زيد بن ثابت وجمع القرآن الكريم
نظرات في مقومات اختيار زيد بن ثابت لجمع القرآن

وقع اختيار أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- على زيد بن ثابت لتولِّي مهمّة جمع القرآن في خلافة أبي بكر، وهذه المقالة تسلِّط الضوء على المقومات التي أهّلت زيد بن ثابت لتولّي هذه المهمة الكبرى.

المقدمة:

  لقد شكّل حادث جمع القرآن الكريم في مصحف واحد لحظة مفصلية في حياة الأمّة الإسلامية ليس على المستوى الديني وفقط، بل على المستوى الثقافي والحضاري أيضًا؛ لكونه أول كتاب يدوّن في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث نقلها من الأمة الشفهية إلى الأمة الكتابية، بل هي محطة فارقة حتى بالنسبة للقرآن الكريم الذي انتقل فيها من الوضع التنزيلي إلى الوضع المصحفي.

ولم يكن جمع القرآن الكريم في مصحف واحد مجرّد رأي ظهر لأبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- فأرادوا إقراره، بل الأمر راجع إلى مستجدّات خطيرة طرأتْ في حياة الأمة الإسلامية هي التي عجّلت بجمع القرآن في مصحف واحد.

لكن على الرغم من ظهور طوارئ كبرى في عهد الصحابة الكرام التي تمثّلت في مقتل كثير من القرّاء باليمامة، وكذلك اختلاف قرّاء الأمصار في قراءة القرآن، إلا أنّ الإقدام على جمع القرآن في مصحف واحد بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن مهمّة سهلة، بل تردّد في ذلك كبار الصحابة، منهم أبو بكر عندما اقترح ذلك عليه عمر حتى شرح اللهُ صدره.

 ونظرًا للأهمية الكبرى لجمع القرآن في مصحف واحد وخطورته فقد اختار لها أبو بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم أجمعين- أحدَ الصحابة الكرام وهو زيد بن ثابت الذي استثقلَ الأمر، وتخوّفَ من الإقدام عليه حتى قال: «فواللهِ لو كلّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان بأثقل عليّ منه»، وقد تعلّل لذلك بكون جمع القرآن عمل لم يسبق أن فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته.

لكن هذا الاختيار الذي وقع على زيد بن ثابت تحديدًا لم يكن اعتباطًا، وإنما راجعٌ إلى مؤهّلات ومقوِّمات اختصّ بها زيد وأهّلته للقيام بهذه المسؤولية الجليلة التي تهيَّب منها كبارُ الصحابة.

فلماذا إذن تم اختيار زيد بن ثابت -رضي الله عنه- خاصّة ليكون المكلَّف المباشر بجمع القرآن في مصحف واحد دون غيره من الصحابة الكرام؟

 وما المقومات التي توافرتْ فيه لينتخب لجمع القرآن من بين باقي الصحابة الكرام من قِبل الخلفاء الراشدين؟

 هذا ما يحاول هذا المقال بيانَه والكشفَ عنه، وذلك بعد تمهيد نقدم فيه الحديث إجمالًا عن سياقِ جمع القرآن وارتباطِه بسيدنا زيد.

تمهيد:

من المعلوم أنّ القرآن الكريم كان يُكتب لحظةَ نزوله في الصُّحف والعُسُب واللِّخاف والقتب، وكان ذلك بصورة متفرّقة غير مجموعة في محلّ واحد (المصحف)، فقد ذكر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أنه كان يدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- بقطعة القَتْبِ أو كِسرةٍ، فيكتب ما نزل فيها من الوحي والنبي يُمْلِي عليه ويصحّح له ما قد يقع من سقط أثناء الكتابة فيقيمه[1]، أي أنّ القرآن كان يُكتب بشكلٍ فعليّ، لكنه لم يكن مجموعًا في مصحف واحد وإنما كان متفرّقًا في صدور الرجال والصُّحُف.

