مصادر علم توجيه القراءات

يُعَدّ علم توجيه القراءات من أهم العلوم التي يحتضنها علم القراءات، وهذه المقالة تُسَلِّط الضوء على أهم مصادر علم توجيه القراءات ومؤلفاته وأقسامها، مع ضرب أمثلة تطبيقية تحت كلّ قسم، وتُقَدِّم بعض التوصيات للباحثين في هذا الميدان الرحب.

مصادر علم توجيه القراءات[1]

  إنّ العلومَ وإن اختلفت أصولها، وتباينت مشاربها؛ فإنّ أعظمَها شأنًا، وأرفعَها شأوًا، وأكبرَها مكانةً، وأشدَّها متانةً، وأعلاها ذكرًا، وأغلاها مهرًا؛ ما اتصل بالقرآنِ العظيم، خيرِ كتابٍ، وأعظمِ سِفْرٍ، ولا شك ولا ريب أنّ علمَ القراءات أكثرُ العلوم التصاقًا وتعلّقًا بكتاب الله؛ فهو علمٌ شريف، ومطلب منيف، وإنّ شَرَفَ العلمِ من شَرَفِ المعلوم.

وإنّ من أهم العلوم التي يحتضنها علم القراءات علمَ توجيه القراءات، فتوجيهُ القراءات علمٌ يبيّن وجوهَ القراءة القرآنية، واتفاقَها مع قواعد النحو واللغة؛ تحقيقًا وإقرارًا للركن المعروف للقراءة الصحيحة؛ وهو موافقتها للّغة ولو بوجهٍ، وهو علمٌ جميلٌ، عذبٌ جليلٌ يطير بك في فضاء عِدّة علوم؛ فتارةً يبيّن لك الوجهَ الإعرابيّ، وتارةً يدلف لعلم التفسير، ويتناول الغريب، ويدلّل ويستشهد على ذلك كلّه بآيٍ من القرآن، وبأشعار العرب، وأمثالهم، وأقوالهم؛ فلله درُّه من علمٍ!

وإن أردنا أن نعرف مصادر هذا العلم الأشم فلا محيد لنا ولا مناص من إلماحةٍ يسيرةٍ لبداية هذا العلم، والتدرّج في نشأته حتى استقر علمًا ناضجًا قائمًا على سوقه؛ فعلمُ التوجيه قام على أكتاف عدّة علومٍ: علمِ اللغة، والتفسيرِ، والقراءاتِ؛ وقد بدأ هذا العلم بالتوجيه الفرديّ، أي: بآراء فرديةٍ مشهورةٍ، سواء من الصحابة، أو من بعض القراء المشهورين.

ولذلك أمثلةٌ كثيرة، أذكر منها:

1. ما روي عن ابن عباس أنه قرأ: (نُنْشِزُهَا) بالراء، من قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}[البقرة: 259]، واحتج بقوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ}[عبس: 22].

2. احتجاج الإمام أبي عمرو -إمام العلماء وكهفهم-؛ فقد حدّث المازني عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقرأ: {لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}؛ فسألته عنه، فقال: هي لغة فصيحة، وأنشد قول المُمَزِّق العَبْدِيّ:

وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلِي إِلى جَنْبِ غَرْزِهَا .. نَسِيفًا كَأُفْحُوصِ القَطَاةِ المُطَرِّقِ

إلى غير ذلك من الأمثلة الموجودة في مظانها.

ثم بدأَتْ بعد ذلك مرحلة التدوين في علم التوجيه؛ فشَرَعَتْ بتدوين تضميني، ثم ارتقَتْ لتدوين استقلالي.

