القرآن الكريم وقضية البعث

قضية البعث من القضايا التي أطال القرآن في بيانها وتقريرها، وقد عالج القرآنُ أفكارَ المشكّكين والمترددين فيها، وتأتي هذه المقالة لتستعرض أسباب أهميتها في القرآن، وطريقته في تقريرها، وكيف تعامل مع المشكّكين فيها على اختلاف طرائقهم.

القرآن الكريم وقضية البعث[1]

عناية القرآن:

  إنّ العقائد التي يَفرض علينا الدينُ أن نؤمن بها ما هي إلا حقائق ثابتة في نفسها لها وجود واقعي، وهي تفترق في هذا عن المبادئ والأحكام التي هي من قبيل الإنشاء، والتي تُشْرع للناس بعد أن لم تكن، وتتغير بتغيّر الزمان والمكان، وتقبل النسخ في عهد الرسالة.

وإذا أردنا أن نعبّر عن هذا المعنى بالتعبير الفني المستعمل في علم أصول الفقه فإننا نقول: إنّ العقائد من باب الأخبار، والأخبار لا تقبل النسخ، ومعنى كونها من باب الأخبار أن الشارع لا يُنْشِئُها ولكن يُخبِر بها، ويحدِّث عنها، ويكشف للناس عن واقعها وحقيقتها، وإنما كانت غير قابلة للنسخ؛ لأن النسخ هو الإبطال والإزالة ورفع الحكم الأصلي، والحقائق لا تزول ولا تبطل ولا يمكن رفع حكمها، ويأتي بعد ذلك دور التكليف بها، وإيجاب اعتناقها على جميع المكلَّفين.

وإذن فالعقائد يتصل بها حُكْمان: حكم طبيعي أو عقلي، وذلك هو ثبوتها في نفسها وتقرُّرها في واقع الأمر وعدم قابليتها للإلغاء والإبطال؛ وحكم تكليفي فقهي، هو كون الإيمان بها بعد انكشافها وتبيُّنِ واقعها واجبًا على كلِّ مكلَّف.

والحقائق الثابتة في نفسها كثيرة في هذا العالم الذي نعيش فيه، وفيما وراءه، وليس من شأن الدين ولا من غرضه الذي يرمي إليه أن يُعَرِّف الناس بكلّ الحقائق، ويقرِّرها لهم، ولكنه إنما يهتم بنوع خاصّ من الحقائق؛ هو الذي يترتب عليه تربية خلقية يصلح عليها الفرد والمجتمع.

فالأديان لا يهمها أن أعتقد -مثلًا- أن هناك كوكبًا معيَّنًا اسمه المرِّيخ، أو أن هذا الكوكب فيه حياة أو ليست فيه حياة، ولا تُرَتِّب على هذا الاعتقاد -إيجابيًّا كان أو سلبيًّا- تكليفًا ولا حسابًا، ولا يهمها أن أعتقد أن الأرض كروية الشكل، أو ليست كروية، ولا أن أعتقد أن لها دورتين، أو دورة واحدة...، إلى غير ذلك من القضايا العلمية والحقائق الكونية.

وليس معنى ذلك أن الدين لا يهتم بالعلم، ولا يلقي باله إلى ما في الكون من حقائق وسنن، ولكن الكلام إنما هو في اعتقاد شيء من ذلك اعتقادًا دينيًّا أو عدم اعتقاده، فما دام لم يرد به نصٌّ قاطعٌ ولم يصادم الاعتقادُ به أصلًا من أصول الدين؛ فالأمر فيه طَلْق، ولا ضير في الدين من إثباته أو إنكاره.

والحقائق التي عُني الدين ببيانها -لما يترتب عليها من تربية خُلُقية، وتهذيب وتقويم في العمل والسلوك- ترجع إلى جوامع ثلاثة، لكلّ منها ما يتصل به ويأتي مكملًا له، وهي: الألوهية، والوحي، والبعث.