 فلمّا كان عهد الخليفة الأول أبي بكر الصدّيق استجدّت جدائد وحدثت حوادث ووقعت وقائع خطيرة، كان أهمّها معركة اليمامة[2] التي قُتِل فيها كثير من القرّاء، حتى قيل مات فيها سبعمائة من الصحابة، فعجّل ذلك الحادث العظيم بالجمع الأول، حيث اقترح عمر على أبي بكر أن يجمع القرآن في مصحف واحد، ثم أقنعَا زيدَ بن ثابت بالأمر، يقول زيد بخصوص هذه الحادثة: «أرسل إليَّ أبو بكر مقتلَ أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني، فقال: إنّ القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يَستحِرَّ القتل بالقرّاء في المَواطن، فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلتُ لعمر: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو واللهِ خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح اللهُ لذلك صدري، ورأيتُ الذي رأى عمر، قال زيد بن ثابت: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، كنتَ تكتبُ الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبعِ القرآنَ فاجمعه»[3].

لقد قام زيد بن ثابت بمهمّته وجمع القرآن في مصحف واحد، إلا أنه وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان ظهر مشكِل الاختلاف في وجوه القرآن حين قرؤوه بلغاتهم على اتساع لغات العرب، فأدّى ذلك إلى تخطئة بعضهم لبعض، كما وقع في حادث فتح أرمينية، حيث تفاقم الأمر وكادت تقع فتنة بين الناس. إضافةً إلى ما سمعه أيضًا عثمان من اختلاف في القراءة بين الصحابة، ومن ثم قام يخطب في الناس قطعًا للفتنة؛ فقد أورد ابن أبي داود في كتاب المصاحف ما يأتي: «سمع عثمان قراءة أُبَيّ وعبد الله ومعاذ، فخطب الناس ثم قال: إنما قُبض نبيُّكم منذ خمسَ عشرةَ سنة، وقد اختلفتم في القرآن، عزمتُ على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أتاني به، فجعل الرجل يأتيه باللوح، والكتف والعسب فيه الكتاب، فمن أتاه بشيء قال: أنت سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم قال: أيُّ الناس أفصحُ؟ قالوا: سعيد بن العاص، ثم قال: أيُّ الناس أكتَبُ؟ قالوا: زيد بن ثابت، قال: فليكتب زيد، وليملِ سعيد، قال: وكتَبَ مصاحف فقسمها في الأمصار، فما رأيتُ أحدًا عاب ذلك عليه»[4].

يبدو إذن أنّ جمع القرآن الكريم في مصحف واحد كان لحوادث مختلفة استجدّت في عهد الصحابة الكرام، فعجّلت بهذا الجمع وأفضتْ إليه؛ وقد ارتبط هذا الجمع باسم سيدنا زيد بن ثابت بصورة ظاهرة لمقومات حازها واختصّ بها كما سنرى ذلك.

وفيما يأتي سنحاول تسليط الضوء على المقوّمات التي تمتع بها سيدنا زيد، وكانت سببًا لإسناد كتابة الوحي إليه.

أولًا: الظهور المبكّر لعلامات النبوغ والذكاء على زيد بن ثابت رضي الله عنه[5]:

لقد ظهرتْ علامات النبوغ والذكاء على زيد بن ثابت -رضي الله عنه- مبكرًا؛ ذلك أنه لمّا قَدِمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وجدَ زيدًا قد حفظ بعضًا من سور القرآن الكريم وهو لم يتجاوز بعدُ إحدى عشرة سنة.

إنّ حفظ زيد بن ثابت لبضع عشرة سورة من القرآن الكريم وهو ما زال طفلًا صغيرًا جعلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يحيطه بعناية خاصة، ومن ثم قربه إليه وكلّفه بمهمة أخرى، بحيث طلب منه أن يتعلّم لغة اليهود - السريانية، فقد رَوى أحمد في مسنده: «أنه لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، قال زيد: ذُهب بي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأُعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأَعجَب ذلك النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا زيد، تعلّم لي كتاب يهود، فإني واللهِ ما آمَنُ يهودَ على كتابي. قال زيد: فتعلّمتُ له كتابهم، ما مرّت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنتُ أقرأُ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأُجيبُ عنه إذا كتب»[6].

