تعريف بكتاب
Structure and Quranic Interpretation: A Study of Symmetry and Coherence in Islam’s Holy Text
Raymond Farrin

يُعَدّ كتاب: Structure and Quranic Interpretation: A Study of Symmetry and Coherence in Islam’s Holy Text من الكتب الغربية المهمّة، نقدّم هنا تعريفًا بالكتاب، وبمحتويات فصوله، كما نشير لبعض جوانب أهميته للدارِسِين.

الكتاب:

Structure and Quranic Interpretation: A Study of Symmetry and Coherence in Islam’s Holy Text

بنية وتفسير القرآن: دراسة في تناظر وتماسك نصّ الإسلام المقدس

الكاتب: ريموند فارين - Raymond Farrin

دار النشر: Ashland, Oregon: White Cloud Press

تاريخ النشر: 2014م.

عدد الصفحات: 160.

الترجمة: الكتاب غير مترجم للعربية.

محتوى الكتاب:

يأتي الكتاب في ستة فصول بعد مقدّمة، ثم تليهم خاتمة، وبعض الملحقات التي تعرض العلاقات التركيبية بين السور والآيات بشكلٍ أكثر تفصيلًا كذلك.

مقدّمة:

  في هذه المقدّمة يحاول ريموند فارين تقديم رؤية عامّة عن النقاش حول تركيب القرآن، ويشير لكون التراث الإسلامي قد تعامَل مع مسألة اتّساق النصّ باعتبار وقوعها في ثلاثة محاور رئيسة؛ أولًا: الاتّساق الداخلي للسورة، ثانيًا: الصِّلة بين نهايات السورة وأوّل السورة التي تليها، ثالثًا: الصِّلَة بين أوّل السورة ونهاية السورة السابقة. ومن الناحية التاريخية يلقِي الضوء على الرؤى التراثية لمسألة تركيب القرآن، ويعتبر أنّ الاهتمام التفسيري بالنظر بشكلٍ ذَرِّيّ للقرآن، أدّى إلى عدم الاهتمام باستكشاف بنية السورة، ويشير لعدد من الاستثناءات التي تتمثّل في التفاسير التي اهتمّت للبنية الكلية للسور؛ مثل تفاسير النيسابوري وأبي حيان والبقاعي، أمّا في الدراسات الغربية الكلاسيكية فيشير إلى كونها -من فولتير وإلى نولدكه وروديل وبيل- كانت تنظر للقرآن كنصّ مفكّك وتشير لعدم اتّساقه، ثم يتحدث فارين عن التغيّر المعاصر في التعامل مع بنية القرآن بدايةً من الفراهي وإصلاحي، والذي تركَ أثَرَه على كثير من الكُتّاب والمفكِّرين العرب والمسلمين، وكيف أن السياق الغربي أيضًا في العقود الأخيرة بدأ -نتيجة تطبيق المنهجيات الأدبية على القرآن- في الالتفات لتركيب القرآن الخاصّ مع أسماءٍ مثل نويفرت وكويبرس وروبنسون وكارابونا وغيرهم.

يسيِّق فارين محاولته في الإطار الذي يجمع عمل هؤلاء خصوصًا كويبرس والفراهي وإصلاحي؛ حيث يهتمّ باستكشاف بنية السور القرآنية، وكذلك العلاقة بين هذه السورِ نفسِها، والتي ينتظمها -وفقًا له- منطق الأزواج الذي يعمل وفق مبدأ التناظر بأشكاله المختلفة (تقابل- توازي- مركزي).

ويَبرز في المقدّمة -كما في العمل الداخلي على السور- أنّ فارين يهتمّ باستحضار السياق التاريخي للسور لفهم مقاصدها، وأنه يقترب في تحقيبه التاريخي للدعوة من التحقيب الإسلامي «دعوة سِرّية- جهر- تضييق من قريش- هجرة للمدينة» أكثر من ميله للتحقيب الاستشراقي الكلاسيكي «مراحل مكّية ثلاث مقسَّمة أسلوبيًّا، ومرحلة مدنية».

الفصل الأول: تأطير القرآن:

في هذا الفصل يقدّم فارين قراءةً لتركيب سورة الفاتحة، فيعتبر أنها سورة لها بنية مركزية تمثِّلها الآية 4، يتقابل حولها محوران (الآيات 1- 2- 3) و(الآيات 5- 6- 7)، والتي تمثِّل العبادة والدعاء المتمحور حول الرحمة والإرشاد الإلهي، كما يحاول ربط الفاتحة بسورة الناس والتي تمثِّل كذلك دعاء واستغاثة.

ويعتبر فارين أنّ هذه البنية للفاتحة هي بنية للقرآن بكامله،​​​​ حيث إنّ القرآن بكامله -وفقًا له- هو عبارة عن دعاء لله بالهداية للطريق الصواب، وأنّ مركز القرآن يمثّل هذا الطريق؛ أي: إجابة الدعاء، وحيث السورة تكثِّف كلَّ مفاهيم القرآن الكبرى (التوحيد)(الوحي)(الآخرة).