فالألوهية حقيقة يتصل بها كثيرٌ من الحقائق، كصفات الإله الوجودية والسلبية، وهذه الدائرة أو هذه الجامعة مِن شأنها أن توجِّه الإنسان إلى الصراط المستقيم؛ لأنه إذا عَلم أن للكون إلهًا واحدًا، وأنَّ كلَّ ما ومَن سوى هذا الإله الواحد خاضعٌ له مدينٌ لحكمه؛ عرَف قيمة نفسه بالنسبة للآخرين، وسار في حياته في ظلّ الشعور بالمساواة، لا بالضعف ولا بالذِّلّة ولا بالهوان، ثم عرَف قيمة نفسه بالنسبة إلى ربه وخالقه الذي يجب أن يكون إلهه ومقصده في جميع أعماله وتوجهاته.

فالألوهية وصفاتها وما يتصل بموضوعها حقائق ثابتة، وهذه الحقائق لها قيمتها التوجيهية في حياة الإنسان؛ ولذلك بيَّنها الدين وكشفها للناس، ثم أوجب عليهم الإيمان بها، ولا يقبل فيها مهادنة ولا مجاملة ولا تبديلًا ولا تحويلًا، ولم يكِلْهم في شأنها إلى أنفسهم، كما وَكَلَهم في الحقائق الدنيوية.

وقُلْ مثل ذلك في الوحي؛ فهو حقيقة واقعة، ومن شأن الإيمان بها أن يوجِّه الإنسان إلى الْتِماس هداية الله وتقبُّلِها، وعدم اتباع الهوى، والتفرق بالنزعات؛ ولذلك عُني الدين بها فقرَّرها وبيَّنها، وطلب إلى الناس أن يؤمنوا بها.

وقُلْ مثل ذلك في البعث والدار الآخرة وما يتصل بها؛ فهي حقائق غيبيّة يترتب على معرفتها والإيمان بها مصلحةٌ عظمى للناس؛ إذ بها يَعْرِف كلّ إنسان أنه محاسَب على ما يعمل من خير أو شرٍّ، وأن الأمر ليس عبثًا، وأن الناس لن يُتركوا سُدًى، وبهذا يتجه في حياته اتجاهًا مستقيمًا، ويَعلم أنه إن خالف هذا الاتجاه المستقيم فهو معرَّض لخطرٍ شديدٍ، ولخسرانٍ مبينٍ.

هذا هو السر في الاهتمام بتلك الحقائق الثلاث، أو بتلك العقائد الأساسية في جميع الأديان، ومنه يتبيّن السر في عناية القرآن بقضية البعث والدار الآخرة، وما أعدَّ اللهُ فيها مِن ثواب وعقاب.

منهج القرآن الكريم في معالجة المنكرين لهذه الحقيقة:

إنّ إنكار البعث أو الشك في أمره يرجع في ذهن المُنكِر أو الشاكِّ إلى ألوان ثلاثة من التفكير:

اللون الأول: هو استبعاد الأمر؛ لما فيه من غرابة، ولأنه يخالف المألوف المعهود، فصاحب هذا اللون من التفكير يقول: هذا أمرٌ لم أعهده ولم يعهده أحدٌ من الناس قَبْلي، فما سمعنا أن ميتًا قام من رَمْسِه، ولا نستطيع أن نتصور جسمًا يتعفن ويصيبه الانحلال والفساد ثم البلى والذهاب في تراب الأرض، ثم يعود فتلتئم أجزاؤه، ويتماسك بعد الانحلال، بل بعد الفناء، وترجع إليه الحياة كما كانت، إنّ هذا الأمر بعيد!

وقد جاء هذا الاستبعاد على لسان المنكرين في غير موضع من القرآن الكريم، مِن مثل قوله -تعالى-: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}[الإسراء: 49]، {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}[السجدة: 10}، {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}[ق: 3]، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ...}[سبأ: 7، 8]، إلى غير ذلك من الآيات.