لقد شكّلت مظاهر النبوغ التي بدت على زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وهو في حداثة سِنِّهِ؛ التي تمثّلت في سرعة الحفظ سواءٌ للقرآن الكريم أو للُّغات =أحدَ العوامل الأساسية التي أهّلته لكي يضطلع بمهمّات أخرى عظامٍ كلّفه بها رسول الله؛ ذلك أنّه أصبح المترجم الأوّل للنبي -صلى الله عليه وسلم- لكلّ ما يَرِدُ عليه من اليهود بلغة السريانية ومن ثم الردّ عليهم بلغتهم، وهذا جعل المراسلات التي كانت تجري بين النبي وبين اليهود في مأمن من أيّ تحريف أو تزوير.

كلّ هذه العلامات الدالة على التفرّد والتميّز والنبوغ التي توافرت في زيد بن ثابت كانت تشير إلى أن هذا الفتى سيكون له شأن عظيم في الإسلام، كما تبصَّر ذلك فيه النبي الكريم الذي وضعه موضع الثقة والاهتمام؛ إِذْ ليس من الصُّدفة أن يحفظ فتًى سورًا من القرآن وهو لم يرَ بعدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: تكليف النبي -صلى الله عليه وسلم- لزيد بن ثابت -رضي الله عنه- بكتابة الوحي:

إنّ مكانة زيد كانت تزداد اعتبارًا يومًا بعد يوم من قِبَل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خصوصًا عندما كلَّفه بكتابة الوحي وما أدراك ما كتابة الوحي، فهي مهمة جليلة الشأن عظيمة المرتبة لا يؤتاها كلُّ أحد.

 وكان زيد مجاورًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- في سُكناه؛ حيث كان كلّما نزل شيء من القرآن إلا وأرسل النبيّ في طلب زيد من أجل كتابة ما أُنزل، فقد رَوى الترمذي في الشمائل، والطبراني من حديث الليث عن أبي عثمان الوليد بن أبي الوليد، عن سليمان بن خارجة، عن أبيه قال: «دخل نفرٌ على زيد بن ثابت، فقالوا: حدِّثنا أحاديثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ماذا أحدثكم؟! كنتُ جاره وكتبتُ له الوحي، وكان إذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره [معنا]»[7].

وقد وصف زيد بن ثابت بعض التفاصيل والأحوال المصاحبة للحظات نزول الوحي وكتابته، سواءٌ حالة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتلقّى الوحي السماوي عن ربّه بواسطة جبريل -عليه السلام- أو حالته وهو يكتب الوحي، وكذلك الآليات والأدوات المتوافرة آنذاك والتي كان يصطحبها معه لكتابة الوحي، فقد رَوى الطبراني في المعجم الأوسط عن زيد بن ثابت، قال: «كنتُ أكتبُ الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان إذا نزل عليه أخذته بُرَحَاءُ شديدةٌ، وعَرِقَ عرقًا شديدًا مثلَ الجُمَانِ، ثم سُرِّيَ عنه، فكنت أدخلُ عليه بقطعة الكتف أو كِسرة، فأكتبُ وهو يُمْلِي عليَّ، فما أَفرَغُ حتى تكادَ رِجلي تنكسرُ من ثِقَلِ القرآن، وحتى أقولَ: لا أمشي على رِجلي أبدًا، فإذا فرغتُ، قال: (اقرَأْه)، فأقرؤه، فإن كان فيه سَقطٌ أقامه، ثم أخرج به إلى الناس»[8].

كلّ هذا يؤكّد أنّ اختيار زيد بن ثابت لكتابة الوحي من قِبَل النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قائمًا على اعتبارات علمية وواقعية اختصّ بها زيد عن باقي الصحابة الكرام؛ فبالإضافة إلى قوّة الحفظ وسرعته، وتمكّنه من ملَكة الكتابة والترجمة فقد كان جارًا للنبي؛ وهذا الأمر كان يسهّل من مهمّة كتابة الوحي ويجعلها نافذة في وقت وجيز وبسرعة فائقة.

