أصول التفسير في المؤلفات

يكتسب التأليف في أصول التفسير أهمية كبيرة، وهذه الدراسة محاولة لتسليط الضوء على واقع أصول التفسير في مؤلفاته وبيان مواطن قوته وضعفه، والوقوف على حقيقة الجهود المبذولة في المؤلفات في أصول التفسير، وبلورة أهم التوصيات التي تُسهِم في الارتقاء بواقع أصول التفسير.

  تأتي هذه الدراسة ضمن الإصدارات الخاصّة التي أنتجها مركز تفسير للدراسات القرآنية في إطار اهتمامه بميدان أصول التفسير بشكلٍ خاصّ، وقد خرجت الدراسة بإشراف وحدة أصول التفسير بمركز تفسير، وقد أعدّها ثلاثة من الباحثين: (أ/ خليل محمود محمد، أ/ محمود حمد السيد، أ/ باسل عمر مصطفى). كما حكمها ثلاثة من الأساتذة: (أ.د/ أحمد سعد الخطيب، أ.د/ مولاي عمر حماد، أ.د/ فريدة زمرد).

وتتمثّل إشكالية الدراسة في هذه الأهمية التي يكتسبها حقل أصول التفسير في الدراسات القرآنية وتصاعد وتيرة التأليف فيه خاصّة في الفترات المتأخّرة، وعدم وجود دراسات حول هذا التأليف تكشف عن طبيعة رؤيته لأصول التفسير، وكذا حجم هذا التأليف وأغراضه وطبيعة الأهداف التي يسعى إليها...إلخ.

وقد انطلقت الدراسة من جملة أهداف رئيسة، حيث سعت إلى:

- رَصْد الواقع الحالي لأصول التفسير، وكشف جوانب القوة والضعف فيه، وتحديد مواطن النضج والقصور كيفًا وكمًّا.

- الوقوف على حقيقة الجهود المبذولة في المؤلفات في أصول التفسير؛ لتقويمها ومحاولة إتمامها.

- الخروج بالتوصيات والمقترحات اللازمة، التي تُسهم بدورها في رَسْم ملامح أفق تطوير واقع أصول التفسير وتحسينه.

وقد عملت الدراسة من خلال عدّة نطاقات؛ فقد التزمت موضوعيًّا بالمؤلفات المُعَنْونة صراحةً بأصول التفسير؛ لما في هذه التآليف من قصديّة لتجريد الحديث عن أصول التفسير بصورة متكاملة، كما التزمت في النطاق اللغوي بالتآليف العربية وما تُرْجم إليها.

وأما النطاق الوعائي فتمثّل في الرسائل الأكاديمية والمؤلفات غير الأكاديمية والبحوث والمقالات، وجاء نطاقها الزمني مخصوصًا بكلّ ما تَيَسَّر الحصولُ عليه من مؤلفات مسماة بأصول التفسير، منذ بدء الطباعة حتى منتصف عام 1435هـ= 2014م.

وقد مَرّت الدراسة بجملةٍ من المراحل وعدد من الإجراءات لكي تُحقِّق أهدافها المرجوَّة منها، وفيما يلي بيانُها:

أولًا: الجمع: حيث قامت بجَمْع المؤلفات المسماة بأصول التفسير، والتي أسفرت عن رصد (116) مؤلفًا معنونًا بأصول التفسير.

ثانيًا: الجرد والاستقراء: حيث قامت الدراسة بجرد المؤلفات، واستقراء أبرز القضايا والمسائل المطروحة فيها، وتلمس أوجه الاتفاق والاختلاف بين المؤلفات؛ للاستفادة منها في بناء عناصر الموازنة.

ثالثًا: التحليل والتقييم: حيث لجأت الدراسة إلى تقييم المؤلفات معتمدةً المنهج التحليلي أساسًا لها؛ هادفة من وراء هذا الإجراء إلى الوقوف على واقع هذه المؤلفات بشكلٍ أعمق؛ وتبيُّن أسباب إشكالاتها.

رابعًا: التصنيف والموازنة: حيث صنّفت الدراسةُ المؤلفات لجملة تصنيفات واختارت -لاعتبارت منهجيّة معينة- العمل على تصنيفَيْن فقط وهما: المؤلفات التي تعالج أصول التفسير بصورة كاملة باعتباره حقلًا له نسق موضوعات، والمؤلفات التي أتت كمقررات دراسية في أصول التفسير.

وقد بلغ عدد الدراسات الداخلة في حدّ الدراسة بعد استبعاد بعض التصنيفات (52) مؤلفًا؛ تعذر الحصول على (10) منها، فبلغ العدد الفعلي للمؤلفات في حدّ الدراسة (42) مؤلفًا.

وقد جاءت الدراسة في بابَيْن يسبقهما مدخل وتقفوهما خاتمة؛ متبوعة بالملاحق والفهارس الفنيّة.

