حرف (إِلَّا) في القرآن الكريم

من حروف المعاني التي تتكرّر في القرآن الكريم حرف (إلَّا)، وهذه المقالة تعرض لمعانيه في القرآن، ومذاهب العلماء فيها، مع التمثيل عليها من كلام المفسّرين، وهي مستلّة من كتاب (حروف المعاني التي يحتاج إليها المفسِّر).

حرف (إِلَّا) في القرآن الكريم[1]

(إلّا) حرف موضوع لمعنى الاستثناء[2]، وهو أصل أدواته[3]، وليس من أدوات الاستثناء حرف إلا هو عند جميع النحاة[4]، وخلا وعدا وحاشا إذا جُرّ المستثنى بها[5]، وباقي الأدوات أسماء وأفعال[6]. ولم تقع (حاشا) في القرآن بمعنى الاستثناء[7]، وإنما جاءت بمعنى التنزيه في موضعين، وهما قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا﴾ [يوسف: ۳۱]، وقوله: ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ [يوسف: ٥١]. ومعنى ﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ في الموضعين: تنزيهًا لله أو مَعاذَ الله[8]. واختلف المفسِّرون في (حاشا) في الآيتين السابقتين، أهي اسم أو فعل؟ فذهب ابن عطية إلى أنها فعل[9]، وهو قول المبرد وابن جني والكوفيين[10].

وذهب غيرهم إلى أنها اسم مصدر بدل من اللفظ بفعله، والمعنى: تنزيهًا لله وبراءة له[11]، وهو قول ابن مالك وجماعة[12]، واختاره الزركشي في (البرهان)، والسيوطي في (الإتقان)[13].

قال الواحدي: «وأكثر أهل العربية على أنَّ معنى قوله: ﴿حَاشَ لِلَّهِ﴾ تنزيهٌ ليوسف عمّا رمته به امرأة العزيز كما ذكرنا، وذهبتْ طائفة إلى أنّ المراد تنزيهه من شبه البشرية؛ لفرط جماله وروعة بهائه، ويؤكد هذا المعنى سياق الآية بعد هذا، ويكون تقدير الآية على هذا المعنى: حاشا يوسف، أي: بَعُد عن أن يكون بشرًا، ودخلت ﴿لِلَّهِ﴾؛ تأكيدًا لهذا المعنى»[14].

أقسام الاستثناء بـ(إلا):

يقوم الاستثناء على ثلاثة أركان: المستثنى منه، وأداة الاستثناء، والمستثنى. وإذا تحقّقت هذه الأركان الثلاثة فلا يخلو الكلام من كونه موجبًا أو غير موجب، والموجب هو المثبت، وغير الموجب ما سبقه نفي أو شبهه.

فإن كان الكلام تامًّا -أي ذُكر فيه المستثنى منه[15]- مثبتًا وجبَ نصب المستثنى، سواء كان المستثنى بعضًا من المستثنى منه، نحو: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٩][16]، أو لم يكن بعضًا من المستثنى منه، نحو: قام القوم إلا فرسًا، ومن شواهده قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الانشقاق: ٢٤- ٢٥][17]. ويُسَمِّي النحاة النوع الأول الاستثناء المتّصل، والثاني الاستثناء المنقطع.

وإن كان الكلام تامًّا غير موجب فهو على قسمين:

القسم الأول: أن يكون المستثنى بعضًا من المستثنى منه -وهو المسمَّى بالاستثناء المتصل- فيجوز في المستثنى وجهان:

الأول: إبدال المستثنى من المستثنى منه، بدل بعضٍ مِن كلّ عند البصريين، أو عطف نسق عند الكوفيين.

والثاني: النصب على أصل الاستثناء. قال ابن هشام: «وهو -أي الوجه الثاني- عربي جيّد، والإتباع أجود»[18].

وجاء على الإبدال كلّ ما وقع في القرآن من هذا القسم، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٦٢][19].

وجاء النصب على أصل الاستثناء في بعض القراءات المتواترة، كما في قراءة ابن عامر: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦][20].