إنّ اختصاص زيد بن ثابت بشغل أمين سِرّ المراسلات النبوية، ثم اضطلاعه بمهمة كتابة الوحي؛ يؤكّد أنّ مكانة زيد لدى النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تحظى بشرف عالٍ وثقة كبيرة، ويظهر هذا أيضًا جليًّا في حضوره مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العرضة الأخيرة للقرآن الكريم كما سنشير.

والغرَض أنّ إسنادَ النبي -صلوات الله عليه وسلامه- كتابةَ الوحي لزيد وثقتَه في زيد للتضلّع بذلك =هو مؤشر يرشّحه لأن يكون المكلَّف بالقيام بجمع القرآن بعد ذلك، فثقة النبيّ فيه وائتمانه له على كتابة الوحي دافعٌ قوي لأنْ يكون هو الشخص الذي يفكّر فيه الصحابة فيما بعد عند عزمهم على جمع القرآن في المصحف، فمَن قام بكتابة الوحي بين يدي النبي وكان مؤتمَنًا على ذلك من قِبَل النبي نفسِه وخَبِرَ ثِقَلَ الأمرِ وتَبِعتَه؛ هو أحرى الناس بالقيام بجمع القرآن، وهذا ما تدلّ عليه -كما مرّ معنا- مقولة أبي بكر لزيد لمّا أسند إليه مهمّة جمع القرآن، حيث قال له: «إنك رجلٌ شابٌّ عاقل، ولا نتهمك، كنتَ تكتبُ الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتتبع القرآن فاجمعه»[9].

ثالثًا: شهود زيد بن ثابت العَرْضَة الأخيرة:

لقد كان النبي الكريم يَعْرِض على جبريل القرآن مرّة كلّ سنة في شهر رمضان، فلما كان العام الأخير من حياته -صلى الله عليه وسلم- عرض على جبريل القرآن عرضتين.

وتُعَدُّ العرضةُ الأخيرة المرجعَ النهائي والمستندَ الأساس في جمع القرآن الكريم، فقد قُرِّر فيها ما نُسِخَ من آي القرآن وما بَقِي، وهي التي اعتُمِدَتْ في كتابة مصحف عثمان، وعليها استقرت القراءة العامة للقرآن من قِبل جُلّ الصحابة الكرام، وهي التي كانت مستندَهم الأساس في الجمعَين الأول والأخير؛ فقد رَوى البغوي في شرح السنة عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِي، أنه قال: «كانت قراءة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرؤون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جبريل مرّتين في العام الذي قُبض فيه، وكان عليٌّ طول أيامه يقرأ مصحف عثمان، ويتّخذه إمامًا. ويقال: إنّ زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جبريل، وهي التي بَيَّن فيها ما نُسِخ وما بَقِي. وقال أبو عبد الرحمن السُّلَمِي: قرأ زيد بن ثابت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي توفّاه اللهُ فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت؛ لأنه كتبها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأها عليه، وشهد العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناسَ بها حتى مات؛ ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولّاه عثمان كِتْبَةَ المصاحف، رضي الله عنهم أجمعين»[10].

يبدو من خلال ما سبق أنّ زيد بن ثابت قد امتاز ببعض المؤهّلات التي لم تتوافر في كلّ الصحابة الكرام، وقد لاحظنا أنّ اختصاص زيد بهذه الميزات لم يكن مجرّد صدفة، وإنما كان راجعًا إلى المقومات العلمية التي بدتْ على زيد وهو ما يزال في ريعان شبابه، مما جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يحيطه بعناية خاصّة، ويقرّبه إليه، ويسند إليه مهمّات عظام، ويضع فيه ثقته التامة، ويجعله أمينَ سِرّ مراسلاته بينه وبين اليهود، وكاتِبَ الوحي الأول، ويخصّه بفضيلة شهود العرضة الأخيرة.

