صِيَغ سؤالات الصحابة واستشكالاتهم في التفسير

كان الصحابة يَعْرِضون سؤالاتهم واستشكالاتهم في التفسير على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهذه المقالة تتتبّع صِيَغ هذه السؤالات والاستشكالات، مع التمثيل على كلّ منها، والمقالة مستلّة من كتاب (سؤالات الصحابة -رضي الله عنهم- للرسول -صلى الله عليه وسلم- واستشكالاتهم في التفسير).

صيغ سؤالات الصحابة واستشكالاتهم في التفسير[1]

تعدّدت سؤالات الصحابة -رضي الله عنهم- واستشكالاتهم للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في التفسير، وتنوّعت صِيَغها تبعًا لذلك، فبعض هذه السؤالات والاستشكالات جاءت بصِيَغ مباشرة، وبعضها بصِيَغ غير مباشرة.

وعلى هذا يُمكن تقسيم صِيَغ السؤالات والاستشكالات إلى قسمين، يتفرّع عن كلٍّ منهما عدّة أنواع وصِيَغ.

القسم الأول: الصِّيَغ المباشرة:

وهي التي اشتملتْ على ذِكْر بعض الألفاظ التي تدلّ صراحة على وقوع التساؤل أو الاستشكال في الآية.

ويُقْصَد بها هنا نوعان:

النوع الأول: الصِّيَغ التي نقلها راوي الحديث كما وردتْ عن السائل:

وذلك بنقلِ نصّ التساؤل على لسان السائل، والسؤالات التي تُنقل كما وردتْ عن السائل -سواء كان السائل راوي الحديث أو غيره- يستخدم السائل فيها إحدى أدوات الاستفهام.

وهذه الأدوات مختلفة المعاني، إلا أنّها مستوية في الدلالة على السؤال، قال المبرد: «واعلم أنّ حروف الاستفهام مختلفة المعاني، مستوية في المسألة»[2].

وأدوات الاستفهام هي: حروف، وأسماء. أمّا حروفه فهي: الهمزة، وهل، وأَم.

وأمّا أسماؤه فعلى ضربين: ظروف، وغير ظروف:

فالظروف: متى، وأين، وأيّ، وحين، وأيّان، وأنَّى.

وغير الظروف: مَن، وما، وأيّ[3]، وكيف[4]، وكم[5].

ومن هذه الأدوات التي استخدمها الصحابة -رضي الله عنهم-:

1- الهمزة الاستفهامية:

وهي أصل أدوات الاستفهام، وتأتي لطلب الإفهام والتصديق والتصوّر[6].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس أحد يُحاسَب يوم القيامة إلا هَلَك)، فقالت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ [الانشقاق: 7- 8]؟[7].

2- هل الاستفهامية:

وهي مختصّة بطلب التصديق، فالهمزة أعمّ منها[8].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ [مريم: 85]، فقال: يا رسول الله، هل يكون الوافد إلا الراكب؟[9].

3- أين:

وتُستخدم للاستفهام عن المكان[10].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن أبي رزين، قال: قال رجل: يا رسول الله، يقول الله: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾، فأين الثالثة؟[11].

ويريد بذلك -والله أعلم- مكان الإشارة إلى التطليقة الثالثة في الآية.

4- أيّ الاستفهامية:

ويُستفهم بها عن العاقل وغيره، وتقع على شيء هي بعضه[12].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ [التوبة: 108]، قال: يا رسول الله، أيّ المسجدين الذي أُسِّس على التقوى؟[13]

5- مَن الاستفهامية:

وتُستخدم للاستفهام عن العاقل[14].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله، فمَن استثنَى اللهُ حين يقول: ﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [النمل: 87]؟[15]

6- ما الاستفهامية:

وتُستخدم للاستفهام عن غير العاقل[16].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رسول الله، هذا السلام، فما الاستئناس؟ وهو سؤال عن قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النور: 27][17].

7- كيف:

وتُستخدم في السؤال عن الحال[18].

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الأداة:

- ما جاء عن زيد بن أسلم أنّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا أُنزلت هذه الآية: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، قالوا: يا رسول الله، لقد أوقينا أنفسنا، فكيف بأهلينا؟[19]

النوع الثاني: الصِّيَغ التي صرّح فيها راوي الحديث بوقوع التساؤل في الآية:

وذلك باستخدام الأفعال الدالّة على السؤال، دون ذِكْر الأداة التي استخدمها السائل في سؤاله.

