في تفسيره (154) أثرًا تفسيريًّا للكلبي.

4- ابن جرير الطبري (ت: 310):‏ رَوَى عنه[26] في (39) موضعًا[27]، وربما أبهمه في بعض المواضع[28].

5- عبد بن حميد (ت: 249): رَوَى عنه في تفسيره؛ منها ما هو مِن مروياته من تفسير ابن عباس من طريق أبي صالح باذام[29].

6- ومثله ابن المنذر (ت: 317)[30].

7- أبو الليث السمرقندي (ت: 375) في تفسيره المسمّى «بحر العلوم»: وهو مِن المكثِرِين مِن نقلِ تفسير الكلبي النقلي والاجتهادي؛ حيث تجاوز (400) أثرٍ من تفسيرهِ النقلي والاجتهادي[31].

8- الثعلبي (ت: 427) في تفسيره «الكشف والبيان»: وهو مِن أكثر مَن نقلَ تفسيره روايةً ودرايةً؛ فقد بلغَت مروياته عنه أكثر من (450) رواية، وقد أورد سنده إليه في مقدّمته[32].

9- كذلك نقل تفسيره بعض المتأخرين: كابن كثير[33]، والسيوطي في الدرّ المنثور.

ويبدو أنّ التواصي باتقاء تفسيره قد وصل إلى المعاصرين! فلم أقف على مَن احتفَى بتفسيره؛ بأنْ تتبّع نُسَخه -إن كانت حقًّا موجودة- وحاوَل تحقيقه، أو مَن نهضَ لجمعهِ كما جُمِع تفسير أعلام مفسِّري السَّلَف الآخرين، وحاوَل دراسته وموازنته بتفاسير معاصريه، وبيان أثر ما اشتهر من عقيدته على تفسيره. إلا أنّ موسوعة التفسير المأثور نهضَت بجمعهِ مِن خلال تتبّع تفسيره الاجتهادي والنقلي من الكتب المسندة المطبوعة، وقد حاولتُ إحصاء ما جُمِع فيها مِن تفسيره الاجتهادي فحَسْب، فبلغَت (905) آثارٍ تفسيريّة.

وهذا مقدار قليل نسبيًّا إذا قُورن بما وُصِف به تفسير الكلبي، من أنه يفسِّر السورة من أوّلها إلى آخرها، وأنه «مثل تفسير مقاتل سواء» كما قال إبراهيم الحربي[34]، وأنه «ليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه» كما قال ابن عدي[35]، وأنّ المراد بذلك أي «مِن الذين فسَّروا في المائة الثانية من الذين ليس في تفسيرهم سوى قولهم» كما قال الذهبي[36].

فهذا الوصف يدلّ على أنّ للكلبي تفسيرًا آخرَ خاصًّا بأقواله التفسيرية سوى تفسيره النقلي عن ابن عباس! وأنه يضاهِي تفسير مقاتل بن سليمان (ت: 150) إنْ لم يكن أكبر منه؛ لكن تفسير مقاتل الذي وَصَلَنا يبلغ أضعاف ما بين أيدينا من تفسير الكلبي الاجتهادي والنقلي! فهل فُقِد تفسير الكلبي الاجتهادي فيما فُقِد مِن تراث الأُمّة ولم يَنقل منه مَن اعتنى به من المفسِّرين -كأبي الليث السمرقندي والثعلبي- إلا القليل؟! لعلّ هذا هو الراجح، ويشهد له أنّ ما نقَله المفسِّرون من تفسير مقاتل بن سليمان -وهو مِن أقرانِ الكلبي وحاله عندهم كحالِه- لا يبلغ معشاره، ولو لم يَصِلْنا لكان على شاكلة تفسير الكلبي، والله أعلم.