وحادثةُ شهود زيد بن ثابت للعرضة الأخيرة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- تفيدنا مسألةً عظيمة ومهمّة تتعلّق بترتيب سور القرآن[11]؛ إِذْ تؤكّد هذه الحادثة على أنّ الصيغة الترتيبية التي رتّب بها النصّ القرآني في المصحف العثماني توقيفية من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن طريق جبريل -عليه السلام- عن ربه؛ ذلك أنه ولا شك أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما عرَض على جبريل القرآن مرّتين في العام الذي قُبِض فيه، فإنه قد عرضه على طريقةٍ مخصوصة في الترتيب لتكون النموذج والمثال.

 وبما أنّ زيد بن ثابت كان شاهدًا على هذه الصفة المخصوصة في الترتيل والهيئة المعيّنة في الترتيب أثناء العرضة النبوية الأخيرة، فإنّ ذلك يعني أنّ زيد بن ثابت لمّا كُلِّف بجمع النصّ القرآني رتّبه على تلك الهيئة التي سمعها من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يعرضها على جبريل -عليه السلام.

 ويبدو أنّ حضور زيد العرضة الأخيرة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- كان فيه إشارة قوية إلى أن زيد بن ثابت له أهلية معتبَرة يجب أن تحظى بالأولوية فيما يتعلق بالنصّ القرآني قراءةً وجمعًا، وقد التقطَ الصحابة الكرام هذه الإشارة النبوية وعملوا بها.

 نخلص من خلال ما سبق إلى أنّ اختيار زيد بن ثابت من قِبَل أبي بكر وعمر وعثمان من بين باقي الصحابة ليكون الساهر والمنفذ العملي لمهمّة جمع القرآن في مصحف واحد =كان قائمًا على مؤهّلات اختُصَّ بها زيد؛ جمعَت بين الخبرةِ العلمية والهِباتِ الشخصية الربانية والفضائلِ الدينية.

 وقد تعرّض اختيار زيد لهذه المهمّة لاعتراض من قِبَل أحدِ كبار الصحابة وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ومن المهم -تتميمًا للموضوع- بيانُ وجهِ هذا الاعتراض والموقفِ منه من خلال ما يأتي.

احتجاج ابن مسعود على اختيار زيد لجمع القرآن:

لقد احتجّ الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أوّلَ الأمر على تقديم زيد بن ثابت لكتابة المصحف في الجمع الثاني، ذلك أنه اعتبَر نفسَه أَوْلَى بهذا الأمر لسَبْقِه في الإسلام؛ فقد أورد ابن أبي داود في المصاحف أنّ ابن مسعود نادى في الناس: «يا معشر المسلمين، أُعْزَلُ عن نَسخ [كتاب] المصاحف وتولّاها رجلٌ، واللهِ لقد أسلمتُ وإنه لَفِي صُلب أبيه كافرًا»[12].

وقد بيَّن صاحب مختصر تاريخ دمشق المقومات العلمية والشروط الواقعية المهمّة التي جعلَت عثمان يقدِّم زيد بن ثابت في كتابة المصحف على غيره، ومنهم ابن مسعود، يقول بهذا الخصوص: «وإنما شقّ ذلك على ابن مسعود؛ لأنه عُدِلَ عنه مع فضله وسِنّه، وفُوِّضَ ذلك إلى مَن هو بمنزلة ابنه، وإنما ولَّى عثمانُ زيدَ بن ثابت لحضوره وغيبة عبد الله، ولأنه كان يكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكتبَ المصحف في عهد أبي بكر الصديق، وقد رُوي عن ابن مسعود أنه رضِي بذلك وتابَع ووافَق رأي عثمان في ذلك وراجَع»[13].