ومن هذه الصِّيَغ: سَأَلْتُ، وسَأَلْنَا، وسُئِل، وسَلْهُ.

الصيغة الأُولى: سَأَلْتُ:

تُستخدم هذه الصيغة إذا كان السائل هو راوي الحديث.

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الصيغة:

- ما جاء عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: سألتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39][20].

وقد يُسأل الصحابي عمّا سأل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيبيّن للسائل أنّ الآية المسؤول عنها كانت ممّا سأل عنه النبيَّ.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن عطاء قال: سألتُ ابن عباس -رضي الله عنهما- عن قوله: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: 20]، قال: هذه من كنوز عِلْمي، سألتُ عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[21].

الصيغة الثانية: سَأَلْنا:

تُستخدم هذه الصيغة عند ورود التساؤل عن أكثر من صحابي، سواء سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نفس الآية أكثر من مرّة، أو أنّ الآية أشكلتْ على عدد من الصحابة، فسأل أحدُهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عنها.

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الصيغة:

- ما جاء عن مسروق، قال: سَأَلْنا عبد الله -هو ابن مسعود رضي الله عنه- عن هذه الآية: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: 169]، قال: أمَا إنّا قد سأَلْنا عن ذلك[22].

الصيغة الثالثة: سُئِل:

تستخدم هذه الصيغة إذا كان السائل غير راوي الحديث.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: 54][23].

الصيغة الرابعة: سَلْهُ:

هذه الصيغة من الصِّيَغ التي تُستخدم عند الإنابة والتوكيل في السؤال.

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الصيغة:

- ما جاء عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أن أعرابيًّا أتى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا للأعرابي: سَلْه، مَن قضى نحبه، من هو؟ وهو سؤال عن قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ [الأحزاب: 23][24].

القسم الثاني: الصِّيَغ غير المباشرة:

وهي التي لا يَستخدم السائلُ فيها الصِّيَغ المباشرة من أفعال وأدوات للاستفهام، وإنّما يُعْرَف إشكال الآية على السائل وخفاء معناها من خلال أسلوب السائل وطريقة عرضه.

فمن الصِّيَغ غير المباشرة:

1- الاكتفاء بقراءة الآية على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد مناداته:

ومن الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه الصيغة:

- ما جاء عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ [النساء: 176]؟[25].

فاكتفى الصحابيُّ هنا بقراءة الآية على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد مناداته، دون استخدام أيّ أداة من أدوات الاستفهام، وإنما عُلِمَ سؤالُه عن الآية من طريقة عَرْضِه على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

2- أن يُناقش الصحابيُّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في معنى الآية، ويعرض عليه ما فهمه منها، وما أشكل عليه فيها:

وهو الغالب في عرض الصحابة لاستشكالاتهم في التفسير.

وقد تنوّعت طرقهم وصيغهم في ذلك:

فمنهم من يُشْكِل عليه فهم الآية ابتداءً، فيعرض فهمه وما أشكل عليه على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن عديّ بن حاتم -رضي الله عنه- قال: لما نزَلَت: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة: 187]، عمدتُ إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلتُ أنظر في الليل فلا يستبين لي، فغدوتُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرتُ له ذلك، فقال: (إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار)[26].

ومنهم من يناقش النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد قراءته للآية.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن عديّ بن حاتم -رضي الله عنه- قال: أتيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وفي عُنقي صليب من ذَهَب، فقال: (يا عديّ، اطرح هذا الوثن من عنقك)، قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة (براءة)، فقرأ هذه الآية: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 31]، قال: قلت: يا رسول الله، إنّا لَسْنَا نعبدهم، فقال: (أليس يُحرِّمون ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونه، ويُحِلُّون ما حرَّم اللهُ فتحلّونه؟)، قلت: بلى، قال: (فتلك عبادتهم)[27].

ومنهم من يُناقش النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد سماع حديث يتعلّق بالآية.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: أخبرَتْني أمُّ مُبَشِّر أنّها سمعَت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند حفصة: (لا يدخلُ النارَ -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحدٌ من الذين بايعوا تحتها)، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [مريم: 71]، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فقد قال الله: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم: 72])[28].