وطريقة القرآن في الردّ على هؤلاء ومعالجة هذا الاستبعاد أن يقول لهم: إنكم قد غفلتم عن كثيرٍ من آيات الله التي تشاهدونها بأعينكم، وقد صارت لديكم أمورًا مألوفة؛ لكثرة حدوثها، وتكرّر رؤيتها؛ فهذه الأرض تكون ميتة هامدة فينزل الله عليها الماء فتصبح مخضرة ناضرة بالزرع والنبات: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[الحج: 5- 7]، {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}[ق: 9- 11].

وهؤلاء الناس ينامون ويضرب الله على آذانهم مدّة من الزمان يكونون فيها كالموتى ثم يُبعثون، وذلك هو المعنى الذي صح أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نادى به في قومه حين أُمِر أن يصدع بدعوة الحق بعد أن كان مستخفيًا بها، فقال: (والله لَتموتُنَّ كما تنامون، ولَتُبعثُنَّ كما تستيقظون، ولَتُحاسَبُنَّ بما تعملون)[2]، هذا قريب مما جاء به القرآن الكريم في قوله -تعالى-: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الزمر: 42].

وهناك آيات كثيرة في الردّ على الذين ينكرون البعث استبعادًا، أساسها: أن الله لا يُعجزه شيء، وليس شىء عليه بالبعيد، فهو القوي القادر الذي خلق الخلق وأنشأه من العدم، فكيف يصعب عليه أن يعيده؟! {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الروم: 27]، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}[الأنبياء: 104]، {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ...}[الإسراء: 49- 51]، {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ * قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُون}[المؤمنون: 79- 85]، {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس: 78، 79]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ}[الحج: 5]، إلى غير ذلك من الآيات التي تَذْكُر قدرة الله، وتُذَكِّر بنشأة الخلق، وتَرُدُّ عليهم استبعادهم للأمر.

اللون الثاني: من ألوان التفكير التي يرجع إليها إنكار هذه القضية، أنه لا فائدة ولا ثمرة يمكن أن تُقصد من البعث ومن أن يُحشر الناس إلى دار أخرى.

وهذا اللون من التفكير منبعث عن نظرية فلسفية عميقة الجذور في التاريخ، خلاصتها: أن الكون قد وُجِد مشتملًا على جميع العوامل التي تؤدي إلى تفاعله ذاتيًّا وتلقائيًّا، فليس هناك مؤثِّر فيه من خارجه، بل كلّ ما فيه هو منه، وهو قائم على التوالد والتفاني الذاتِيَّيْن؛ فالناس -مثلًا- يحيَوْن بالتوالد الذي هو نتيجة التزاوج بين الذكر والأنثي، ثم يمرون بأدوار الطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة، حتى يصلوا إلى الانهيار التام فالموت، وكلّ ذلك بفعل الزمن الذي مروا به، والحياة التي لبسوا ثوبها، واحتملوا تصاريفها وأثقالها، وإذن فليس وجودهم إلا نتيجة حتمية للتفاعل الحيوي، وليس موتهم -أيضًا- إلا نهاية طبيعية لهذا التفاعل، فالعدم سابقٌ للأحياء لاحقٌ لهم بحكم التوالد الذاتي، وإذا كان الله هو الذي خلق العالم، فقد خلقه وأودعه جميع الخواص والعناصر التي صار بها مستقلًّا متفاعلًا ذاتيًّا.

وينبغي أن يفرّق هنا بين الإيمان بالله كخالق، وبين الإيمان به كمصرِّف مدبِّر لكلّ صغيرة وكبيرة لهذا الخلق؛ فإن من الفلاسفة من يؤمن بالله خالقًا ويزعم مع ذلك أنه خلق الأشياء وتركها لمصيرها وتفاعلها الذاتي، وأن أجَلَ كلّ شيء هو مدى طاقته وصلاحيته للبقاء والتفاعل الحيوي، فإذا بطل هذا من شيء فقد حان حينه، وحقّ عليه الفناء بمقتضى السنن الكونية الطبيعية ليس إلَّا[3].