وأمّا قراءة الجمهور بالنصب في ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ من قوله تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعِ مِنَ الَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَمْرَأَتَكَ﴾ [هود: ۸۱][21]، فليست من هذا القسم؛ لأنها خُرّجت على الاستثناء التام المثبت، فقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَمْرَأَتَكَ﴾ استثناء من ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾. وعلى هذا التخريج فإنّ لوطًا -عليه السلام- أُمِرَ أن يسري بأهله باستثناء زوجته فإنّه لم يؤمر بإخراجها معهم[22].

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالرفع: ﴿إِلَّا امْرَأَتُكَ﴾، واختلف النحاة والمفسِّرون في تخريج هذه القراءة على أوجهٍ لعلّ أصوبها -والله أعلم- ما ذهب إليه ابن مالك، وجزم به ابن هشام، واختاره ابن القيم؛ أنّ هذا الاستثناء تام مثبت من قوله: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾، وهو استثناء منقطع، (إلّا) فيه بمعنى (لَكِنْ)، وما بعدها مبتدأ والجملة بعده خبر[23].

وعلى هذا التوجيه تأتلف القراءتان، وأمّا الأوجه الأخرى التي ذكرها النحاة والمفسِّرون فيقع بسببها التعارض في المعنى بين القراءتين.

وهذه الآية فيها كلام طويل للعلماء، يطول البحث باستقصائه وتتبّعه، ومِن أحسنِ مَن فَصّل الخلاف فيها: الحلبي في (الدر المصون)، والآلوسي في (روح المعاني)[24].

والقسم الثاني: ألا يكون المستثنى بعضًا من المستثنى منه -وهو المسمَّى بالاستثناء المنقطع- فيجوز في المستثنى لغتان: لغة أهل الحجاز وجوب النصب، ولغة بني تميم جواز النصب والإبدال. وبلغة أهل الحجاز جاء القرآن، قال تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧][25].

ويُشترط في جواز الإبدال أن يصح تسلُّط العامل على المستثنى وحده، وإلا وجب النصب اتفاقًا[26].

وإن كان الكلام ناقصًا غير تام بمعنى أنّ المستثنى منه قد حُذِف فيعرب المستثنى على حسب العوامل التي قبله، ولا يكون هذا في الغالب إلا بعد النفي وشَبهه[27]، نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾ [البقرة: ٩٩]، وقوله تعالى: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ﴾ [البقرة: ۸۳][28]، ويسمَّى هذا النوع بالاستثناء المفرغ.

هذه خلاصة موجزة لا بدّ من الإشارة إليها قبل الكلام في مباحث هذا الحرف، وهناك تفصيلات وفروع كثيرة محلّها كتب النحو[29].

المعاني التي ترد عليها (إلّا):

ذكر النحاةُ والمفسِّرون لهذا الحرف عددًا من المعاني، بعضها متفَق عليه، وبعضها مختلَف فيه، وفيما يأتي ذِكْرٌ لهذه المعاني:

المعنى الأول: الاستثناء:

وهو الأصل في وضع هذا الحرف[30]، وسبق بيان أنواعه. وفيما يأتي توضيح لهذه الأنواع مع التمثيل عليها، وذِكْر شيء من القواعد والدلالات النافعة التي نبّه عليها المفسِّرون، ويحسن بمن له عناية بالتفسير أن يُلمّ بها.

الاستثناء المتّصل:

ضابطه عند الأكثرين أن يكون المستثنى بعضًا من المستثنى منه[31]، أو أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه[32]، واختار الآلوسي ضابطًا أدقّ من هذا، وهو أنّ المتّصل ما حكم فيه على جنس ما حكمت عليه أوّلًا بنقيض ما حكمت به[33].

وهذا النوع من الاستثناء هو الأصل في الاستثناء كما نصّ على ذلك جماعة[34]، ويسميه بعض المفسِّرين بالاستثناء الصحيح[35]، ويقع في الاستثناء التام المثبت، نحو قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ۸۲- ۸۳][36]. وفي الاستثناء التام المنفي؛ نحو قوله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ [النساء: ١١٤]، وقوله: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ۱۳۰][37]، وقوله: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٣٥][38]. وفي الاستثناء المفرغ؛ كقوله تعالى: ﴿لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ [الحاقة: ۳۷]، وقوله: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٦][39].

