بعض المظاهر (شِبه الكتابية)
في قصة هاروت وماروت

المترجم : مصطفى الفقي
في هذه الورقة يدرس جون ريفز قصة هاروت وماروت في بعض التقاليد السابقة على القرآن واللاحقة عليه، ويعطي أهمية خاصّة لـ(النصوص شِبه الكتابية)، موظفًا ذلك في استكشاف البناء الخاصّ للقصة القرآنية وعلاقتها بمجمل السردية الإسلامية عن خلق آدم والملائكة والصراع مع إبليس.

  لدراسات الكتاب المقدّس في السياق الغربي وتطوّرها من حيث الأدوات المنهجية أو من حيث المدونة المدروسة أثره على دراسات القرآن الغربية وخصوصًا في تلك المساحة الخاصّة بدراسة الصلة بين القرآن والكتاب المقدّس، حيث يوفّر تطوّر المناهج أدوات أكثر كفاءة لدراسة هذه الصلة، وحيث يوفر استكشاف مصادر أكثر تنوعًا إمكانية للوقوف على الإضافات القرآنية الخاصّة للقصص والشخصيات المشتركة، سواء من حيث المضامين أو من حيث البناء السردي المرتبط بالمقصد القرآني الأعم من إيرادها.

وبعد أن نشرنا في هذا الملف عددًا من المواد التي برز فيها استخدام منهجيات أدبيّة وكتابية في سبيل استيضاح هذه العلاقة بين القرآن والكتب السابقة وكيفية إعادة تركيبه لهذا القصص وفقًا لبنيته الخاصّة سرديًّا ومضمونيًّا؛ نترجم هذه الورقة لجون سي ريفز والتي يظهر فيها أثر التوفّر على مصادر أكثر اتساعًا من الكتب السابقة على القرآن والتي تتجاوز التراث القانوني المكتوب أو المدون إلى التقاليد (شِبه الكتابية)، والتي تشمل تلك المخطوطات المكتشفة في وادي قمران، والتي تسبق عمليات تقنين الكتاب المقدّس في بيان البناء الخاصّ للقصة القرآنية.

وورقة ريفز تدور بالأساس حول قصة هاروت وماروت، وعبر جهد فيلولوجي يعتمد المقارنة بين التقاليد المختلفة لهذه القصة، يحاول ريفز استكشاف بناء القصة في كلّ هذه التقاليد، ويبرز كيف أن القصة القرآنية تشير إلى عدد من الفراغات التي لم تُشِر إليها النصوص الكتابية القانونية، مما يدلّ على بناء خاصّ للقصة.

ثمة عدد من النتائج الجزئية التي يمكن استخلاصها من ورقة ريفز، منها ما يتعلّق بالإسرائيليات المستخدمة في التفسير وكونها لم تكن متوقّفة على الكتاب المقدّس القانوني بل تتعداه لتقاليد شفهية رسمية وغير رسمية، ولكتابات شِبه كتابية.

أمّا النتيجة الأشمل والأهم البارزة في هذه الورقة، فهي تجاوز فكرة الربط بين قصة قرآنية محدّدة وقصة كتابية محدّدة، حيث يستطيع ريفز -عبر استحضار قصص المراقبين السماويين وسفر أخنوخ والملائكة الساقطين والطوفان- أن يموضع قصة هاروت وماروت في سياق أوسع يتعلّق بعلاقة الملائكة بالبشر، والشكّ في قدرة البشر على حفظ عهد الله في الأرض، وهذا شديد الأهمية في استكشاف البناء القرآني لهذه القصة؛ حيث يرتبط بإعادة البناء والسرد الخاصّ لقصة خَلْق آدم واعتراض الملائكة ونزول الأرض، ففي هذا السياق القرآني يتموضع فهم بنائه لقصة هاروت وماروت.

المؤلف

جون سي. ريفز - John C. Reeves

أستاذ الدراسات الدينية بجامعة نورث كالورينا، تتركّز اهتماماته في النصوص الدينية في الشرق الأدنى، وتاريخ الديانات الثنوية القديمة، والتقاليد الدينية الوسيطة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))