وهذه النظرية هي التي يشير إليها القرآن في قوله -تعالى-: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية: 24]، وقد جاء هذا التعبير في آية أخرى مع التصريح بإنكار البعث، وذلك قوله -تعالى-: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}[المؤمنون: 37].

وربما سأل القارئ عن مراحل الانتقال الفكري في هذه النظرية، وكيف تنتهي إلى إنكار الحكمة من البعث، وله الحقُّ كلّ الحقّ في ذلك، فإنها نظرية قائمة على الخداع والمغالطة ينتقل فيها الفكر هكذا:

كلّ ما في الكون إنما هو منه على سبيل التفاعل مع حُكم الزمن، وليس هناك مؤثِّر خارجي، ويلزم من ذلك أنه ليس هناك حِكمة يمكن أن تُتصوَّر للبعث وحشر الناس إلى دار أخرى؛ لأن تصوُّر الحكمة فرع عن إرادة الفاعل القاصد، وهنا لا فاعل يمكن أن يكون قاصدًا، وإذن فلا حكمة، وبالتالي فلا بعث.

وهذا اللون من التفكير الفلسفي يختلف تمام الاختلاف عن اللون الأول؛ فاللون الأول تفكير سلبي بدائي يستطيعه العقل العادي لأنه لا يكلِّف جهدًا، ولا يستلزم عمقًا، أما اللون الثاني فهو تفكير الذين يقابلون الدعوى بإنكار يصاحبه فرض عقلي مخالف، فهو لا يكتفي بمجرد الاستبعاد، ولكن يخرّج أمرَ الحياة تخريجًا آخر حتى ينفي حكمة البعث، فينتفي أن البعث حقيقة مقصودة، وواقع لا بد منه.

وقد كان من حكمة القرآن أنه لم يترك هذا اللون من التفكير تركًا تامًّا حتى كأنه لم يكن، ولم يُكْثِر في الوقت نفسه من ترديده، ولم يُفِضْ في بيان وجهة أصحابه، كما أفاض في وجهة المستبعِدين.

بيان ذلك أن الإشارة إلى هذا التفكير لم تجئ إلا في موضعين اثنين؛ هما الموضعان اللذان ذكرناهما: أحدهما في سورة (المؤمنون)، والآخر في سورة (الجاثية)، أما قوله -تعالى- في سورة الأنعام: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}[الأنعام: 29]، فليس من هذا القَبِيل، وإنما هو من قَبِيل اللون الأول، فلم تُذْكَر فيه نظرية الحياة والموت التلقائيين، ولا أن الإهلاك مرجعه إلى الدهر، كما ذكر في الموضعين الآخرين.

وإذن فالقرآن الكريم يذكر هذا اللون الفلسفي مقتصدًا فيه، غير حريص على الإكثار من ترديده، بل نستطيع أن نقول إنه يكتفي فيه بالإشارة دون الإفصاح والإيضاح، فما هو السر في ذلك؟!

السرّ في ذلك أن القرآن يخاطب الفطرة في الإنسان، ولا يحب أن يثير على هذه الفطرة غبار الفلسفة، ولا أن يشغلها بتعقُّل المعاني المتكلَّفة، فهو يكتفي بالإشارة إلى أصل الفكرة، ثم يهاجمها ويهدمها، وهو حين يهاجم ويهدم لا يقتصد في ذلك ولا يكتفي فيه بأدنى الجهد، ولكن يطيل ويكرِّر ويحيط الفكرة الباطلة بالحُجّة مِن بين يديها ومن خلفها، وتأتي حُجته ملائمةً للفطرة، سهلة على العقول؛ لأنه يريدها خطابًا للناس جميعًا من كلّ مستوى عقليّ، ولا يخص بها تفكيرًا معيَّنًا دون سواه.