 الظاهر أنّ ابن مسعود لم يكن يحتجّ على تولية زيد بن ثابت كتابة القرآن في المصاحف بحدّ ذاته؛ إِذْ لم يُعرف عن ابن مسعود احتجاجه على أبي بكر في تقديمه زيدَ بن ثابت في جمع القرآن في مصحف واحد، وإنما احتج على اعتمادِ عثمانَ في كتابة المصاحف قراءةَ زيدِ بن ثابت دون قراءته، إضافةً إلى مطالبة عثمان تحريق ما دون ذلك من المصاحف، فشقَّ ذلك على ابن مسعود، فقد أورد ابن أبي داود في المصاحف أنه: «لمّا أُمِرَ بالمصاحف ساءَ ذلك عبدَ الله بن مسعود، قال: من استطاع منكم أن يَغُلَّ مصحفًا فلْيَغْلُل، فإنه مَن غَلَّ شيئًا جاء بما غَلَّ يومَ القيامة، ثم قال عبد الله: لقد قرأتُ القرآن مِن فِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعين سورة، وزيدٌ صبي؛ أفَأترُكُ ما أخذتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟»[14].

والحقيقة أنّ القراءة التي كان يقرأ بها زيد بن ثابت والتي اعتمدها عثمان في جمع المصاحف لم تكن خاصّة بزيد وإنما كانت هي «القراءة العامة» التي كان يقرأ بها جُلُّ الصحابة في المدينة من المهاجرين والأنصار، وهي التي كتبها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأها عليه، فقد رُوي عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِي، أنه قال: «كانت قراءةُ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، والمهاجرين والأنصار؛ واحدةً، كانوا يقرؤون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان عليٌّ طول أيامه يقرأ مصحف عثمان، ويتخذه إمامًا. ويُقال: إنّ زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جبريل، وهي التي بيَّن فيها ما نُسِخ وما بَقِي. وقال أبو عبد الرحمن السُّلَمِي: قرأ زيد بن ثابت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي توفّاه اللهُ فيه مرتين، وإنما سُميت هذه القراءةُ قراءةَ زيدِ بن ثابت؛ لأنه كتبها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأها عليه، وشهد العرضة الأخيرة، وكان يُقرئ الناس بها حتى مات؛ ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جَمعه، وولّاه عثمان كِتْبَةَ المصاحف، رضي الله عنهم أجمعين»[15].

إنّ احتجاج ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي قيل إنه تراجع عنه ورضي بما أقرّه الخليفة عثمان من قرارات، يجب أن يُفهم في سياقه، فليس من السهولة أن يتخلى الصحابي عن شيء تلقّاه مِن فِي رسول الله فَمًا لأُذُنٍ عيانًا بيانًا، ثم إنّ ابن مسعود كان مدرسة الإقراء بالكوفة، ومطالبته بالعدول عن ذلك لم يكن بالأمر السهل، لكن المستجدات التي استجدّت، والحوادث التي نزلت، كانت تستدعي جمع الأمة على قلب رجل واحد حتى لا تختلفَ اختلافًا ويضطرب أمرها.

إضافةً إلى هذا فإنّ مطالَبة عثمان تحريق المصاحف لم يكن الهدف منه هو إجبار الصحابة على تركِ ما تلقَّوه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المستوى الشخصي الفردي الخاصّ، فهذا لم يحدث أبدًا، فقد «بقِي الذين قرؤوا قراءاتٍ مخالفةً لمصحف عثمان يقرؤون بما رَووه، لا ينهاهم أحدٌ عن قراءتهم ولكن يعدّونهم شذاذًا، ولكنهم لم يكتبوا قراءتهم في مصاحف بعد أن أجمع الناس على مصحف عثمان»[16].

وإنما ألزم عثمانُ الصحابةَ بترك القراءات الخاصّة على المستوى الرسمي والتعليمي العام فقط، والعدول إلى المصحف الجامع من خلال اعتماد النُّسَخ المرسلة من قِبَل عثمان إلى الأمصار بوصفها النُّسَخ الرسمية، وذلك بغاية جمع شمل الأمة في مشارق الأرض ومغاربها؛ ولهذا أرسل عثمان نسخةً إلى البصرة ونسخةً إلى الكوفة التي بها ابن مسعود، حتى تكون النسخة الرسمية المعتمَدة.

