نحو الفلسفية القرآنية
البنية والمعنى في القرآن

المترجم : مصطفى هندي
في هذه المقالة يحاول كامبانيني تقديم قراءة للقرآن ككتاب فلسفي، بالمعنى الذي يقصد هيدجر وجادمر، أي: ككشفٍ عن المطلق، وفي هذا السياق يستفيد من المنهج الفلسفي البنيوي، كما يستفيد من المنجزات المعاصرة في الألسنيات والنقد الأدبي، ملقيًا الضوء على بعض مساحات التفسير الفلسفي للقرآن في التراث الإسلامي، وكذلك على بعض المحاولات العربية المعاصرة لقراءة القرآن ذات الطابع الفلسفي والألسني.

  يحاول الباحث الإيطالي ماسيمو كامبانيني في هذه المقالة أن يقدّم ما يعتبره رؤية جديدة للنظر إلى النصّ القرآني، حيث يودّ الاستفادة من الفلسفة الظاهراتية والتأويلية في محاولة تسليط ضوء فلسفي على النصّ القرآني، ولا يقصد كامبانيني إخضاع القرآن للنقاشات الفلسفية، بل يقصد النظر إليه ككتاب فلسفي بالمعنى الهيدجري والجادمري، أي: باعتباره كشفًا عن المطلق، ويرى أن هذه الطريقة في النظر للقرآن ليست بقدرٍ ما معهودة لو قُورنت بالنظر للقرآن ككتاب أدبي على سبيل المثال.

من أجل هذا يقدّم كامبانيني هنا قراءة بنيوية للقرآن، ويقصد بنيوية بالمعنى الفلسفي لا اللغوي؛ لذا يفصل محاولاته عن محاولات الجرجاني قديمًا، أو بعض المحاولات المعاصرة مثل محاولات إصلاحي وفضل الرحمن مالك وغيرهما، كما يحاول الاستفادة من القراءة الفينومينولوجية التي قدّمها حسن حنفي، والقراءة الألسنية التي قدّمها نصر حامد أبو زيد في بلورة قراءته البنيوية للقرآن.

من هنا ينظر كامبانيني للقرآن كلغة ينبع منها كلام عبر التأويل، ويخضع القرآن لعددٍ من المصطلحات والتفريقات اللسانية والأدبية المعاصرة، مثل مقولة موت المؤلف، ومقولة استقلال النصّ، ومقولات اللسان واللغة والكلام.

إنّ ما يميّز مقالة كامبانيني هو كونها تمثّل اشتغالًا مختلفًا عن معظم الاشتغال الاستشراقي من المهم أن يعرفه المتخصصون ويطّلعوا عليه، حيث نجد محاولة لتشغيل منهج مغاير في النظر للقرآن، واستفادة موسّعة من الفلسفة المعاصرة ورؤيتها الخاصّة للحقيقة، كما أنها تلقي ضوءًا على بعض مساحات التراث الإسلامي في تناول القرآن مثل التفسير الفلسفي، وكذا تقدّم قراءة في بعض القراءات المعاصرة العربية والإسلامية للقرآن في سياق مختلف هو سياق (القرآنولوجي الفلسفي) -بحسب تعبير كامبانيني-، أو الفلسفية القرآنية.

المؤلف

ماسيمو كامبانيني - Massimo Campanini

مؤرخ إيطالي تتركّز اهتماماته في تاريخ الشرق وخصوصًا الإسلام، أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة فيتا سالوت سان رافاييل إلى عام 2013، وأستاذ مشارك في تاريخ الدول الإسلامية بجامعة ترنتو إلى عام 2016، تتركّز اهتماماته في الدراسات القرآنية والتصوف والفلسفة الإسلاميَّيْن.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))