ولعلّ مما يؤيد ذلك أن القرآن حين يسوق هذه الفكرة في سورة (المؤمنون) يسندها إلى قوم من أقوام الرسل السابقين، يصفهم بأنهم الملأ الكافرون مِن قوم هذا الرسول، أي أصحاب الكثرة والسلطان، ثم يصفهم بأنهم هم المُترَفون في الحياة الدنيا، ويُفْهَم من قولهم أنهم كانوا دعاةً ثائرين على الحقّ، متجرِّدين لدعوتهم، متكلِّفين للشُّبَهِ والأباطيل في سبيلها؛ ولكي يصاحبنا القارئ في فكرتنا نُثْبِت الآيات التي جاءت في هذا الشأن، وذلك قوله -تعالى- في سورة (المؤمنون):

{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ[4] قَرْنًا آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ}[المؤمنون: 31- 38].

وأفكار المترَفين من شأنها أن تسير في اتجاه الهوَى والغرض إذا وُجِّهَت إليهم دعوةٌ يخشون أن تزيلهم عن مكانتهم، وتعكِّر عليهم صفو ترفهم وغناهم. والقرآنُ حربٌ على هؤلاء المترَفين؛ لأنهم في الحقيقة هم مصدر الجحود والإفساد والالتواء عن الصراط المستقيم: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء: 16]، {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[الزخرف: 23- 25]، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الواقعة: 45- 50].

وقد جاء ذكر هذه الفكرة الفلسفية في سورة الجاثية، بين آيات مِن قَبْلِها وآيات مِن بعدِها قد حُشِدَت فيها الحُجّة بعد الحُجّة على نحوٍ قوي، وأسلوب فرد، وتتبُّع عجيب، وتلك هي الآيات كاملة: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الجاثية: 21، 22].

ونقف هنا وقفة يسيرة لنقول: إنّ الردَّ على هذه الفكرة ذو شِقَّين: أحدهما: أنّ الله خلق السماوات والأرض بالحقّ، أي: لا عبثًا ولهوًا كما تستلزم هذه الفكرة: (فكرة أنّ كلّ ما في الكون وما يحدث في الكون فإنما هو من الكون وبه كما هو فيه، وأنه لا شأن للخالق بالخلق بعد أن خلَقه وأودعه عناصره ومادة تفاعله)، وفي آية أخرى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: 115]، وفي آية ثالثة: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء: 16، 17]، فالمعني: كيف يكون ذلك؟! وهل هذا إلا العبث واللهو؟! تعالى عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا. والشق الثاني من الردّ إثبات الحكمة من البعث، وهي المجازاة على الأعمال.

وقد قدمت الآية هذين الشِّقّين، وساقتهما بأسلوب العطف المنبئ بأنهما شقان وناحيتان، حيث قالت: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الجاثية: 22].

ونعود بعد ذلك إلى الآيات: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[الجاثية: 23]، والحديث في هذه الآية عمَّن أضلَّه اللهُ على عِلم يشعرنا بأن أصحاب هذه الفكرة كانوا من الذين يستخدمون العلم في التلبيس والمجادلة، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}[الجاثية: 24]، وقد عاجلهم الله بعد ذكر فكرتهم بالردّ المنبئ عن خلوِّها من الدليل والبرهان العلمي: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}.

ومن هنا نأخذ أن الذين يتشدّقون بالفروض العقلية، ويحاولون أن يثيروا بها على العقائد الدينية جدالًا وسفسطة، إنما يضربون في أودية من الظنّ والخيال، ومن العجيب أنهم يعترفون بأن أحكامهم في ذلك إنما تقوم على افتراضات ذهنية، وتعليلات متخيَّلة، ومع ذلك يأخذون بها، ويتركون ما جاء عن الله ورسوله، بحُجة أن العلم شيء والدين شيء آخر، فهل الفروض والتخيُّلات تُنْتِج علمًا، والنّقول الصحيحة عن العليم الخبير لا تُنْتِج هذا العلم؟!

الواقع أن هذا الْتِواء في التفكير، وأن هذا الالْتِواء قديم، ولهذا الخَلَفِ فيه سَلَفٌ هم على آثارهم مقتدون: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}[الجاثية: 24].