الخاتمة:

نخلص مما سبق إلى أنّ اختيار سيدنا زيد للقيام بجمع القرآن كان اختيارًا له مسوغاته ووجاهته؛ نظرًا لما حازه زيد -رضي الله عنه- من المقوِّمات الخاصّة ما أهّله للقيام بهذه المهمة، إِذْ كان يكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشهد العرضة الأخيرة، وغير ذلك مما فصّلنا فيه.

لهذا يمكن القول: إنّ أهم ما يمكن أن نخلص إليه من حادث جمع القرآن الكريم في مصحف واحد واختصاص زيد بذلك هو أن القرآن الكريم توقيفي الترتيب والترتيل؛ أي أنّ سور القرآن الكريم كما هي في المصحف العثماني الذي بين أيدينا توقيفية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل -عليه السلام- عن ربّه؛ وذلك لكون زيدِ بن ثابت هو مَن قام بجمع القرآن تكليفًا من الخليفة الأول والثالث، وزيد قد شهد العرضة الأخيرة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي التي عرَضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جبريل، وفيها تم بيانُ ما نُسِخ وما بقِي من القرآن، فصارت بذلك النموذج والمثال.

 وقد ورد أيضًا أنّ زيد بن ثابت قرأ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي توفّاه الله فيه القرآن مرتين، واستقرّ عليها الناس ثم سُميت هذه القراءةُ قراءةَ زيدِ بن ثابت؛ لأنّه كتبها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأها عليه، وهي القراءة التي قرأ بها المهاجرون والأنصار واشتهرت بينهم بقراءة العامة.

ولا شك أنّ العرضات التي تمّت سواءٌ التي عرضها النبي -صلى الله عليه وسلم- على جبريل -عليه السلام- أو التي عرضها زيد بن ثابت -رضي الله عنه- على النبي كانت تتم على ترتيبٍ محكَمٍ وشكلٍ مخصوص وهيئة مضبوطة، وهي قطعًا ذاتها التي اعتمدها زيدٌ في الجمع الأول والأخير لمّا كُلِّف بجمع القرآن في مصحف واحد.

وتبقى مسألة جمع القرآن الكريم في مصحف واحد في حاجة إلى بحث مستقلّ دقيق وعميق يوضح الشروط العلمية والمعطيات التاريخية والضوابط الصارمة التي وُضعتْ أساسًا لجمع القرآن الكريم، وهذا الأمر أضحى ضروريًّا وملحًّا نظرًا لِما يُثار من إشكالات حول جمع القرآن الكريم من قِبَل المستشرقين وبعضِ الحداثيين العرب الذين نهلوا من مَعِينهم، وهذا الأمر يَفْرِض ضرورةَ تحريرِ المسألة تحريرًا علميًّا.

 

[1] المعرفة والتاريخ، يعقوب بن سفيان الفسوي (ت: 277هـ)، تحقيق: أكرم ضياء العمري، مؤسسة الرسالة- بيروت، الطبعة: الثانية، 1401هـ= 1981م، (1/ 377).

[2] «والمراد بأهل اليمامة هنا مَنْ قُتِلَ بها من الصحابة في الوقعة مع مسيلمة الكذاب، وكان من شأنها أن مسيلمة ادّعى النبوة وقوي أمره بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بارتداد كثير من العرب، فجهّز إليه أبو بكر الصديق خالدَ بن الوليد في جمعٍ كثير من الصحابة فحاربوه أشدّ محاربة إلى أن خَذله اللهُ وقَتله، وقُتل في غضون ذلك من الصحابة جماعةٌ كثيرة، قيل سبعمائة وقيل أكثر». فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، وعليه تعليقات العلّامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار المعرفة- بيروت، 1379هـ، (9/ 12).

[3] صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ، (6/ 71).

[4] المصاحف، لابن أبي داود السجستاني (ت: 316هـ)، المحقق: محمد بن عبده، الناشر: الفاروق الحديثة- مصر/ القاهرة، الطبعة: الأولى، 1423هـ= 2002م، ص101.