ومن القواعد المهمّة التي قرّرها جماعة من المفسِّرين: أنّ حمل (إلّا) على هذا النوع من الاستثناء أَوْلَى من حملها على الانقطاع، إلا إذا ظهر ما يقوِّي ويؤيِّد الحمل على الانقطاع[40].

قال الإمام الطبري: «الأشهر من كلام العرب في (إلّا) توجيهها إلى معنى الاستثناء، وإخراج معنى ما بعدها مما قبلها، إلا أن يكون معها دلالة تدلّ على خلاف ذلك»[41].

وقال أبو حيان: «متى أمكن الاستثناء المتصل إمكانًا حسنًا كان أَوْلَى من غيره»[42]، والشواهد على هذه القاعدة كثيرة، أذكرُ ثلاثة منها فيما يأتي؛ الأول: قوله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٥٠].

هذه الآية من الآيات التي قوي الخلاف فيها في معنى (إلّا)، وقد فصّل الأقوال فيها الواحدي في تفسيره: (البسيط)، وأبو حيان في تفسيره: (البحر المحيط)[43].

وحاصل ذلك أنّ في الاستثناء في الآية ثلاثة أقوال[44]:

الأول: أنه استثناء صحيح متّصل، ويدلّ عليه قول أهل التأويل من السلف: مجاهد، وقتادة، وعطاء، والسُّدِّي، وغيرهم[45]، ونصر هذا القول الإمام الطبري[46]، وبدأ به ابن عطية، والبيضاوي[47]، ولم يذكر الزمخشري والنسفي غيره[48]، واستظهره السمين الحلبي[49]. والمعنى كما قال الطبري: «لئلا يكون لأحد من الناس عليكم خصومة ودعوى باطل، غير مشركي قريش؛ فإن لهم عليكم دعوى باطل وخصومة بغير حقّ...»[50].

والثاني: أن الاستثناء منقطع، و(إلّا) بمعنى (لَكِنْ)، وهو قول أهل اللغة: الفرّاء، والأخفش، والزجّاج[51]، وصحّحه من المفسِّرين: السمعاني، وجوّزه ابن جزيّ[52].

ونقل الواحدي عن ابن الأنباري أنّ الآية تحتمل معنيين على القول بأنّ الاستثناء منقطع:

الأول: أن يكون ما بعد (إلّا) مستأنفًا ملابسًا للمستثنى منه من جهة المعنى، ومعنى الآية على هذا الاحتمال: (لكن الذين ظلموا منهم يحاجُّونكم بالحُجّة الباطلة). وقد ألمح إلى هذا المعنى الأخفش[53].

والثاني: أن يكون ما بعد (إلّا) مؤكّدًا لما قبلها، كما يُقال: مضى العسكر إلا الأبنية والخيام[54]، ومعنى الآية على هذا: إلا الذين ظلموا فلا حُجّة لهم[55].

وهذا الوجه يدلّ عليه كلام الفرّاء، والزجّاج[56]. وذهب إليه البقاعي[57].

قال الفرّاء: «وهو كما تقول في الكلام: الناس كلهم [لك] حامدون، إلا الظالم لك المعتدي عليك، فإن ذلك لا يعتدّ بعداوته، ولا بتركه الحمد؛ لموضع العداوة. وكذلك الظالم لا حجة له، وقد سمي ظالـمًا»[58].

ومثّل له الزجّاج بقولك: «ما لك عليّ من حُجة إلا الظلم»[59].

ثم ذكر الواحدي أنّ كلا الاحتمالين السابقين مما يجوز حمل الآية عليه[60].

والقول الثالث: أنّ (إلّا) بمعنى (الواو)، وهو قول أبي عبيدة معمر بن المثنى. وهذا القول ضعَّفه الطبري والزجّاج وغيرهما[61].