ونعود إلى الآيات فنستكملها، أما القارئ لِيُتابِعِ الفكرة فيها: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...}[الجاثية: 25- 27]، أي: والمالك الحكيم القادر لا يترك ملكه سُدًى، ولا يملكه عبثًا: {...وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ}[الجاثية: 27].

يتبيّن من هذا أن منهج القرآن في هذه الفكرة يقوم على الاقتصاد في ذكرها وعدم التفصيل لها؛ كراهيةً منه لأساليب المتكلِّفين والمغربين، وحرصًا على أن يكون خطابه موجهًا إلى الفطرة في صفائها، وألَّا يهيج على هذه الفطرة ما لا يلائمها، أو ما يشقّ عليها، ولكنه يهاجم هذه الفكرة هجومًا عنيفًا من ناحية بيان أن الله خلق الخلق بالحقّ، أي: وما لا غاية له لا يكون بالحقّ، وإنما يكون لهوًا وعبثًا: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}[الأنعام: 100]، وأن الحكمة إنما تتحقق حيث يكون الخَلْق ابتلاءً واختبارًا، يعقبه بعث للحساب والجزاء.

واقرأ في ذلك مثل قوله -تعالى-: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم: 31].

وانظر معنى اللام في قوله: {لِيَجْزِيَ}، وربط هذه الغاية بكون العالم مملوكًا له -جلَّ وعلا-، فإن هذا ينبئ عن فكرة الردّ عليهم كما أوضحناها.

ثم اقرأ قوله -تعالى-: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: 115]، فقد بيَّن -جلّ شأنه- أن الخلق الذي يُوكَل إلى نفسه دون رجوع إلى مالكه، إنما يصدر عن العبث، تعالى الله وتنزَّه.

اللون الثالث: من ألوان الإنكار لقضية البعث والجزاء، هو إنكار المعاندين لجاجًا ومكابرة بعد وضوح الحُجة، فيقول المنكر: لا أصدق هذا، ولا أقبله مهما قيل فيه، أو يُقسم على نفيه، أو ما إلى ذلك من ألوان الإنكار عن لَجاج وعناد.

وموقف القرآن الكريم من هؤلاء المكابرين أنه يجابههم بالدعوة ويكرِّرها عليهم مرة بعد مرة، ويُقسِم عليها في مقابلة قَسَمهم، ويصوِّر لهم يوم القيامة وأهواله كما لو كانوا يشاهدونه تخويفًا لهم وإرهابًا، ومن ذلك قوله -تعالى-: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ}[التغابن: 7]، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[النحل: 38]، {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة: 12]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تصوِّر أهوال القيامة وحيرة الكافرين، واعترافهم بعد رؤية العذاب المبين.

 

[1] نُشرت هذه المقالة في مجلة (رسالة الإسلام)، العدد 36، ص: 421-431.

[2] رواه البلاذري في أنساب الأشراف (1/118)، وذكره ابن الأثير في الكامل (1/118، 119)، وهو مما يذكره أهل السِّيَر. (موقع تفسير).

[3] وفي هذا شيء من التشبّه بالدهريِّين الذين يرون العالم قديمًا أزلًا، باقيًا أبدًا، ولكنّ الدهريين منكرون للإله؛ لذلك قلنا: إن هذه الفكرة لها أصل مُغرِق في التاريخ، ولم نقل إنها هي بعينها فكرة الدهريين، كما قد يُفهَم مِن ذِكْر الدهر في قوله -تعالى-: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}.

[4] الضمير في قوله: {مِنْ بَعْدِهِمْ} لقوم نوح، والقرون الآخرون؛ قيل: هم قوم عاد، وقيل: هم قوم ثمود، ولكلٍّ من القولين ما يستند إليه استنباطه، ولا يتعلق هنا غرض بتعيين القائلين.

الكاتب

محمد محمد المدني

من علماء الأزهر الشريف، تولى عمادة كلية الشريعة بالأزهر الشريف، ورئاسة اللجنة العامة للقرآن والسنة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة، وتوفي سنة 1986م.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))