نخلص من هذا إلى أن المصادر والمؤلفات في علم التوجيه تنقسم عمومًا إلى ضربين:

الضرب الأول: آراء وإلماحات في توجيه القراءات دُوِّنت تضمينًا وهي منثورة في بطون الكتب؛ والكتب التي احتفلت وربأت بالاحتجاج للقراءات يُمكن حصرها كالآتي:

أولًا: كتب اللغة:

إنّ أول كتاب تشخص إليه الأبصار في مجال توجيه القراءات من كتب اللغة هو كتاب سيبويه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر (ت 180)؛ فهو كتاب ناجع، وسِفر ماتع؛ قد احتفل بآراء احتجاجية، وفوائد توجيهية للأحرف والقراءات؛ فهو يُعَدّ النواة الأولى التي انطلق منها من ألّف في الاحتجاج بعد ذلك؛ فهو معتمدهم ومستندهم في تواليفهم.

ومن أمثلة الآراء الاحتجاجية في كتاب سيبويه:

1. قوله: «سألت الخليل عن قوله: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[المنافقون: 10]، فقال: هذا كقول زهير:

بَدا ليَ أنّي لستُ مُدْرِكَ ما مَضى .. ولا سابقٍ شيئًا إذا كان جائيًا

فإنما جرُّوا هذا لأن الأول قد يدخله الباء، فجاؤوا بالثاني وكأنهم قد أثبتوا في الأول الباء. فكذلك هذا، لمّا كان الفعل الذي قبله قد يكون جزمًا ولا فاء فيه تكلّموا بالثاني وكأنهم قد جزموا قبله، فعلى هذا توهموا هذا»[2].

2. قوله: «وبلغَنا أن أهل المدينة يرفعون هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}[الشورى: 51]، فكأنه -والله أعلم- قال الله: لا يكلم الله البشر إلا وحيًا أو يرسل رسولًا أيْ في هذه الحال؛ وهذا كلامه إياهم، كما تقول العرب: تحيتك الضرب وعتابك السيف وكلامك القتل؛ وقال الشاعر: وهو عمرو بن معدي كرب:

وخَيْلٍ قد دَلَفْتُ لها بخَيْلٍ .. تَحِيَّةُ بَيْنهِم ضَرْبٌ وَجيعُ»[3].

إلى غير ذلك من كتب اللغة الأصيلة.

ثانيًا: كتب المعاني:

في صدر القرن الثالث الهجري بدأ العلماء يكتبون في معاني القرآن، وكان مما راموه في هذه الكتب: التفسير اللغوي للأحرف التي اختلف فيها القُرّاء؛ لذلك قد احتوت كتبهم العديد من الإضاءات في توجيه القراءات.

من هذه الكتب: معاني القرآن للفرّاء (ت 207)، ومعاني القرآن للأخفش الأوسط (ت 215)، ومعاني القرآن للزجّاج (ت 311)، ومعاني القرآن للنحّاس (ت 338) إلى غير ذلك.

ومن الأمثلة على توجيه القراءات في كتاب معاني القرآن للفرّاء:

قوله: «قال تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}[الأنعام: 83]، (مَنْ) في موضع نصب، أي: نرفع مَن نشاء درجات؛ يقول: نفضِّل من نشاء بالدرجات؛ ومن قال: {نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ}[الأنعام: 83]، فيكون (مَنْ) في موضع خفض»[4].

ومن الأمثلة على توجيه القراءات في كتاب معاني القرآن للنحّاس:

قوله: «قرئ: {فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: 283]، رُهُن: جمع رِهان؛ ويجوز أن يكون جمع رَهْن، مثل: سَقْف وسُقُف»[5].

ثالثًا: كتب الإعراب:

قد اعتنت هذه الكتب بإعراب القراءات وتوجيهها لغويًّا مما جعلها تحتضن بين طيّاتها توجيهًا واحتجاجًا للقراءات؛ نحو: كتاب إعراب القرآن للنحّاس (ت 338)، ومشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب (ت 437)، وإملاء ما منَّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن لأبي البقاء العكبري (ت 616)، إلى غير ذلك.