والذي يظهر -والله أعلم- أنّ الاستثناء متّصل، كما يدلّ عليه قول عامة المفسّرين من السلف، ولا حاجة إلى حمل (إلّا) على الانقطاع، ولها في الاتصال مخرج صحيح[62].

وقد نبّه أبو حيان وغيره على أن سبب الخلاف في ذِكْر نوع الاستثناء يرجع إلى أن الشبهة التي يحتج بها المشركون ويخاصمون بها، هل تسمى حُجّة، أم أنّ الحُجّة هي الدليل والبرهان الصحيح؟ فإن كانت الحُجّة الاحتجاج والخصومة بالباطل فالاستثناء متصل، وإن كانت الدليل والبرهان الصحيح فالاستثناء منقطع[63].

قال الطبري مبينًا أن الحُجّة تأتي بمعنى الخصومة بالباطل: «فإن قال قائل: وأيّة حجة كانت لمشركي قريش على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في توجّههم في صلاتهم إلى الكعبة؟ وهل يجوز أن يكون للمشركين على المؤمنين فيما أمرهم الله به أو نهاهم عنه حجة؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهّمتَ وذهبتَ إليه. وإنّما الحُجّة في هذا الموضع: الخصومة والجدال. ومعنى الكلام: لئلا يكون لأحد من الناس عليكم خصومة ودعوى باطل غير مشركي قريش؛ فإنّ لهم عليكم دعوى باطلًا وخصومةً بغير حقّ بقيلهم لكم: رجع محمد إلى قبلتنا، وسيرجع إلى ديننا...»[64].

وممن ذهب إلى أنّ الاستثناء متّصل، وأنّ الحُجّة تُطلق على الاحتجاج بالحقّ أو بالباطل: ابنُ تيمية في بعض كتبه[65]، ونقله عنه تلميذه ابن القيم في كتابه: (بدائع الفوائد)[66]، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنّ القائلين بأن الاستثناء منقطع ظنّوا أن الحُجّة في الآية يُراد بها الحجة الصحيحة، ثم بَيَّن الصواب في ذلك، وقرّر أن الحجة في كتاب الله تُطلق ويراد بها أحد معنيين:

أحدهما: الحجة الحقّ الصحيحة؛ كقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ [الأنعام: ۸۳]، وقوله: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ [الأنعام: ١٤٩].

والثاني: مطلق الاحتجاج بحقّ أو بباطل؛ كقوله تعالى: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ [آل عمران: ٢٠]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجاثية: ٢٥]، وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٢٥٨]، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الشورى: ١٦][67].

قال ابن القيم مؤيدًا كلام شيخه: «وهذا في غاية التحقيق، والمعنى: أنّ الظالمين يحتجّون عليك بالحُجَج الباطلة الداحضة، فلا تخشوهم واخشوني...»[68]. وهذا القول علامات الصحة عليه ظاهرة، ولا حاجة إلى القول بأنّ (إلّا) بمعنى (لكن)؛ لأنّ ما بعد (إلّا) بعض مما قبلها، وهذا ضابط الاستثناء المتصل.

والتقرير الذي ذَكَرَهُ ابن تيمية سبقه إلى طرف منه الإمامُ الطبري كما نقلتُه عنه سابقًا.

الثاني: قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ﴾ [الأعراف: ۱۸۸].

ذهب ابن عطية إلى أنّ الاستثناء منقطع[69]، وأشار إليه كذلك الزمخشري في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ﴾ [يونس: ٤٩]، وفسّر الآية بقوله: «لكن ما شاء الله من ذلك كائن»[70]، وقال أبو السعود: «وهذا أبلغ في إظهار العجز»[71]. واستظهر أبو حيان الاتصال، وقال: «ولا حاجة لدعوى الانقطاع مع إمكان الاتصال»[72]، وجعل المعنى: «إلا ما شاء الله من تمكيني منه فإني أملكه، وذلك بمشيئة الله»[73].