وهناك بعض الملاحظات التي يَحْسُن التنبيه عليها، وهي:

1- تُستعمل الصِّيَغ المذكورة في السؤالات والاستشكالات، إلا أنّ الغالب على صِيَغ السؤالات أنها صِيَغ مباشرة، بخلاف الاستشكالات فإنّها ترِد بصِيَغ مباشرة وغير مباشرة.

2- تختلف الصِّيَغ أحيانًا بتعدّد الروايات في التساؤل الواحد.

ومن الأمثلة على ذلك:

- تعدّد صيغ السؤال عن قوله تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ [التوبة: 108].

فمن الصِّيَغ الواردة في السؤال عن هذه الآية:

أ- سألتُ:

ومن ذلك:

- ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سألتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المسجد الذي أُسِّس على التقوى[29].

ب- السؤال بأيّ الاستفهامية:

ومن ذلك:

- ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله، أيّ المسجدَيْن الذي أُسِّس على التقوى؟[30].

ج- السؤال بأين الاستفهامية:

ومن ذلك:

- ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله، أين المسجد الذي أُسِّس على التقوى؟[31].

د- الصيغة غير المباشرة في السؤال:

ومن ذلك:

- ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: امترَى رجلٌ من بني خدرة ورجلٌ من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أُسِّس على التقوى، فقال الخدري: هو مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال الآخر: هو مسجد قباء، فأتيَا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فقال: (هو هذا -يعني مسجده- وفي ذلك خير كثير)[32].

كلّ هذه الصِّيَغ وغيرها وردَت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.

ووردَ عن صحابيّ آخر رواية التساؤل بصيغة أخرى، وهي: سُئل.

ومن ذلك:

- ما جاء عن أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن المسجد الذي أُسِّس على التقوى[33].

3- يجتمع في بعض الروايات أكثر من صِيغة صريحة في التساؤل، وذلك بأن يَذكر راوي الحديث أنّ هذه الآية وقع فيها تساؤل للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يَذكر صيغة هذا التساؤل كما وقعَت من السائل.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ [مريم: 85]، فقال: يا رسول الله، هل يكون الوافد إلا الراكب؟[34].

4- قد يكون السائل هو راوي الحديث، وقد يكون صحابيًّا آخر غير راوي الحديث، وغالبًا لا يحرص راوي الحديث على تعيين اسم السائل -إذا لم يتعلّق بتعيينه فائدة-، وإنما يروي الحديث بلفظ (سُئل)، وهذا يدلّ على إعراض الصحابة -رضي الله عنهم- عن ذِكْر التفاصيل التي لا تتعلّق بمعرفتها فائدة.

 5- كان الصحابة -رضي الله عنهم- يذكرون الآية التي أَشكلت عليهم في بعض سؤالاتهم، ويكتفون في بعض السؤالات بطرح السؤال على النبي -صلى الله عليه وسلم- دون التنصيص على الآية.

ومن الأمثلة على ذلك:

- ما جاء عن القاسم مولى معاوية، قال: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العُتُلّ الزَّنِيم[35].

وهو سؤال عن قوله تعالى: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: 13].
 

 

[1] هذه المقالة من كتاب (سؤالات الصحابة -رضي الله عنهم- للرسول -صلى الله عليه وسلم- ‏واستشكالاتهم في التفسير)، الصادر عن مركز تفسير سنة 1439هـ، (1/ 248) وما بعدها. (موقع تفسير)

[2] المقتضب (2/ 293).

[3] بَيَّن ابن الأثير الجزري في كتابه (البديع في علم العربية) (2/ 221) سبب ذِكر (أيّ) مع الظروف وغير الظروف، فقال: «وأمّا (أيّ) فسؤال عن بعض ما تضاف إليه كائنًا ما كان من شخص، أو مصدر أو زمان أو مكان؛ ولذلك أدخل أيّ حينٍ في الزمان والمكان».

[4] عدّ ابن جني في كتابه (اللمع في العربية)، ص227 (كيف) من الظروف، وعلّق على ذلك ابن الأثير الجزري في كتابه (البديع في علم العربية) (2/ 222)، فقال: «وقد عدّها ابن جني في الظروف، وهو مذهب الكوفي، وإنما حمله على ذلك: أنك إذا قلت: كيف زيد؟ تضمن معنى: في أيّ حال هو؟ ولو قلت في جوابه: في عافية، لكان حسنًا».

