التطور والتجديد في الدرس اللغوي والبلاغي للقرآن الكريم؛ الأسس والمحاذير والمجالات
طارق سعد شلبي
يعرض هذا البحث لبناء تصوّر جامع بين الأسس النظريّة ومعالم التطبيق في مجال الدرس اللغوي والبلاغي للقرآن الكريم، بما يفيد من التطوّر الذي أنجزه الدرس البلاغي واللساني في عصرنا من ناحية، ويحقق الامتداد والتواصل مع عطاء السلف في تراثنا من ناحية أخرى.
يقع هذا البحث في ثلاثة أقسام، يضم كلّ قسم منها بعض المباحث الجزئية؛ جاء أولها بعنوان: (منطلقات تناول ومعالم منهج)، وفيه كشف عن الأسس العامة التي قام عليها البحث، والأهداف المرجُوَّة منها، وعرض الصلة بين التجديد في الدرس القرآني وآفاق الدور الحضاري والدعوي للأمة، وأشار إلى أبرز التحديات الثقافية والحضارية التي تواجهها أمّتنا وانعكاسها على الدّرس القرآني، وناقش ادعاءات ودعوات تتعلَّق بالإعراض عن مدارسة النصّ القرآني، أو اقتحام تناوله دون التزوّد بالأدوات المنهجية اللازمة، أو الدعوة إلى الإعراض عن منجزات الدّرس القرآني القديم، وكذا إلى الاكتفاء به دون تجديد، وقد كشف هذا القسم عن مخاطر الانسياق وراء هذا كلّه فيما يتعلّق بصِلَتنا بكتاب الله، وفيما يتصل بوعينا بلغتنا، وناقش مدی ملاءمة الدرس الأسلوبي لتناول القرآن الكريم، وجاء ختامه عرضًا لأهداف البحث وغاياته.
أما القسم الثاني فيرصد المحاذير المنهجية التي توجبها خصوصية القرآن الكريم عند درسه، وهي تتّصل بطبيعة النظر إلى الأدوات والقواعد اللغوية والبلاغية، وبكون الدلالة القرآنية أرحب من الظرف التاريخي، فهي لا تنحصر في أسباب النزول، وبتحديد معيار المكي والمدني، وبوجوب الصدور عن ترتيب المصحف.
وجاء آخر أقسام الدراسة عرضًا لكيفية مدارسة النصّ القرآني اعتمادًا على أدوات اللغة والبلاغة؛ فاستعرض القسم هذه الأدوات مبرزًا عناية القدماء بكثيرٍ منها، وكشف عن ارتباط الدرس الأسلوبي للقرآن بالنظر الكلي، وخصوصية تناول العدول في آيات القرآن، والموقف من الإحصاء، واستعرض مستويات الأسلوب التي يؤول إليها التحليل، ممثلًا على كلِّ مستوى منها بطائفة من الأمثلة الدالة؛ وأوضح كيفية رصد الدلالة اعتمادًا على قرائن السياق.
والبحث في مجمله محاولة لعرض تصوّر جامع بين الأسس النظرية ومعالم التطبيق بما يفيد من التطوّر الذي أنجزه الدرس البلاغي واللساني في عصرنا من ناحية، ويحقق الامتداد والتواصل مع عطاء السلف في تراثنا من ناحية أخرى.