أما المدخل فاشتمل على أهمية الدراسة وإشكاليتها وأهدافها ومحدداتها...إلخ.

وأما الباب الأول فقد تضمّن (واقع أصول التفسير في المؤلفات)، وقد تضمّن تمهيدًا وثلاثة فصول؛ فأما الفصل الأول فكان حول (مفهوم أصول التفسير في المؤلفات)، وعالج الفصل الثاني (موضوعات أصول التفسير في المؤلفات)، وجاء الفصل الثالث حول (استمداد أصول التفسير في المؤلفات).

وأما الباب الثاني فقد تضمّن (وصف المؤلفات المسماة بأصول التفسير)، وقد جاء في فصلين؛ فعالج الأول منهما (أهداف المؤلفات ومناهجها)، واختصّ الثاني بالحديث عن (معلومات المؤلفات والمؤلفين).

وذُيِّلت الدراسة بسبعة ملاحق، وهي: (محددات نموذج التقييم)، (ببليوغرافيا المؤلفات)، (معلومات المؤلفين)، (التصنيف الموضوعي لأهداف المؤلفين)، (التصنيف الموضوعي لمناهج المؤلفين)، (الوظائف الواردة في تعريفات أصول التفسير)، (موضوعات المؤلفات).

وقد خلصت الدراسة إلى عددٍ من النتائج المهمّة؛ حيث كشفت عن نتيجة مركزية تمثّلت في بيان اضطراب أصول التفسير في المؤلفات مفهومًا وموضوعًا واستمدادًا.

وكذلك خلصت لعددٍ كبيرٍ من النتائج التفصيلية المهمّة؛ ففي الباب الأول المتعلّق بالموازنة انتهت الدراسة إلى القول بأن عدم تحرير مفهوم أصول التفسير مَثّلَ سمة بارزة في المؤلفات وقاسمًا مشتركًا بينها، وأن هذا المفهوم مفهوم مضطرب وفيه قدرٌ كبيرٌ من اللَّبْس والغموض، وأن أصول التفسير ليس لها تعريف يحظى بإجماع الدراسين.

وكذلك أظهرت الدراسةُ أن كتاب «الفوز الكبير في أصول التفسير» للدهلوي هو أقدم المؤلفات المطبوعة في أصول التفسير، وأن لمقدمة ابن تيمية في أصول التفسير أثرًا ظاهرًا في رواج مصطلح أصول التفسير وَتَسَمِّي المؤلفات به وتتابُع الكتابة في هذا الميدان.

وقد أثبتت الدراسةُ أيضًا في هذا الباب أن المؤلفات درجت على التقليد في نسبة الموضوعات إلى أصول التفسير، وأن نسبة الموضوعات لأصول التفسير لم يكن لها محددات واضحة يمكن التتابع أو التأسيس عليها.

كما رصدت الدراسةُ أثرًا بارزًا لكتاب «التفسير والمفسرون» للذهبي في تأسيس المادة العلمية في المؤلفات في موضوع مصادر التفسير.

وقد أظهرت الدراسةُ أن كتب التفسير لم تأتِ في المؤلفات كمصادر فاعلة ومؤثّرة في تشكيل بنية أصول التفسير في المؤلفات؛ مما أفضى لأنْ تكون مادة التنظير في المؤلفات في موضع تشكيك في صورتها التي هي عليها.

وأما النتائج في الباب الثاني؛ فقد خلصت الدراسة لغلبة المنهج الوصفي على المؤلفات مع الإخلال بشروط ممارسته، وضعف حضور المنهج التاريخي والمقارن، مع الحضور الجزئي للمنهج الاستقرائي والنقدي.

وقد رصدت الدراسة في هذا الباب أن المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية هما البلدان الأوفر نَشْرًا للتآليف في أصول التفسير، وأن المراحل الزمنية الأكثر نشاطًا في نشر التآليف في أصول التفسير كانت في المدّة ما بين عامي (2000م) إلى (2014م)، حيث حظيت هذه المدة وحدها بنشر (26) مؤلفًا.

وكذلك أظهرت الدراسة أن أغلب المؤلفات المسماة بأصول التفسير هي مؤلفات لمعاصرين لهم تخصّص في التفسير وعلوم القرآن، وغير ذلك من النتائج العديدة المتعلّقة بوصف المؤلفات والمؤلفين في أصول التفسير.

وقد حملت خاتمة الدراسة ذكرًا لأهم الإشكالات التي تمثّلت في واقع التآليف في أصول التفسير، والتي تجسّدت في غلبة النقل وقلّة التحرير، والضعف المنهجي في المؤلفات، وغياب التمثيل والتطبيق، وكذلك أشارت الدراسة لعددٍ كبيرٍ من التوصيات في مجال أصول التفسير بلغ (18) توصية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))