كتاب (البيان في علوم القرآن)
للدكتور/ محمد بن عبد الرحمن الشايع
عرض وتعريف

الكاتب : هند الورداني
يُعَدّ كتاب (البيان في علوم القرآن) من الكتب حديثة الصدور في علوم القرآن، وهذا المقال يُعرِّف بالكتاب، ويستعرض محتوياته، ويعرض طرفًا من أهميته.

تمهيد:

  تضافرتْ جهود العلماء في كلّ زمان لأجل خدمة كتاب الله، وحظيتْ علوم القرآن بنصيبٍ وافرٍ من اهتمام الباحثين، ورغم ذلك فما زال نبع القرآن الكريم مدرارًا، وما زال باب الاجتهاد مفتوحًا أمام المزيد من الأبحاث والتآليف، وبين أيدينا اليوم كتاب من أحدث ما تمّ تأليفه في علوم القرآن، وهو كتاب (البيان في علوم القرآن) لفضيلة الدكتور محمد الشايع، وسيأتي الكلام موزّعًا على ثلاثة أقسام؛ يستعرض الأول التعريف بالمؤلِّف واسم الكتاب وسبب تأليفه ومصادره، ويعمل الثاني على بيان محتويات الكتاب، وأمّا الأخير فيبيّن طرفًا من أهمية الكتاب.

القسم الأول: التعريف بالمؤلِّف، والكتاب، وسبب تأليفه، ومنهجه:

مؤلِّف الكتاب:

هو الدكتور محمد بن عبد الرحمن بن صالح الشايع: أستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، له عدد من المؤلَّفات حول القرآن الكريم وعلومه، من أهمها: (المكي والمدني في القرآن، نزول القرآن والعناية به في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، تفسير جزء عم، معجم مصطلحات علوم القرآن).

بيانات الكتاب:

اسم الكتاب: البيان في علوم القرآن.

 المؤلِّف: الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع.

 الناشر: دار تفسير للنشر والتوزيع - الرياض - المملكة العربية السعودية.

 الطبعة الأولى: 1443هـ= 2022م.

 عدد الصفحات: 516 صفحة.

السبب الباعث على التصنيف:

الكتاب -كما ذكر المؤلِّف- عبارة عن مجموعة من الموضوعات المتنوّعة والمحرّرة في علوم القرآن، سبق من الكاتب إلقاؤها على طلاب قسم القرآن وعلومه في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم خشي عليها الضياع فرغب في طباعتها ونشرها رجاء الانتفاع بها والإفادة منها للطلاب وعموم القرّاء، وأن تكون صدقة جارية من العلم الذي يُنتفع به لخدمة كتاب الله -جلّ وعلا-.

منهج الكتاب:

يفتتح المؤلِّفُ كلّ مبحث من مباحث الكتاب بعرض التعريفات الخاصّة به لغةً واصطلاحًا، ثم يبيّن فوائد دراسة هذا العلم وأهميته ونشأته وأهم الكتب المؤلَّفة فيه، ومن ثَمَّ يبدأ في عرض التفاصيل، ويبيّن الآراء المختلفة حول كلّ مبحث، ثم يوضح الرأي الراجح طبقًا للدليل لديه -إن لزم الأمر-، وقد يشير في نهاية بعض المباحث إلى أهم الملاحظات الواردة فيها أو يردّ على شُبهة مشهورة تعترضها.

القسم الثاني: محتويات الكتاب:

جاءت محتويات الكتاب في واحد وعشرين فصلًا، بدأها الكاتبُ بالتعريف بعلوم القرآن وفائدته وشرف علومه، ثم طفق بعدها في بيان عشرين مبحثًا من مباحث علوم القرآن، كالآتي:

1- الوحي:

تناول فيه الكاتبُ تعريفَ الوحي لغةً واصطلاحًا، واستخدامات كلمة الوحي في القرآن الكريم، ثم بيّن أقسام وحي الله تعالى إلى رُسله وكيفيته.

2- نزول القرآن الكريم:

بُدِئ هذا المبحث ببيان بعض النواحي اللغوية من معنى النزول لغةً، والفرق بين الإنزال والتنزيل. ثم تناول عددًا من الموضوعات الخاصة بهذا المبحث، منها: (حِكَم وفوائد نزول القرآن مفرَّقًا، وقت نزول القرآن الكريم، مدّة نزول القرآن، يوم إنزال القرآن، شهر إنزال القرآن، ومقدار التنزيل).

3- أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن الكريم:

ويضمّ هذا المبحث: (أقوال العلماء في أول ما نزل من القرآن على الإطلاق، وآخر ما نزل من القرآن الكريم، ثم ترجيح الأقوال في آخر ما نزل، بعض الإشكالات المدفوعة، أوائل وأواخر مقيدة، وفوائد هذا المبحث).

4- أسباب النزول:

وفيه تناوَل الكاتبُ بالبحث: (أهمية معرفة أسباب النزول، المؤلَّفات فيه، تعريفه، طريق معرفته، عناية الصحابة والتابعين بأسباب النزول، فوائد معرفة هذا المبحث، صِيَغ أسباب النزول، أقسام أسباب النزول، وتكرار النزول).

5- جمع القرآن الكريم:

وهو أطول مباحث الكتاب، تناول فيه الكاتبُ عددًا كبيرًا من الموضوعات، من أبرزها: (حفظ الصحابة -رضي الله عنهم- للقرآن الكريم، جمع القرآن الكريم في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جمع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، الجمع العثماني، الفرق بين الجموع الثلاثة للقرآن، مصير المصاحف العثمانية الآن، شُبَه مردودة، الجمع الصوتي للقرآن في العصر الحديث).

6- نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف:

تطرّق هذا المبحث إلى أربعة موضوعات: (أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف، أشهر الأقوال في معنى الأحرف السبعة، هل المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف؟ الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف).

7- المكي والمدني في القرآن الكريم:

حيث بَيّن الكاتبُ أهميةَ هذا المبحث، والمؤلَّفات فيه، وتعريف المكي والمدني، وضوابط كلٍّ من المكي والمدني، ثم ختَمه بفوائد المعرفة به.

8- قصص القرآن الكريم:

تناوَل هذا المبحثُ معنى القصص لغةً واصطلاحًا، والمؤلَّفات فيه، ثم بيّن الكاتبُ أنواعَ القصص في القرآن الكريم، وفوائد القصص القرآني، والمغزى من تكرار بعضه في القرآن الكريم، ثم اختتم المبحث بالردّ على شُبهة تاريخية القصص القرآني).

9- أمثال القرآن الكريم:

وضمّ هذا المبحث ثلاثة موضوعات؛ (المؤلَّفات في أمثال القرآن، تعريف المثل، أنواع الأمثال في القرآن).

10- القسَم في القرآن الكريم:

وفيه: (المؤلَّفات في القسَم، تعريف القسَم وحروفه وأنواعه، صيغة القَسم وأركانه، أحوال المقَسم عليه وهو جواب القَسم، اجتماع الشرط والقَسم، حذف القَسم وجوابه، بماذا يُقسِم الخالق والمخلوق؟ دخول لا النافية على فعل القسم، المقسَم به في القرآن الكريم).

11- الجدل في القرآن الكريم:

يتضمّن هذا المبحث: (الجدل في اللغة والاصطلاح، المؤلّفات فيه، أنواعًا من مناظرات القرآن الكريم وطرق استدلاله، وبعضًا من مواضيع الجدل في القرآن).

12- التقديم والتأخير في آيات القرآن الكريم:

وقد تحدّث الكاتب في هذا المبحث عن أسباب التقديم والتأخير في بعض آيات القرآن الكريم.

13- موهم الاختلاف والتعارض في القرآن الكريم:

حيث أشار الكاتبُ إلى أهم المؤلّفات الواردة في هذا المبحث، والأسباب الموهمة للاختلاف، مع الردّ على أبرز الشبهات.

14- العام والخاصّ:

وفيه: (صيغ ألفاظ العموم، أقسام العام، الفرق بين العام المراد به الخصوص والعام المخصوص، العطف على العام، ورود العام على سبب خاصّ، تعريف الخاصّ وبيان المخصّص، تخصيص السُّنَّة بالقرآن).

15- المطلق والمقيّد:

وفيه أشار الكاتب إلى أحكام المطلق والمقيّد من خلال بعض الأمثلة القرآنية، ثم أوضح في نهاية المبحث فائدة حمل المطلق على المقيد.

16- المنطوق والمفهوم:

وفيه: (المنطوق وأقسامه، والمفهوم وأقسامه، وحجية مفهوم المخالفة).

17- المحكم والمتشابه:

وفيه: (الإحكام العام والتشابه العام، الإحكام الخاصّ والتشابه الخاصّ، هل يمكن معرفة المتشابه؟ التأويل المذموم، من حِكَم ذِكْر المتشابه، أقسام المتشابه من جهة منشئه، المتشابه اللفظي).