وعلى هذا القول يدلّ ظاهر كلام كلٍّ من الطبري والواحدي[74]. ويدل عليه أيضًا قول البقاعي: «ولـمّا كان من المشاهَد أنّ كلّ حيوان يتصرّف في نفسه وغيره ببعض ذلك، قال: ﴿إلَّا مَا شَاءَ اللهُ﴾، أي: المحيط علمًا وقدرة أن أملكه من ذلك، فكأنه قيل: فما لك لا تدعوه بأن يشاء ذلك، ويقدرك عليه؟ فقيل: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ [يونس: ٤٩]، فكأنه قيل: وماذا يكون فيه؟ فقيل: إذا جاء أجلهم هلكوا»[75].

الثالث: قوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾ [النبأ: ٢٤- ٢٥].

اختلف المفسرون في نوع الاستثناء في هذه الآية، فذهب الأخفش والواحدي والزمخشري وابن عاشور إلى أن الاستثناء منقطع[76]، والمعنى: لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا ولكن يذوقون فيها حميمًا وغساقًا، وعلى قولهم يكون قولُه تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا﴾ تفسيرًا لقوله تعالى: ﴿لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾ [النبأ: 23]. وعلّل ابن عاشور هذا القول بأنّ الحميم ليس من جنس البرد، والغساق ليس من جنس الشرب[77].

وذهب ابن عطية، وابن جزي، وأبو حيان، والبقاعي إلى أن الاستثناء متصل[78]، وقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾ كلام مستأنف. والذي يظهر -والله أعلم- أنّ الاستثناء متصل، ويدلّ عليه قول الربيع: «فاستثنى من الشراب الحميم، ومن البرد الغساق»[79]. وهو ظاهر كلام الطبري؛ لأنه فسّر الآية بقوله: «لا يطعمون فيها بردًا يبرد حَرّ السعير عنهم، إلا الغساق؛ ولا شرابًا يرويهم من شدة العطش الذي بهم، إلا الحميم)[80].

تقدير حذف المضاف في الاستثناء المتصل:

مما يحسن التنبيه عليه في هذا النوع من الاستثناء: أنّ القول به واختياره يحتاج في بعض المواضع إلى تقدير حذف مضاف يظهر معه القول بالاتصال، ولا يلزم من ذلك صحة القول بأنّ الاستثناء متّصل، فقد يصحّ القول بالاتصال في بعض المواضع، ويقوى في مواضع أخرى القول بالانقطاع.

ومن الآيات التي صحّح جماعة من المفسِّرين القول بأنّ الاستثناء فيها متصل على تقدير حذف المضاف قوله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ [النساء: ١١٤]. حيث جَوَّز جماعة من المفسِّرين القول باتصال الاستثناء في هذه الآية من جهتين:

الأولى: أن تكون النجوى مصدرًا بمعنى فعل النجوى[81]، والتقدير: لا خير في كثير من نجواهم إلا نجوى من أمر بصدقة، وهذا الوجه هو الذي يقدّر فيه حذف مضاف، وهو قول الأخفش[82]، وجوَّزه الزجاج[83]، وقدَّمه البغوي، وجماعة من المفسِّرين[84]، واقتصر عليه البقاعي[85].

والثانية: أن تكون النجوى اسمًا بمعنى جمع المتناجين، والتقدير: لا خير في كثير من جماعاتهم المنفردة المتسارّة إلا مَن أمرَ بصدقة[86]، ولا حاجة إلى تقدير حذف مضاف، واختار هذا القول الطبري، ومعنى الآية كما ذكره: «لا خير في كثير من المتناجين يا محمد من الناس إلا فيمَن أمر بصدقة، أو معروف، أو إصلاح الناس، فإنّ أولئك فيهم الخير»[87].

وجوَّز جماعة أن يكون الاستثناء منقطعًا؛ لأنّ ما بعد إلا ليس من جنس ما قبلها، فما قبلها متعلق بالنجوى، وما بعدها متعلق بالمتناجين، و(إلّا) على هذا القول بمعنى (لَكِنْ)، والتقدير: لا خير في كثير مِن تناجيهم، لَكِنْ مَن أمر بصدقة فالخير في نجواه[88].

