دعوى فهم القرآن في ضوء مناهج العلوم الإنسانية الغربية؛ منطلقاتها وحقيقتها وآفاقها

ترعرعت دعوى فهم القرآن في ضوء مناهج العلوم الإنسانية الغربية في أحضان الاستشراق باعتبارها تطويرًا لمنهج فهم القرآن اعتمادًا على أدوات معرفية حديثة في مجال تفسير النصوص عامة، ويأتي هذا البحث مناقشًا هذه الدعوى، بالنظر في منطلقاتها وحقيقتها وآفاقها.

  يعرض هذا البحث لدعوى ترعرعت خلال العقود الأخيرة في أحضان المستشرقين المهتمين بالدراسات القرآنية، وقد قُدِّمت مِن قِبَلِهم على أنها تطوير غربي لمنهج فهم القرآن اعتمادًا على أدوات معرفية حديثة مأخوذة مما تزخر به البيئة الثقافية والفلسفية الغربية من نظريات تطبّق في مجال تفسير النصوص عامة.

ولأن الأدبيات المنشورة في الموضوع كثيرة، فإن هذا البحث حرص على تقريب الدعوى من القارئ في دراسة تقويمية مجملة في ثلاث نقاط رئيسة:

الأولى: منطلقات هذه الدعوى من أقسام الدراسات الشرقية بالجامعات الأوروبية، حيث تمت المناداة بتبني المناهج التي اعتمدها أساتذة اللاهوت هناك في دراساتهم الحديثة لتراثهم الديني، وذلك بنقلها إلى مجال فهم القرآن الكريم، وقد عرض البحث لنشأة الدعوى، ثم لتطوّرها خاصة في مرحلة الدراسات العليا بهذه الجامعات.

النقطة الثانية: حقيقتها، وترجع إلى خلفيتها الفلسفية، وقد بيَّن البحث كيف أن هذه الدعوى المنسوبة إلى فهم القرآن تنطلق من خلفية الاستعلاء الغربي، حيث يريد هؤلاء المستشرقون أن يصبحوا منظِّرين لما يجب أن يكون عليه منهج فهم القرآن، ولذلك حرصوا على تكوين عدد من المنتسبين إلى العالم الإسلامي في هذا المجال، والغاية من هذا الجهد التأكيد على المركزية الأوروبية Eurocentrisme بالنسبة للمسلمين حتى في مجال فهم القرآن.

النقطة الثالثة: آفاق الدعوى، وقد اهتم البحث بإبراز جانب من التقدير الإلهي الحكيم الذي اقتضى أن تتحول قلاع هذه الدعوى بالجامعات الغربية اليوم إلى أطلال مثل ديار عاد وثمود، ولم يبقَ من آثارها إلا جملة مصطلحات فلسفية لا زال بعض المؤلفين عن القرآن من دعاة الحداثة في العالم الإسلامي يردِّدونها بسبب ما توحي به مخيلتهم من فهم عميم لثقافة ظنوها سُلَّمًا للاستعلاء والمعرفة الحديثة.

المؤلف

الدكتور عبد الرزاق هرماس

أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب، جامعة ابن زهر – المغرب.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))