أشهر طرق تفسير الكلبي الاجتهادي:

تقدّم أنّ عبد الرزاق الصنعاني رَوَى (154) أثرًا تفسيريًّا للكلبي وذلك من طريق شيخه معمر بن راشد (ت: 154)، ويظهر أنها نسخة تفسيرية لا بأس بها، إسنادها صحيح، فيه اثنان مِن أشهرِ ثقات محدِّثي أتباع التابعين، ويلاحَظ أنّ جميعها من التفسير الاجتهادي للكلبي إلا ما ندر[37]؛ مما يدلّ على اعتداد كلٍّ من عبد الرزاق وقَبْله شيخه معمر بتفسير الكلبي الاجتهادي دون النقلي، رغم وجود مئات الروايات النقلية عن الكلبي التي تُروَى في الكتب الأخرى.

كذلك ابن جرير الطبري أغلب مروياته لتفسير الكلبي من طريق معمر أيضًا، لكن بواسطة تلميذه الآخر محمد بن ثور الصنعاني (ت: 190)[38].

أمّا يحيى بن سلّام فهو يَروِي تفسير الكلبي بطريقتين؛ بأن يُسنِد إليه ويَذكر الواسطة بينه وبين الكلبي، وهو نادر جدًّا[39]، أو أن يَذكره دون إسناد، وهو أيضًا على صورتين: إمّا أن يصرِّح بالقول عنه مباشرة، كما رَوَى في تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا﴾ [الكهف: 41]، قال: «قال الكلبي: والغَوْر: الذي لا تناله الدِّلاء»[40]، وهو قليل[41]. أو أن يعزو إلى تفسيره، كقوله في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ [مريم: 47]: «وفي تفسير الكلبي: إنه كان بي رحيمًا»[42]. وأغلب ما رواه عنه على هذه الشاكلة[43]، ويلاحَظ أنّ كثيرًا منها من منقولات الكلبي في التفسير.

أمّا الثعلبي فقد أورد في مقدّمة كتابه[44]خمسة أسانيد لتفسير الكلبي؛ منها إسنادان من طريق محمد بن فضيل بن غزوان (ت: 195)، لكن جميعها من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وذلك ضِمن الكتب والطُّرُق التي يرويها عن تفسير ابن عباس، أمّا تفسير الكلبي الاجتهادي فلم يورد سنده ضِمن تفسير التابعين وأتباعهم كما صنع مع أقرانه، علمًا بأنه يَروِي الكثيرَ منه.

الخلاصة:

مما سبق يتبيّن أنه لا ينبغي اطّراح تفسير الكلبي بالكلية؛ بل يُروَى تفسيره الاجتهادي وآراؤه في التفسير، ويُنتقَى منها، ويؤخذ بها إذا كانت معتمِدةً على اللغة ولم تتضمّن ما يُنكر، ولا يضرّ كونه ضعيفًا في الرواية متَّهمًا بالكذب؛ إذ المنقول هو قولُه واجتهاده لا قول غيره، وأغلب ما رواه أساطين أئمة التفسير المسنِدِين عنه هو من هذا الباب؛ نحو ما نقله الطبري مِن تفسير قوله تعالى: ﴿أَنْ تُبْسَلَ﴾ [الأنعام: 70]، قال: «أنْ تُجزَى»[45]، وتفسيره لقوله تعالى: ﴿بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ [هود: 69]، قال: «الحنيذ: الذي يُـحْنَذُ في الأرض»[46]، وتفسيره لقوله تعالى: ﴿سُكِّرَتْ﴾ [الحجر: 15]، قال: «عَمِيَتْ»[47].

بل ربما يُؤثَر عنه من التفسير الجيّد ما لا تجده عند غيره من السَّلَف، نحو تفسير قوله تعالى: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 88]، قال: «لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم»[48].