الفصل الثاني: السورة كوحدة:

في هذا الفصل يطرح المؤلِّف السورة كوحدة قرآنية متجانسة، ويمثّل لهذا بسورة البقرة التي تتبع -وفًقا له- كذلك بنية محورية، يدور حولها محوران متقابلان عكسيًّا (أ ب ج/ د/ جَ بَ أَ)، فيقسِّمها بهذا إلى سبعة أقسام: أ/ المؤمنون مقابل الكفار، ب/ موسى يعطِي بني إسرائيل الشريعة، ج/ امتحان إبراهيم، د/ تغيير القِبلة للكعبة وامتحان المؤمنين، جَ/ سيتمّ اختبار المسلمين، بَ/ النبي محمد يسلم الشريعة للمؤمنين، أَ/ الجهاد ضد الكفار.

ويعتبر فارين أنّ الآيات المركزية لسورة البقرة هي الآيات الخاصّة بالقِبلة، ويرى أن هذه الآيات تقدِّم أمرين؛ فهي تعرض للأمّة الإسلامية باعتبارها مجتمعًا وسطًا، وتعمل على تمييز المسلمين عن غيرهم من الديانات الأخرى في المدينة، كما أنها تقدِّم رؤية تعدّدية للطريق الإلهي في الديانات التوحيدية؛ حيث يصبح المهمّ هو التوجّه لله وقِبْلَته، كلٌّ وفق طريقه الخاصّ وشِرعته ومنهاجه.

الفصل الثالث: أزواج السور (المثاني) (1):

في هذا الفصل ينتقل المؤلِّف لِمَا يعتبره مبدأ أساسيًّا للتركيب القرآني، أي: كون سُوَرِه تأتي في أزواج، ويلفت النظر لأسبقية أمين أحسن إصلاحي في الوقوف على هذه الفكرة وتطبيقها في تفسيره للقرآن، ثم يحاول تقديم قراءة لهذه الأزواج؛ فيقرأ سورتي البقرة وآل عمران كزَوْج يدور حول أهل الكتاب اليهود والنصارى، كما يقرأ سورتي الناس والفلق باعتبارهما يكشفان عن تزاوج وتماثُل تركيبي وموضوعي، وأنهما يمثِّلان معًا تقابلًا عكسيًّا.

يرى فارين أنَّ أوّل سورة في القرآن قدَّمَت الدعاء لله بالهداية، وأنّ آخر سورتين تَعْرِضان وجود الشّر في العالم وتقدِّمان استعاذة بالله من هذا الشّر ومن وساوس الشيطان التي قد تحرف الإنسان عن اتّباع الطريق.

وفي العلاقة بين سورتي البقرة وآل عمران، يرى فارين أن بعد تناول سورة البقرة لليهود، فقد تناولت سورة آل عمران النصارى، حيث تمثِّل السورتان معًا تناولًا لأهل الكتاب، ويرى فارين أنّ سورة آل عمران تنتظمها كذلك بنيةُ تقابُلٍ مركزي، تأتي كالآتي: أ/ القرآن كوحي مصدِّق للوحي السابق ومهيمِن عليه، والجنة كوعد إلهيّ لمن يقدِّم حياته في سبيله، ب/ عيسى كنبيّ من آل عمران، يصنع المعجزات ويدعو الناس للإيمان بالله وحده، ج/ دعوة لليهود والنصارى باتّباع إبراهيم الذي لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا وإنما حنيفًا يدعو الله وحده، د/ حثُّ المؤمنين على التقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جَ/ كثير من أهل الكتاب انصرفوا عن عبادة الله واتبعوا أهواءهم، وسيغفر الله لمن تاب، بَ/ تمييز المؤمنين عن المنافقين وتشبيه المؤمنين بأنصار عيسى، أَ/ دعوة المؤمنين للإيمان بالله وأنّ الجنة هي جزاء مَن آمَن وعمل صالحًا، وأنّ أهل الكتاب الذي آمنوا سيكون لهم جزاء عظيم.

كما يهتمّ بلفت النظر للسياق التاريخي الذي يربط السورتَيْن، حيث تتعلّقان بأوّل معركتين في تاريخ الدعوة: بَدْر وأُحُد، مما يدعو مجتمع المؤمنين للتماسك والتكاتف في الخير، وفي ذات الوقت يوضح كون المبدأ العام للسورتين يشير لعالمية الرسالة القرآنية.

الفصل الرابع: أزواج السور (2):

في هذا الفصل ينتقل فارين لقراءة أزواج السور ذات الطول المتوسط بعد أن درس في الفصل السابق أمثلة على السور القصار والطوال، فيتناول العلاقة التركيبية والموضوعية في سورتي يوسف والرعد.

واعتمادًا على السياق التاريخي يشير فارين لارتباط السورتين بفترة الحزن في حياة النبيّ بعد وفاةِ السيدة خديجة وأبي طالب عمّ النبي، وازديادِ التضييق من قريش، وبالتالي الاتجاه الوشيك إلى الهجرة من مكة.