رابعًا: كتب التفسير:

إنّ التزاوج بين علمي التفسير والقراءات أمرٌ لا بد منه؛ فإن معرفة المفسِّر للقراءات من الأهمية بمكان؛ وإن الناظر بعين البصر والبصيرة ليجد أن كثيرًا من المفسرين كانوا قـرّاء؛ بل ألّفوا كتبًا في القراءات كـ: ابن جرير، وأبي حيّان، والسمين الحلبي، وغيرهم.

وإنك لتجد في أغلب كتب التفاسير عنايةً تأخذ بالألباب في إيراد القراءات وتوضيحها وتوجيهها، كما في: جامع البيان للطبري (ت 310)، وبحر العلوم لأبي الليث السمرقندي (ت 375)، والكشف والبيان لأحمد بن محمد الثعالبي (ت 428)، والنكت والعيون للماوردي (ت 450)، والوسيط للواحدي (ت 468)، والكشاف للزمخشري (ت 538)، والمحرر الوجيز لابن عطية (ت 546)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ت 671)، والبحر المحيط لأبي حيان (ت 745)، والدر المصون للسمين الحلبي، والتحرير والتنوير لابن عاشور (ت 1393)، إلى غير ذلك؛ فإن في هذه التفاسير وغيرها الجواهرَ الساطعة والدرر اللامعة في توجيههم للقراءات متواترها وشاذّها؛ فعلى طالب القراءات أن يضعها نصب عينيه، وأن يهتم بها، ويحرص عليها.

مثال على توجيه القراءات من كتاب جامع البيان لابن جرير الطبري:

قال: «قوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}[المؤمنون: 20]، اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (تُنْبِتُ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار: (تَنْبُت) بفتح التاء، بمعنى: تَنبت هذه الشجرة بثمَر الدهنِ، وقرأه بعض قرّاء البصرة: (تُنْبِت) بضم التاء، بمعنى تُنبت الدهنَ، تُخرِجه. وذُكِر أنها في قراءة عبد الله: (تُخْرِجُ الدُّهْن)، وقالوا: الباء في هذا الموضع زائدة، كما قيل: أخذت ثوبه، وأخذت بثوبه، وكما قال الراجز:

نَحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أرْبابُ الفَلَجْ … نَضْرِبُ بِالبِيضِ ونَرْجُو بالفَرَج

بمعنى: ونرجو الفرج. والقول عندي في ذلك أنهما لغتان: نَبَت، وأَنْبَت؛ ومِن (أَنْبَت) قولُ زهير:

رأيْتَ ذوي الحاجاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ … قَطِينًا لَهُمْ حتى إذا أَنْبَتَ البَقْلُ

ويُروَى: نَبَت»[6].

خامسًا: شروحات القصيد:

قد استحوذت لامية الشاطبي إعجاب الناس، واستولت على أقلامهم؛ فصار الناس يتسابقون إلى شرحها، وبيان معانيها، وتوجيه القراءات فيها؛ مما جعل شروحاتها تَسعد بالجليل الجميل في توجيه القراءات؛ ومن شروحات اللامية البارزة التي اهتمت بالتوجيه: فتح الوصيد للسخاوي (ت 643)، واللآلئ الفريدة للفاسي (ت 656)، وإبراز المعاني لأبي شامة (ت 665)، وكنز المعاني للجعبري (ت 732).

ومن الأمثلة على توجيه القراءات من كتاب إبراز المعاني من حرز الأماني لحَسَنة الأيام وشامة الشام أبي شامة الدمشقي:

قوله عند شرحه لقول الناظم:

...وخالصةٌ أصلٌ...

«فوجه الرفع أن يكون (خالصة) خبر المبتدأ الذي هو (هي)، وقوله: (للذين آمنوا) متعلق بالخبر، و(في الحياة) معمول (آمنوا)؛ أي: هي خالصة يوم القيامة للمؤمنين في الدنيا، ويجوز أن يكون (للذين آمنوا) خبر المبتدأ، (وخالصة) خبر بعد خبر، و(في الحياة الدنيا) معمول الأول، أي: استقرت في الدنيا للمؤمنين وهي خالصة يوم القيامة، و(خالصة) بالنصب على الحال، أي: هي للمؤمنين في الدنيا على وجه الخلوص يوم القيامة بخلاف الكافرين؛ فإنهم وإنْ نالوها في الدنيا فما لهم في الآخرة منها شيء»[7].