[5] ينظر: اللمع في العربية، ص227؛ البديع في علم العربية (2/ 217).

[6] ينظر: الجني الداني في حروف المعاني، للمرادي، ص31؛ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري (1/ 70- 74).

[7] رواه البخاري (103)، ومسلم (2876).

[8] ينظر: الجنى الداني في حروف المعاني، ص341؛ همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، للسيوطي (2/ 583).

[9] أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب (صفة الجنة)، ص35- 37 (6)، وأورد أوّله يحيى بن سلام (1/ 244).

[10] ينظر: المقتضب (3/ 63)؛ همع الهوامع في شرح الجوامع (2/ 546).

[11] أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 93)، وفي مصنفه (11091)، وسعيد بن منصور (1457)، وأحمد وعبد بن حميد -كما في تفسير ابن كثير (1/ 400)، وابن جرير (4/ 130- 131)، وابن أبي حاتم (2/ 419)، والنحاس، ص225- 226، والبيهقي (7/ 340).

[12] ينظر: المقتضب (2/ 293، 295)؛ شرح المفصل، لابن يعيش (2/ 149).

[13] أخرجه أحمد (11178)، والترمذي (323)، والحاكم (1791)، وابن جرير (11/ 686، 687- 688)، وابن أبي حاتم (6/ 1881).

[14] ينظر: المقتضب (2/ 295)، (3/ 63)؛ البديع في علم العربية (2/ 219).

[15] أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (10)؛ وأبو الشيخ في كتاب العظمة (386) كلاهما مطوّلًا؛ وابن جرير (15/ 419)، (16/ 447- 449)، وابن أبي حاتم (9/ 2928)، (9/ 2929- 2930).

[16] ينظر: المقتضب (2/ 295)، (3/ 63)؛ تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد، لناظر الجيش (9/ 4476).

[17] أخرجه ابن ماجه (3707)، وابن أبي حاتم (8/ 2567).

[18] ينظر: المقتضب (٣/ ٦٣)؛ اللمع في العربية، ص228.

[19] ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين (5/ 7)-. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه مرسلًا.

[20] أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 145)، والشجري في ترتيب الأمالي الخميسية (2/ 171- 172)، وابن مردويه كما في كنز العمال (2/ 442- 443).

[21] أخرجه البيهقي في الشعب (6/ 283- 284).

[22] أخرجه مسلم (1887)، والترمذي (3011)، وابن ماجه (2801)، وابن جرير (6/ 228، 229، 232).

[23] أخرجه ابن أبي حاتم (4/ 1160)، والطبراني في الأوسط (2/ 103).

[24] أخرجه الترمذي (3481)، (4075)، وابن جرير (19/ 66).

[25] أخرجه أبو داود في كتاب المراسيل (371)، والبيهقي في الكبرى (12272)، وابن جرير (7/ 723).

[26] أخرجه البخاري (1916)، ومسلم (1090).

[27] أخرجه الترمذي (3352)، وابن جرير (11/ 417- 418).

[28] أخرجه أحمد (17042)، وابن حبان (4800)، وابن جرير (15/ 601)، وأخرجه مسلم (2496) بنحوه.

[29] هذا اللفظ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى باب فضل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، (5/ 404)، (ح10279).

[30] هذا اللفظ أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: بيان أن المسجد الذي أُسّس على التقوى هو مسجد النبي بالمدينة، (2/ 1015)، (ح1398).

[31] هذا اللفظ أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار، باب: مشكل ما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يدلّ على المسجد الذي أُسّس على التقوى أيّ المساجد هو؟ (12/ 167)، (ح4735).

[32] هذا اللفظ أخرجه الترمذي في سننه: كتاب مواقيت الصلاة، باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى، ص90، (ح323).

[33] أخرجه أحمد في مسنده (35/ 32- 33)، (ح21106)، قال محققو المسند: «حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف».

[34] أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب صفة الجنة، ص35- 37 (6)، وأورد أوّله يحيى بن سلام (1/ 244).

[35] أخرجه ابن جرير (23/ 162).

الكاتب

الدكتور نورة بنت خالد العرفج

حاصلة على الدكتوراه من كلية الشريعة والقانون قسم الدراسات الإسلامية - جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، ولها عدد من الأعمال العلمية المنشورة.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))