هل أنهت الحداثة تعدّد المعنى؟
ملاحظات على تقبّل تعددية المعنى في التفسير السنّي

المترجم : حسام صبري
في هذه المادة يحاول كوبينز تسليط الضوء على قضية تعدّد المعنى التفسيري ومدى قبولها قديمًا وحديثًا، وذلك من خلال تتبّع المعاني المذكورة في الآية (11) من سورة النجم وتحليل كيفيات تعامل المفسِّرين معها في القديم والحديث.

  حاول الكثير من الدارِسين في تناولهم للتراث الإسلامي الطويل، إبراز هذا التنوّع الذي ينطوي عليه من حيث المعارف والمنهجيات والرؤى، في محاولة للخروج من التنميط المعاصر لهذا التراث، في هذا السياق تبرز مثل كتابات توماس باور وشهاب أحمد، والتي تحاول إرجاع الأحادية في التصوّرات والمناهج والرؤى لسياقات حديثة تتعلّق بنشأة ما يسميه باور العقلية الديكارتية.

في هذه الورقة يحاول كوبينز أن ينطلق من هذه الرؤى ويستعين بها في فهم موقف التراث التفسيري من تعدّد المعنى، والميل المعاصر للتقليل من هذا التعدّد، والاتجاه نحو القول بمعنى واحد للنصّ القرآني، في هذا السياق يدرس حالة التعامل التفسيري التراثي والمعاصر مع آيات سورة النجم المتعلّقة برؤية النبي ﷺ لله، فيحاول تتبّع مسألة قبول التعدّد ونفيه في تفاسير ما قبل الحداثة والتفاسير التي صدرتْ في السياق الحديث.

وللوقوف على أسباب هذه الظاهرة، أي الانتقال من قبول تعدّد المعنى إلى تحديد معنى واحد والاكتفاء به، لا يتوقف كوبينز عند الأسباب التي أوردها باور وأحمد وغيرهما،  بل يحاول الوقوف على الأسباب الأقرب للعملية التفسيرية ذاتها ولطبيعة تدريس التفسير وصِلته بالمذاهب الكلامية وظهور المطبعة وتراجع الاهتمام بالحواشي -التي مثّلتْ مرحلةً من الإبداع كما يؤكّد- وكذلك المركزية الكبيرة التي اتخذها التفسير الموضوعي.

إنّ أهمية هذه الورقة تكمن في إثارة قضية مهمّة هي الجدل بين قبول تعدّد المعنى وانحساره، وتتبّع واقعه في التراث وفي السياق المعاصر، مع محاولة تسليط الضوء على الأسباب التي تؤدّي لقبول تعدّد المعنى أو انحساره بدرجات مختلفة في التراث أو في العصر الحديث، ما بين ما يتعلّق بالأُطر الكلامية والمنهجية وما يتعلّق كذلك بسياقات حضور النصّ التفسيري ونمطه ودوره، ومن ثم فإنّ اطلاع القارئ العربي على أمثال هذه المقاربات الغربية لمثل تلكم القضايا التفسيرية ونتائجها يبدو مهمًّا في سياق التعرّف على الطّرح الاستشراقي ومعالجاته للتفسير وقضاياه.

المؤلف

بيتر كوبينز - PIETER COPPENS

أستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية في جامعة فريي الهولندية، تتركّز اهتماماته في تاريخ التصوّف وتاريخ التفسير، خصوصًا تاريخ وأصول نشأة التفسير المعاصر.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))