والقول بأن الاستثناء في هذه الآية متّصل ظاهر، سواء كانت النجوى اسمًا بمعنى المصدر، أو كانت اسمًا بمعنى القوم المتناجين.

ومن الآيات التي قيل فيها بهذا القول قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٥٧]. قيل بأنّ الاستثناء في هذه الآية متصل على تقدير حذف المضاف، وقيل بأنّه منقطع بمعنى (لَكِنْ). والتقدير عند من يجعل الاستثناء متصلًا: إلا أجر من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلًا، كما قدّره البقاعي[89]، أو: إلا فعل مَن شاء، كما قدّره الزمخشري، والبيضاوي، والنسفي[90].

وهذا القول -أعني القول بالاتصال- فيه ملحظ بلاغي؛ لأنّ القائل به يجعل الاستثناء في الآية من قَبِيل قول الشاعر:

ولا عيبَ فيهم غير أنّ سيوفهم ** بهنّ فُلول من قِراعِ الكتائب[91]

وهذا المسلك قال به الزمخشري في أكثر من موضع من مواضع الاستثناء الواردة في كتاب الله تعالى. وقد بَيّن هذا المعنى بقوله: «مثال: ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ﴾، والمراد: (إلّا فعل من شاء)، واستثنائه عن الأجر: ﴿إلَّا مَنْ شَاءَ﴾ قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال: (ما أطلب منك ثوابًا على ما سعيت إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه)، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب، ولكن صوّره هو بصورة الثواب، وسمّاه باسمه، فأفاد فائدتين:

إحداهما: قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله، كأنه يقول لك: إن كان حفظك لمالك ثوابًا، فإنّي أطلب الثواب.

والثانية: إظهار الشفقة البالغة، وأنك إن حفظت مالك، اعتدّ بحفظك ثوابًا، ورضي به كما يرضى المثاب بالثواب»[92].

قال الآلوسي: «وهو مبنيّ على الادّعاء، وتصوير ذلك بصورة الأجر من حيث إنه مقصود الإتيان به...»[93].

والقول بأنّ الاستثناء منقطع هو ظاهر عبارة الطبري[94]، ونصّ عليه البغوي، والعكبري[95]، واستظهر القول به ابن عطية وأبو حيان، وابن جزي[96]، ونسب أبو حيان القول به إلى الجمهور، والتقدير: لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلًا فليفعل[97].

والظاهر -والله أعلم- أنّ الاستثناء في هذه الآية منقطع؛ وأمّا القول بأنه متصل على حذف مضاف، ففيه -كما قال الحلبي- نظر؛ لأنّ القائل به لم يسند السؤال المنفي في الظاهر إلى الله تعالى، إنما أسنده إلى المخاطبين[98].

استثناء الأقلّ من الأكثر ودلالته:

ذهب أكثر النحاة إلى أنه لا يجوز أن يكون المستثنى أكثر من المستثنى منه[99]. قال أبو حيان: «والذي ينبغي أن يسلك في مقدار ما يخرج إنما هو ما سُمِع من لسان العرب؛ لأنّ هذه [تراكيب][100] ينبغي أن يُراعَى فيها التركيب المسموع، والذي لا شك فيه أنّ المسموع من اللسان هو استثناء الأقلّ، ويبقى المستثنى منه بعد الإخراج أكثر من المستثنى، قال تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [العنكبوت: ١٤]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾ [الحجر: ٥٩- ٦٠]، وقال تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَمْرَأَتَكَ﴾ [هود: ۸۱]، ولم يثبت من اللسان أن يكون المستثنى قدر المستثنى منه ولا أكثر؛ لأنّ ما استدلّوا به محتمل، وإذا دخل الدليلَ الاحتمالُ سقط به الاستدلال»[101].

وقد استفاد البقاعي من هذه القاعدة النحوية في أكثر من موضع، وبَيّن ما تدلّ عليه. ومن ذلك قوله في دلالة الاستثناء في قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ۸۲- ۸۳]: «وعرف من الاستثناء أنهم قليل، وأنّ الغواة هم الأصل»[102].