ويقسِّم فارين سورة يوسف بشكلٍ عام إلى ثلاثة أقسام وفق تقسيم نويفرت للسور المكية الوسيطة: مقدّمة، وسرد قصصي، وخاتمة. ثم يقسِّم الجزء السردي من القصة والذي يدور بأكمله حول قصة يوسف وفق التركيب المحوري، فيكون تقسيم السورة كاملًا:

أ/ مقدّمة- حُلْم، ب/ مكيدة الإخوة والهجرة إلى مصر، ج/ يوسف في بيت عزيز مصر، د/ فتنة امرأة العزيز، و/ يوسف في السجن، حُلْم السجينين، حُلْم الـمَلِك، دَ/ الاعتراف بالذنب والغفران، جَ/ يوسف على خزائن الأرض، بَ/ مكيدة يوسف وسَفَر الإخوة لمصر، أَ/ تحقيق الحُلْم- خاتمة.

أمّا سورة الرعد فيقسِّمها فارين إلى ثلاثة أقسام:

أ/ توجد آيات كثيرة تدل على وجود الله وضرورة اتّباع هُداه وأن البشر ملاقوه، لكن الناس يتساءلون وينصرفون عن عبادته، ب/ الجنة هي موعد من اتقوا ربهم، والنار عقوبة من انصرف عن هُدى الله، أَ/ تَـمَّ تكذيب الرسل السابقين وسَخِرَ منهم الكفّار ولكن النار موعدهم والعاقبة للمتقين.

فالسورتان معًا -وفق فارين- ترتبطان عبر الحديث عن الأدلة على الوجود الإلهي وتدَخُّل الله لنصرة المؤمنين والحديث عن النعيم الإلهي المعَدّ للمؤمنين، كذلك فإنهما ترتبطان بشكلٍ كبيرٍ بسياق الخطر المحدِق بالدعوة في هذه المرحلة، والحديث عن الهجرة، ويستعيد فارين قول الظلال حول كون قصة يوسف كأنها تمهيد للهجرة، وحديث عن مستقبل يتمّ فيه لَـمُّ الشَّمْل مرة أخرى، سواء في مستقبل دنيوي، أو في الجنان حين يدخل الجنّةَ المؤمنون ومَن صلحَ مِن آبائهم وأزواجهم وذرّياتهم كما في سورة الرعد.

الفصل الخامس: مجموعات السور:

أمّا في هذا الفصل فينتقل المؤلِّف لمبدأ آخر يعتبره أساسيًّا في تركيب القرآن، وهو تجميع السور في مجموعات تتبع التركيب المركزي أو المتوازي، ويقسِّم هذه المجموعات لتسع عشرة مجموعة، العدد داخل كلّ مجموعة يتراوح من ثلاث إلى عشر سور.

الفصل السادس: المجموعة المركزية:

في هذا الفصل يدرس المجموعة المركزية في التركيب القرآني، وهي من سورة ق إلى سورة الواقعة، ويقسِّم هذه المجموعة لزوجين: (ق والذاريات والطور)، و(الطور والنجم)، وثلاث سور منفصلة: (القمر، الرحمن، الواقعة)، ويحاول في هذا الفصل بيان الروابط بين هذه السور، وكذلك استحضار روابطها وعلاقاتها مع بقية سور القرآن، ويَعتبر أنَّ سورتي الرحمن والواقعة يمثلان مركز القرآن، والذي يدور الحديث فيه عن الرحمة والهداية الإلهية.

أهمية الكتاب:

يُعتبر الاتجاه التزامني في قراءة القرآن من أهم الاتجاهات المتنامية على ساحة الدرس الاستشراقي المعاصر، ويجتهد روّاده في تطبيق المنجزات الأدبية على النصّ القرآني لاستكشاف تركيبه الخاصّ والمنطق الخاصّ الذي ينتظم موضوعاته وحجاجاته والوحدة الأدبية له، في مقابل القول الاستشراقي العتيق بتفكّك النصّ القرآني، والذي بات لا يكشف إلا عن عدم الالتفات لخصوصية الخطاب القرآني، وهذا الكتاب لفارين هو إحدى هذه المحاولات الطامحة للاستفادة من هذه المنجزات في قراءة النصّ القرآني وتركيبه.

ومع التنامي الكبير لهذا الاتجاه والتزايد الواسع لنتاجه، والتعدّد والتنوّع في منهجياته المطبَّـقة على النصّ؛ بات من الضروري أن يطّلع الباحث العربي والمسلم في دراسات القرآن على هذا النتاج، وهو ما يفيد فيه كثيرًا كتابُ فارين، والذي يمثِّل تطبيقًا لهذا الاتجاه ومناهجه، وكذلك لِمَا يمثِّله عمل فارين من محاولة للدمج بين رؤى ومناهج الدارِسِين المسلمين والغربيين لتركيب القرآن، وكذلك تجاوزه البحث في بنية السورة إلى البحث في العلاقة بين السور.

المؤلف

فريق موقع تفسير

موقع مركز تفسير للدراسات القرآنية

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))