كلّ ما سبق يدلّ على قيمة تفسير الكلبي الاجتهادي وأهميته، وأنه لا حرج مِن نقلهِ والإفادةِ منه مع ما قيل في الكلبي، ومما يُستأنس به في توكيد ما ذكرتُ ما يأتي:

1- أنّ تفسيرَه نَقَلَهُ أربعة من أتباع التابعين ممن وقَفْنا على تفاسيرهم، منهم الثقات المعتدّ بأقوالهم؛ وهم معمر بن راشد (ت: 154)[49]، وسفيان الثوري (ت: 161)، ويحيى بن سلّام (ت: 200)، وعبد الرزاق الصنعاني (ت: 211)، قال الحافظ ابن حجر: «وممن رَوَى التفسير عن الكلبي من الثقات؛ سفيان الثوري، ومحمد بن فضيل بن غزوان)[50]، وهؤلاء ممّن عاصروه أو رووا عمّن عاصره، فلا شك أنهم أدرَى بتفسيره ممّن بعدهم.

2- ما ورد عن بعض كبار المحدِّثِين مِن ثناءٍ على تفسيره وارتضائه أو غضّ الطرف عنه؛ من ذلك:

- ما رَوَى ابن جرير بسنده عن سعيد بن بشير عن قتادة (ت: 117). قال: «ما أرى أحدًا يجري مع الكلبي في التفسير في عِنان»[51].

- ما رَوَى ابن جرير -أيضًا- ‏ بسندِه عن أبي بكر بن عيّاش (ت: 194) في تفسير قوله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2]، قال: «سألني الأعمش (ت: 148) عن (الْمُتَّقِينَ)، فأجبته، فقال لي: سل عنها الكلبي؛ فسألته، فقال: الذين يجتنبون كبائر الإثم، قال: فرجعت إلى الأعمش، فقال: نرى أنه كذلك، ولم ينكره»[52].

- قول يحيى بن سعيد القطان (ت: 198): «تساهلوا في التفسير عن قوم لا يوثِّقونهم في الحديث»، ثم ذكر ليث بن أبي سليم، وجويبر بن سعيد، والضحاك، ومحمد بن السائب، وقال: «هؤلاء لا يُحمَد حديثهم: ويُكتَب التفسيرُ عنهم»[53].

- قول ابن عدي عنه: «حدَّث عنه ثقاتٌ من الناس ورضوه في التفسير؛ وأمّا الحديث ففيه مناكير»[54].

- قول الذهبي: «وهو آية في التفسير واسع العلم على ضعفه»[55].

أمّا ما ورَد مِن التحذير مِن تفسيره؛ ‏ كقول الإمام أحمد بن حنبل حين سُئل: أيحلّ النظر في تفسيره؟ قال: «لا»[56]، فيُحمَل على مروياته في التفسير عن غيره، خصوصًا المرفوع منها وأسباب النزول، ويلحق حكمها بحكم عموم مروياته في الحديث؛ كقول أبي حاتم: «الناس مُجمِعون على تركِ حديثه؛ لا يُشتغَل به، هو ذاهِبُ الحديث»[57]. ومع هذا فقد رأى بعضُهم أن يُكتَب حديثه؛ قال ابن عدي: «وأمّا الحديث -خاصة إذا رَوَى عَن أبي صالح عن ابن عباس- ففيه مناكير، ولشهرته فيما بين الضعفاء يُكتَب حديثه!»[58].

 

[1] هذه المقالة من كتاب: (تفسير أتباع التابعين؛ عرض ودراسة)، الصادر عن مركز تفسير، سنة 1436هـ= 2015م، تحت عنوان: «­محمد بن السائب الكلبي» (ص:46) وما بعدها. (موقع تفسير).

[2] ‏الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 284)، تاريخ الإسلام (14/ 448).