واستدلالُه بهذه القاعدة على أن المخلصين لله قليل استدلالٌ صحيح، يؤيّده أدلة كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ۱۳]، وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٣]، وقوله: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [غافر: ٥٩]، وقوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ۲۰]، وفي ذلك حثٌّ على إخلاص الطاعة لله تعالى؛ ليكون المرء من أهل النجاة من سبيل الشيطان.

وأمّا قول البقاعي: «وأنّ الغواة هم الأصل»؛ فلا يخلو من نظر، ولو قال: وأنّ الغواة هم الأكثر، لكان أحسن.

وقال أيضًا في الاستثناء الوارد في سورة العصر: «ولـمّا كان الحكم على الجنس حكمًا على الكلّ؛ لأنهم ليس لهم من ذواتهم إلا ذلك، وكان فيهم من خلصه الله مما طبع عليه الإنسان، بجعله في أحسن تقويم، وحفظه عن الميل مع ما فيه من النقائص، استثناهم لأنهم قليل جدًّا بالنسبة إلى أهل الخسر، فقال -دالًّا بالاستثناء على أن النفوس داعية إلى الشر مخلدة إلى البطالة واللهو، فالمخلص واحد من ألفٍ، كما في الحديث الصحيح-: ﴿إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [العصر: ۳]»[103].

ويعني بالحديث الصحيح: ما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، فيقول: أَخْرِج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: مِن كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع كلّ ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، قالوا: يا رسول الله، وأيُّنا ذلك الواحد؟ قال: أبشروا، فإنّ منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألفًا. ثم قال: والذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبّرنا، فقال: أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبّرنا، فقال: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، فكبّرنا، فقال: ما أنتم فى الناس إلا كالشعرة السوداء فى جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود)[104].

الاستثناء المنقطع:

ضابطه ما لم يكن فيه المستثنى بعضًا من المستثنى منه[105]، أو ما لم يكن المستثنى داخلًا فى المستثنى منه[106]، وتقدّر فيه (إلّا) من حيث المعنى بـ(لكن) عند البصريين، وبـ(سوى) عند الكوفيين[107]، وهذا التقدير يفيد أنّ (إلّا) في الاستثناء المنقطع فيها معنى الاستدراك، أي أنّ ما بعدها فى حكم المستأنف وإن كان له تعلّق بما قبله من جهة المعنى[108]، كما في قوله تعالى: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧]، وقوله: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ۷۸].

قال الطبري مبينًا هذا النوع من الاستثناء: «ويخرج بـ(إلّا) ما بعدها من معنى ما قبلها، ومن صفته، وإن كان كلّ واحد منهما من غير شكل الآخر ومن غير نوعه، ويسمِّي ذلك بعض أهل العربية استثناءً منقطعًا؛ لانقطاع الكلام الذي يأتي بعد (إلّا) عن معنى ما قبلها. وإنما يكون ذلك كذلك، في كلّ موضع حَسُن أن يوضع فيه مكان (إلّا) (لَكِنْ)، فيعلم حينئذ انقطاع معنى الثاني عن معنى الأول، ألَا ترى أنك إذا قلت: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ ثم أردت وضع (لَكِنْ) مكان (إلّا) وحذف (إلّا)، وجدت الكلام صحيحًا معناهُ صحّته وفيه (إلّا)، وذلك إذا قلت: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب لَكِن أماني؛ يعني: لكنّهم يتمنون. وكذلك قوله: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾، لَكِن اتباع الظن، بمعنى: لكنّهم يتبعون الظنّ»[109].

وهذا النوع من الاستثناء نَصّ سيبويه وغيره على أنه كثير في القرآن[110]، وكثيرًا ما يعبّر عنه الزجّاج في كتابه (معاني القرآن وإعرابه) بقوله: «استثناء ليس من الأول»[111].

والكثير الشائع في كتب التفسير تقدير معنى (إلّا) المنقطعة بـ(لَكِن) وفق قول البصريين[112]، وهل التقدير بـ(لَكِنّ) المشدّدة أم بـ(لَكِنْ) المخفّفة؟ ذهب السيوطي في (همع الهوامع) إلى أنه بـ(لكنّ) المشدّدة[113].