الضرب الثاني: التصنيف المستقلّ في علم توجيه القراءات:

قد صرف علماء اللغة والقراءات هممهم إلى التأليف والتصنيف في توجيه القراءات؛ وخاصةً بعد صنيع ابن مجاهد في تسبيع السبعة؛ فأثمر ذلك صدورَ مؤلَّفات جليلة القدر خالدة الذِّكْر في توجيه القراءات متواترِها وشاذِّها ومفردِها؛ لكن قد يسأل سائل: مَن أول مَنْ ألّف في توجيه القراءات؟

يقول أهل التحقيق: إنّ أول من تتبَّع وجوه القراءات والشاذّ منها هو عبد الله هارون بن موسى الأزدي العتكي الأعور المتوفى نحو 170 من الهجرة في كتابه الموسوم بوجوه القراءات.

يقول أبو حاتم السجستاني: «كان أول مَن سمع بالبصرة وجوه القراءات وألّفها وتتبّع الشاذّ منها فبحث عن إسناده؛ هارون بن موسى الأعور، وكان من القرّاء»[8].

ثم تتابعت وانهالت التواليف في الاحتجاج للقراءات بعد ذلك؛ وإنّ المقام لا يتسع لبسطها، والوقتَ لا يسمح بعرضها كاملة؛ ولكني -قبل أن ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامي- سأعرض في مقامي هذا المؤلفاتِ المطبوعةَ مرتبةً حسب تاريخ وفيات أصحابها:

1. إعرابُ القراءات السبع وعللُها لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي (ت 370).

2. الحجة في القراءات السبع لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي (ت 370).

3. علل القراءات لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت 370).

4. الحجة للقراء السبعة لأبي علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي (ت 377).

5. المحتَسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 392).

6. حجة القراءات لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة (ت نحو 403).

7. الكشف عن وجوه القراءات السبع لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437).

8. شرح الهداية لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت نحو 440).

9. الموضح لمذاهب الأئمة واختلافهم في الفتح والإمالة لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت 444).

10. الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار لأحمد عبيد الله بن إدريس (من علماء القرن الخامس).

11. الجمع والتوجيه لما انفرد به الإمام يعقوب الحضرمي لأبي الحسين شريح بن محمد الرعيني (ت 539).

12. كشف المشكلات وإيضاح المعضلات لأبي الحسين علي بن الحسين الباقولي الأصبهاني المعروف بجامع العلوم (ت 543).

13. مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني لأبي العلاء الكرماني (ت بعد 563).

14. الموضَح في وجوه القراءات وعللها لنصر بن علي الشيرازي المعروف بابن أبي مريم (ت 565).

15. شرح العنوان لعبد الظاهر بن نشوان الجذامي (ت 649).

16. تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن لأبي جعفر أحمد بن يوسف الرعيني (ت 779).

17. إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر لأحمد بن محمد الدمياطي الشهير بالبنّا (ت 1117).

أمّا المؤلفات المعاصرة في علم التوجيه فهي كثيرة ووفيرة؛ وجُلّ اعتمادها على كتب المتقدمين؛ أذكُر منها ما اشتهر وابتكر:

1. القراءات الشاذة وتوجيهها من لغات العرب للشيخ عبد الفتاح القاضي (ت 1403).

2. طلائع البِشْر في توجيه القراءات العَشْر لمحمد الصادق قمحاوي.

3. المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة، والمستنير في تخريج القراءات المتواترة؛ كلاهما للدكتور محمد سالم محيسن.

4. توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية للدكتور عبد العزيز الحربي.

إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة.

وثمة ملحظٌ يحسن التنبيه عليه، والإشارة إليه؛ وهو أن موارد، وطرائق، وأنواع التوجيه والاحتجاج للقراءات متنوعة؛ فتارةً يكون التوجيه بالنظائر، وتارةً بالتفسير، وتارة بالسياق، وتارة بالرسم، وتارة بالأحكام الفقهية، وتارة بالنحو، وتارة بالصرف، وتارة بأقوال العرب ولغاتهم، وتارة بشواهدهم الشعرية، إلى غير ذلك من الموارد التي اعتمد عليها واستند بها المؤلفون في توجيههم للقراءات؛ وإنّ لكلّ كتاب من كتب التوجيه المتقدمة المعتمدة منهجًا راقيًا مشى عليه مؤلِّفه؛ فبعضهم اهتمّ بالتوجيه بالنظائر، وبعضهم اهتم بالاحتجاج بالسياق، وبعضهم احتفل كتابه باللغة وأشعار العرب، إلى غير ذلك من المسالك؛ لكنّ المقام لا يسمح ببسط ذلك.

وختامًا: إني لأوصي المنشغلين في سلك هذا العلم الأشمّ -علم القراءات- الوالجين حِماه، الخائضين غماره؛ أوصيهم بعظيم الرعاية، وشديد العناية بعلم توجيه القراءات؛ فإنه ما زال مفتقرًا للعديد والمزيد من الدراسات والأبحاث العلمية.

وإني أقترح عليهم ثلاثةَ أمور:

أولًا: تحقيقُ المخطوطات المصنّفة في علم التوجيه التي ما زالت حبيسةَ المكتبات جليسةَ الرفوف.

ثانيًا: سَلُّ، واستخراجُ، وجمعُ، ودراسةُ ما يتعلّق بتوجيه القراءات من أحد كتب اللغة، أو المعاني، أو التفسير، أو الإعراب، أو شروحات الشاطبية السالفة الذِّكر بعد التحقّق من عدم طرحه كرسالة علمية.

ثالثًا: جمعُ ودراسةُ أحد موارد التوجيه بعد التحقّق من عدم طرحه كرسالة علمية؛ فمثلًا يجمع التوجيه بالنظائر، أو التوجيه بالسياق أو... ويدرس ذلك.

هذا ما تيسّر إعداده، وتهيّأ إيراده؛ سائلًا الله أن يصلح نياتنا وأعمالنا إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

هذا.. والله أعلم وأحكم، وصلى الله على رسول الله.

 

 


[1] نُشرت هذه المقالة بملتقى أهل التفسير بتاريخ 6/ 4/ 1433هـ - 26/ 5/ 2012م، وأصلها ورقة العمل التي أُلقيت ضمن فعاليات ملتقى الدراسات العليا الرابع في الجامعة الإسلامية برعاية قسم القراءات في الجامعة بالتعاون مع مركز تفسير بالرياض. (موقع تفسير).

[2] الكتاب، سيبويه، مكتبة الخانجي، القاهرة، (3/ ‏100).

[3] نفسه، (3/ ‏50).

[4] معاني القرآن، الفراء، دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر، (2/ ‏52).

[5] معاني القرآن، النحاس، جامعة أم القرى- مكة المكرمة، (1/ ‏325).

[6] جامع البيان، ابن جرير، مؤسسة الرسالة، ت: شاكر، (19/ ‏23).

[7] إبراز المعاني من حرز الأماني، أبو شامة، دار الكتب العلمية، (1/ 473‏).

[8] غاية النهاية في طبقات القراء، ابن الجزري، مكتبة ابن تيمية، (2/ ‏348).

الكاتب

الدكتور سعيد إبراهيم النمارنة

حاصل على الدكتوراه من قسم القراءات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وله عدد من المشاركات العلمية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))