[3] ‏يظهر أنّ تاريخ مولده كان متقدمًا، في حدود عام ‎70، وربما قبل ذلك! بحسب ما ذُكر أنه كان مع ابن الأشعث في وقعة دير الجماجم عام 84، وأنّ أباه قُتِل مع مصعب بن الزبير عام 72، كذلك على فرضِ صحة ما ذكره الدولابي من أنّ أبا صالح باذام -الذي يَروِي عنه الكلبي- توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك (86- 96)، ورجّحه د. الشريف حاتم العوني، ينظر: بحثه الموسوم بـ(القول المحرر لترجمة أبي صالح باذام المفسِّر) ص6.‏ وقد أكَّد ما سبق مِن تقدُّم مولد الكلبي د. فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي (1/ 80) فقال: «وعاش قبل سنة 66هـ»، وهنا ينبغي ملاحظة أنه أدرك حياة بعض صغار الصحابة وعاصَر جيل صغار التابعين، ولا يبعد أن يندرج ضِمنهم، إلا أنّ مَن ترجم له لم يذكروا أنه يَروِي مباشرة عن الصحابة؛ لذا أورده ابن حجر ضمن الطبقة السادسة الذين عاصروا حياة بعض الصحابة؛ لكن لم يثبت لهم لقاء أحدِهم. ينظر تقريب التهذيب، ص479.

[4] وقيل إنه توفي رأس الخمسين ومائة، حكاه الذهبي. تاريخ الإسلام (14/ 448).

[5] الجرح والتعديل (7/ 270).

[6] تاريخ الإسلام (14/ 448)، العِبر (1/ 38).

[7] ينظر: تاريخ الإسلام (14/ 488).

[8] عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، الدر المنثور (4/ 506).

[9] أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (3/ 55).

[10] تفسير الثعلبي (9/ 345)، وتفسير البغوي (8/ 164).

[11] خصوصًا أنه وُصِف بأنه يفضل على مقاتل بن سليمان؛ لما قيل في مقاتل من المذاهب الرديئة! ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال (6/ 119).

[12] خصوصًا إذا رَوَى عنه محمد بن مروان السدّي الصغير، حتى عُرفت بسلسلة الكذب. ينظر: العجاب في بيان الأسباب (1/ 263)، الإتقان (6/ 2342). وقد رُوِي عن سفيان أنه قال: «قال لنا الكلبي: ما حدَّثتُ عنّي عن أبي صالح عن ابن عباسٍ فهو كذبٌ فلا ترووه»، الجرح والتعديل (7/ 270).

[13] ذكره ابن النديم في الفهرست، ص41.

[14] ينظر: الفهرست، ص57.

[15] ينظر: (نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر)، ص82، أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم، ص119.

[16] ينظر: طبقات المفسرين للداوودي (2/ 144)، غير أنّ ابن النديم نسبه لابنه هشام (ت: 204)، ينظر: الفهرست، ص37.

[17] تهذيب الكمال (28/ 442).

[18] الكامل في الضعفاء (16/ 119).

[19] تاريخ الإسلام (14/ 448).

[20] حكى وكيع بن الجراح (ت: 197) عن سفيان الثوري (ت: 161) أنه كان لا يُعجِبُه الذين يفسِّرون السورة من أوّلها إلى آخرها مثل الكلبي. ينظر: الجرح والتعديل (7/ 270).

[21] ينظر: تاريخ التراث العربي (1/ 58، 80)، وسَرَدَ عقبه عشرات المخطوطات.

[22] ينظر على سبيل المثال: سير أعلام النبلاء (6/ 248).

[23] لهذا كانت مروياته عند الواحدي في كتاب «أسباب النزول» أكثر من غيره: ينظر: مقدّمة محقق الكتاب د. ماهر الفحل: ص58. وفي موسوعة التفسير المأثور كان أكثر أتباع التابعين رواية لها بعد مقاتل بن سليمان.

[24] ينظر: تفسير سفيان الثوري؛ ص73، 115، 160، موضعان منها من مرويات الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والثالث موقوف على أبي صالح.

[25] وذلك فيما طُبع من تفسيره الذي يقارب نصفه، ينظر: فهرس الأعلام آخر (تفسير يحيى بن سلّام) (2/ 893).