[5] هو الصحابي الجليل زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن عمرو بن الخزرج، أخو يزيد بن ثابت. كنيته أبو سعيد، وقد قيل: أبو عبد الله، وقد قيل: أبو عبد الرحمن، وقيل أيضًا: أبو خارجة. كان عمره لمّا قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة إحدى عشرة سنة، استصغره النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر فردّه، وشهد أحدًا، وقيل: لم يشهدها، وإنما شهد الخندق فكانت أول مشاهده، وحمل راية بني مالك بن النجار يوم تبوك. قُتل لزيد بن ثابت يوم الحرة سبعة من أولاده لصلبه. مات سنة إحدى وخمسين في ولاية معاوية. انظر: الثقات، ابن حبان (ت: 354هـ)، طبع بإعانة: وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية، تحت مراقبة: الدكتور/ محمد عبد المعيد خان مدير دائرة المعارف العثمانية، الناشر: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند، الطبعة: الأولى، 1393هـ= 1973م، (3/ 136). أسد الغابة في معرفة الصحابة، وعز الدين بن الأثير (ت: 630هـ)، المحقق: عليّ محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، سنة النشر: 1415هـ= 1994م، (2/ 346). التاريخ الأوسط، محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256هـ)، المحقق: محمود إبراهيم زايد، الناشر: دار الوعي، مكتبة دار التراث- حلب/ القاهرة، الطبعة: الأولى، 1397هـ= 1977م، (1/ 101).

[6] قال محققو الكتاب في درجة الحديث: «إسناده حسن من أجل عبد الرحمن: وهو ابن أبي الزناد». مسند أحمد، أحمد بن حنبل، المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421هـ= 2001م، (35/ 490).

[7] جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأقوم سَنَن، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق: د. عبد الملك بن عبد الله الدهيش، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان، الطبعة: الثانية، 1419هـ= 1998م، (3/ 133).

[8] المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين- القاهرة، (2/ 257).

[9] صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ، (6/ 71).

[10] شرح السُّنة، أبو محمد الحسين البغوي (ت: 516هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط- محمد زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي- دمشق، بيروت، الطبعة: الثانية، 1403هـ= 1983م، (4/ 526).

[11] أُثير الكثير من النقاش حول ترتيب سور القرآن كما هي مرتبة في المصحف العثماني، هل هي توقيفية أم اجتهادية من الصحابة؟

والمسألة فيها ثلاثة آراء كما أوردها علماء القرآن في كتبهم: فقد ذهب بعضهم إلى القول بأن ذلك توقيفي ولا مجال للاجتهاد فيه. وذهب الآخرون إلى القول بأنه اجتهاد من الصحابة الكرام. وهناك قول توسّط بينهما فقال: جُلّ السور توقيفية وقليلها جدًّا اجتهادي. وللتوسّع في الموضوع يمكن الرجوع إلى كتب علوم القرآن التي استفاضت في هذا الجانب استفاضةً بالغة.

[12] المصاحف، لابن أبي داود السجستاني، ص80.

[13] مختصر تاريخ دمشق، لابن عساكر أبي الفضل جمال الدين بن منظور الأنصاري الإفريقى (ت: 711هـ)، تحقيق: روحية النحاس، ورياض عبد الحميد مراد، ومحمد مطيع. دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، دمشق- سوريا، الطبعة: الأولى، 1402هـ= 1984م، (14/ 58).

[14] المصاحف: ابن أبي داود السجستاني، ص75.

[15] شرح السُّنة، أبو محمد الحسين البغوي (ت: 516هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط- محمد زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي- دمشق، بيروت، الطبعة: الثانية، 1403هـ= 1983م، (4/ 526).

[16] تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ)، الدار التونسية للنشر- تونس، 1984هـ، (1/ 52).

الكاتب

نور الدين الخرازي

حاصل على الدكتوراه في الآداب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد الملك السعدي – ‏تطوان.‏

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))