18- النَّسْخ في القرآن الكريم:

وهو ثاني أطول المباحث في الكتاب، وقد اعتنى به الكاتب عناية كبيرة، حيث بيّن المؤلِّف: أهمية علم الناسخ والمنسوخ، والفرق بين مفهوم النَّسْخ عند السَّلَف ومفهومه المعاصر، وشروط النَّسْخ وحقيقته وأهم المؤلَّفات الواردة فيه، والفرق بين النَّسْخ والتخصيص، وأنواع النَّسْخ في القرآن الكريم، ثم جدول للآيات المنسوخة والناسخة.

19- ترجمة معاني القرآن الكريم:

وفيه: (تاريخ ترجمات القرآن الكريم، وأقسام الترجمة، والفروق بين الترجمة والتفسير، ونماذج من الترجمات الخاطئة، وحُكم القراءة في الصلاة بغير العربية).

20- إعجاز القرآن الكريم:

وفيه عرض الكاتب عدّة محاور، منها: (شروط المعجزة، وأنواع المعجزات، والقَدْر المعجز من القرآن الكريم، الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن، الإعجاز العلمي في القرآن، الإعجاز التشريعي للقرآن، والآراء الواردة في القول بالصَّرْفَة، والإعجاز في كتب أهل السُّنّة وغيرهم من الفِرَق، وإعجاز القرآن في دراسات المعاصرين).

القسم الثالث: أهمية دراسة الكتاب:

يُعتبر كتاب (البيان في علوم القرآن) من أفضل كتب علوم القرآن المعاصرة التي تستهدف عموم القرّاء والفئة المبتدِئة والمتوسّطة من طلبة العلم؛ وذلك لعدّة أسباب، أهمها:

1- عنايته بعرض التعريفات والمصطلحات قبل الخوض في تفاصيل كلّ مبحث، مع الإشارة إلى اختلاف معنى المصطلح بين المتقدِّمين والمتأخِّرين -إن وُجِد- كما حدث في مبحث النسخ.

2- الاهتمام ببيان فوائد دراسة كلّ مبحث؛ مما يعزّز استيعاب الموضوعات.

3- عرض أبرز الكتب المؤلَّفة في كلّ مسألة؛ للإحالة إليها لمن أراد التوسّع.

4- استخدام أسلوب التنزيل على الواقع؛ فنجد الكاتب ينزل مسائل علوم القرآن على حوادث الواقع المستجدّة. مثل: ربط الكاتب تدرّج الشارع في تحريم الخمر بحلّ مشكلة انتشار المخدرات في المجتمعات المعاصرة[1]. ومطالبة الكاتب بضرورة الاستفادة من أسباب النزول في معالجة مشكلات المجتمعات، من خلال تنزيل أحداثها على الوقائع المعاصرة[2].

5- التحصين بلا تكدير؛ حيث يعتمد الكاتب في أغلب كتابه على إقامة بناء تحصيني للقارئ ضد الشبهات المنتشرة دون أن يلج بابها، أي أنه لا يتبع الأسلوب التقليدي بعرضِ الشُّبهة ثم يردّ عليها، ولكنه يُورد الردّ بداءةً في قالب معلوماتي ثم يشير إشارة سريعة في نهاية كلامه إلى الخطأ المراد تصحيحه من خلال تلك المعلومات، وهو أسلوب ممتاز مع فئة عموم القرّاء وطلاب العلم المبتدئين. ومثال ذلك: تعامله مع مسألة شدائد الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيفية أخذِ البشر عن الملَك[3].

الخاتمة:

 قدّمنا فيما سلف عرضًا تعريفيًّا بكتاب (البيان في علوم القرآن) للأستاذ الدكتور/ محمد الشايع، فعرّفنا بالمؤلِّف وذكرنا سبب تأليفه للكتاب ومنهجه فيه، وبينّا محتويات الكتاب وجانبًا من أسباب أهميته، وغير ذلك، وأودّ أن أُشير إلى أنّ الكتاب عظيم النفع غزير الفائدة لطلبة العلم -وبالأخصّ الفئة المبتدِئة والمتوسطة-. فأسأل اللهَ أن يتقبّله من فضيلة الدكتور محمد الشايع قَبُولًا حسنًا، وأن يجعل هذه المقالة خالصة لوجهه الكريم، وأن يشمل بمدده وعونه كلَّ ساعٍ في خدمة دينه وكتابه، والحمد لله ربّ العالمين.

 

[1] راجع: البيان في علوم القرآن، ص54.

[2] راجع: البيان في علوم القرآن، ص107.

[3] راجع: البيان في علوم القرآن، ص23.

الكاتب

هند الورداني

حاصلة على ماجستير العلوم البيطرية - جامعة الإسكندرية، ولها بعض الأعمال المنشورة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))