[26] أمّا قول ابن تيمية في مقدمته، ص62، وفتاواه (13/ 358) عن تفسير الطبري: «وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير (لعلّ المراد ابن سليمان) والكلبي» = فلعلّ المراد الاعتماد عليها وكثرة إيرادها، أو روايتها منفردة؛ ولهذا قال في موضع آخر من فتاواه (16/ 540): «ونقل مقاتل وحده مما لا يعتمد عليه باتفاق أهل الحديث كنقل الكلبى؛ ولهذا كان المصنفون في التفسير من أهل النقل لا يذكرون عن واحد منهما شيئًا؛ كمحمد بن جرير وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبي بكر بن المنذر، فضلًا عن مثل أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه».

[27] ينظر: تفسير الطبري: (1/ 238)، (9/ 291، 322)، (10/ 521، 561، 572)، (11/ 39، 118، 134، 294)، (12/ 469، 475)، (13/ 536)، (14/ 29، 193)، (15/ 444، 446، 451)، (16/ 129، 565)، (17/ 399)، (19/ 195)، (22/ 311، 604)، (23/ 160، 223، 326، 329)، (24/ 88، 139، 174، 221، 395، 399، 502، 524، 548، 575، 652). يلاحَظ أنّ منها ما هو من مروياته عن أبي صالح عن ابن عباس، كما أنّ منها من تفسير المبهمات مثل: (1/ 238)، وأسباب النزول مثل: (10/ 572)، (11/ 118) مقرونًا بقتادة، (11/ 311)، (23/ 160). وقد يكون إيراده لهذه الروايات من باب الشواهد والمتابعات والاعتضاد، والمسألة تحتاج إلى تحرير.

[28] من ذلك (15/ 246) في تفسير سرادقها، ومثله أيضًا (2/ 233).

[29] ينظر مثلًا: قطعة من تفسير ابن حميد، ص103، 130. الدر المنثور (11/ 464).

[30] ينظر مثلًا: تفسير ابن المنذر (1/ 85، 162، 259، 303، 330)، (2/ 691، 735، 746، 814، 821).

[31] غير أنه يوردها دون إسناد، كما أنه لم يُصدّر كتابه بأسانيده إلى مصادره في التفسير كما صنع الثعلبي والبغوي. ينظر أمثلة لذلك: (1/ ‏45، 52، 99)، (2/ 41،61).

[32] ينظر: مقدمة الكشف والبيان، تحقيق د. خالد بن عون العنزي، ص30.

[33] ‎‏في مواضع معدودة؛ منها: (1/ 102)، (5/ 36)، وكثيرًا ما كان ينبّه على ضعفِ طريق تلك المرويات وما فيها من غرائب.

[34] ‎‏تهذيب الكمال (28/ 442).

[35] الكامل في الضعفاء (16/ 119).

[36]‎‏ تاريخ الإسلام (14/ 448).

[37] وقفتُ على ثلاث روايات فقط من تفسيره النقلي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهي المواضع: (2/ 234، 242)، (3/ 337)، والأخير من رواية الثوري عن الكلبي.

[38] ينظر أمثلة ذلك: تفسير الطبري: (9/ 291)، (10/ 521، 561، 572)، (11/ 311)، (12/ 469، 475)، (22/ 604)، (23/ 160، 203)، (24/ 88، 139، 175، 221، 502، 524، 652).

[39] وقفتُ على مثالَين فقط فيما طُبع من تفسير يحيى بن سلّام (1/ 185، 167)، وكلاهما من تفسيرِ ابن عباس.

[40] تفسير يحيى بن سلّام (1/ 187). وينظر أمثلة أخرى: (1/ 396)، (2/ 547، 715، 739).

[41] تفسير يحيى بن سلّام (1/ 187). وينظر أمثلة أخرى: (1/ 396)، (2/ 547، 715، 739). ومع أني لم أجد في ترجمة ابن سلّام مَن ذكر أنه أخذ عن الكلبي مباشرة، لكن ذلك غير مستبعد؛ لأنّ ابن سلّام وُلد في الكوفة عام 126، أي أنه قد ناهز العشرين من عمرهِ عند وفاة الكلبي.

[42] تفسير يحيى بن سلّام (1/ 288). وينظر أمثلة أخرى: (1/ 90، 327، 345، 362، 384)، (2/ 610، 632).

[43] وهذه الصيغة تحتمل أمرين؛ الأول: أنّ ابن سلّام يرويه وجادَة من تفسير الكلبي. الثاني: أنّ أغلبه من نُقُول الكلبي من تفسير غيره، خصوصًا ما يرويه عن أبي صالح عن ابن عباس. وقد صرّح بنحو هذا الطاهر بن عاشور (ت: 1393) في كتابه (أليس الصبح بقريب)، ص162، فقال: «ورأيتُ يحيى بن سلّام المفسِّر ينقل في تفسيره عن الكلبي فلا يرفعه إلى ابن عباس؛ بل يقول: في تفسير الكلبي».

[44] مقدّمة الكشف والبيان، تحقيق د. خالد بن عون العنزي، ص30- 38.

[45] تفسير الطبري (9/ 322).

[46] تفسير الطبري (14/ 29).

[47] تفسير الطبري (2/ 69).

[48] أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 52)، (2/ 94)، عن معمر بن راشد، وابن المنذر من طريق عبد الرزاق (2/ 735)، كما أخرجه الطبري مبهمًا -بعد أن رَوَى قول قتادة من طريق معمر- بقوله: «قال معمر: وقال غيره...» (2/ 233)، وذكره البغوي موقوفًا على معمر (1/ 120). وقد رجّح الطبري نحو هذا القول، بعد أن ضعَّف قول قتادة بأنّ المقصود: لا يؤمن منهم إلا قليل.

[49] الذي رَوَى عنه نسخة تفسيرية كبيرة تتضمّن عشرات مِن أقواله التفسيرية دون مروياته إلا ما ندر، كما تقدّم.

[50] العجاب في بيان الأسباب (1/ 210).

[51] تفسير الطبري: (1/ 41) ذكره في مقدّمته تحت فصل عنون له بـ(ذكر الأخبار عن بعض السَّلَف فيمَن كان من قدماء المفسِّرين محمودًا عِلْمُهُ بالتفسير، ومن كان منهم مذمومًا عِلْمُهُ بذلك). وهي رواية غريبة! أن يُثنِيَ عَلَمٌ من أعلام مفسري التابعين كقتادة (ت: 117) على الكلبي! الذي ربما يكون في الأربعينات من عمرهِ عند وفاة قتادة، ولو صَحَّ ذلك؛ فإنما يدلّ على شهرة الكلبي ومكانته في التفسير حينئذ.
وأغرب من هذه الرواية ما ذكره ابن حبان في كتاب المجروحين (2/ 253) حيث قال عنه: «وهو الذي كنّاه عطية العوفي [(ت: 112) وهو من الطبقة الوسطى من التابعين ومن تلاميذ ابن عباس رضي الله عنهما] أبا سعيد، وكان يقول: حدّثني أبو سعيد، يريد به الكلبي، فيَتوَهّمون أنه أراد أبا سعيدٍ الخدري»، وهذا من التدليس القبيح. وينظر: تهذيب التهذيب (7/ 201).

[52] تفسير الطبري (1/ 41).

[53] ينظر: دلائل النبوة للبيهقي (1/ 35- 37)، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، برقم 1588.

[54] الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 284)، تهذيب الكمال (25/ 251).

[55] تاريخ الإسلام (14/ 448).

[56] كتاب المجروحين لابن حبان (2/ 253).

[57] تهذيب الكمال (25/ 251).

[58] الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 284)، تهذيب الكمال (25/ 252).

الكاتب

الدكتور خالد بن يوسف الواصل

أستاذ مساعد وباحث بمركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام ‏الشاطبي بجدة، وله عدد من البحوث والأعمال العلمية المنشورة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))