وشواهد هذا النوع كثيرة في القرآن، جمعت منها عند استقراء التفاسير التي هي محلّ البحث شواهد كثيرة، وجمعها كذلك الأستاذ الدكتور محمد عضيمة -رحمه الله- في كتابه (دراسات لأسلوب القرآن)[114].

وهذه الشواهد على قسمين: قسم نصّ جماهير المفسِّرين على أنّ الاستثناء فيه منقطع، كالاستثناء في قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ۷۸][115]، وفي قوله: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧][116]، وقوله: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل: ١٩- ٢٠][117]. وقسم وقع الخلاف فيه هل الاستثناء فيه متصل أم منقطع؟ وهذا القسم هو الأكثر.

أسباب الخلاف بين المفسِّرين في تعيين نوع الاستثناء:

يرجع الخلاف بين المفسِّرين من السلف وغيرهم في تحديد نوع الاستثناء إلى عدّة أسباب، أهمها ما يأتي:

١- الخلاف في المستثنى أهو من جنس المستثنى منه أم لا؟ وأوضحُ شاهد على هذا استثناءُ إبليس من الأمر بسجود الملائكة لآدم، وذُكر هذا في سبعة مواضع من القرآن الكريم.

ذهب ابن عباس وطائفة من السلف إلى أنّ إبليس كان من الملائكة، واختار هذا القول الإمام الطبري والبغوي والنسفي[118]، وجعله ظاهر الآية كلّ من ابن عطية والقرطبي وأبي حيان وغيرهم[119]. والاستثناء على هذا القول متصل؛ لأن المستثنى من جنس المستثنى منه[120].

وذهب غير واحد من السَّلَف إلى أنّه من الجنّ، وليس من جنس الملائكة[121]، واختار هذا القول الزجّاج والزمخشري وابن كثير وابن عاشور والشيخ محمد الأمين الشنقيطي[122]، والاستثناء على هذا القول منقطع و(إلّا) فيه بمعنى (لَكِن).

والراجح -والله أعلم- أنّ إبليس ليس من الملائكة؛ لقوّة ما استدلّ به أصحاب هذا القول. قال الإمام ابن تيمية: «والتحقيق أنه كان منهم باعتبار صورته، وليس منهم باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله»[123].

وقال ابن كثير: «فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود، وذُمّ على المخالفة؛ لأنه كان قد تشبّه بهم فعُومل معاملتهم، ودخل معهم تغليبًا، وكان من الجنّ وطبيعتهم النار، والملائكة من النور»[124].

ويظهر مما سبق أن مرجع الخلاف بين المفسِّرين يعود إلى اختلاف السَّلَف في الجنس الذي منه إبليس.

ومن الشواهد أيضًا على الخلاف في المستثنى هل يدخل في جنس المستثنى منه؟ خلاف المفسِّرين في الرمز هل ينزل منزلة الكلام؟

فمَن ذهب إلى أنه ينزل منزلة الكلام جعل الاستثناء في قوله تعالى: ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾ [آل عمران: ٤١] متصلًا، وهو القول الذي بدأ به الزمخشري[125]، وإليه يشير كلام البقاعي[126]، وذكر القرطبي أنّ الإشارة في قول عامة الفقهاء تنزل منزلة الكلام[127]. ومَن أخرجها من مسمَّى الكلام جعل الاستثناء منقطعًا، وهو قول الأخفش والعكبري وابن عطية[128]، وكثير من المفسِّرين[129]. وهو الراجح في هذه الآية، والله أعلم.

وقد بسط العلّامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره (أضواء البيان) الخلاف في مسألة تنزيل الإشارة منزلة الكلام، عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَأَشَارَتْ إلَيْهِ﴾ [مريم: ٢٩][130].

٢- الخلاف في تفسير لفظ المستثنى؛ ومثاله ما وقع من الخلاف في تفسير (اللمم) في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: ٣٢]، وفي المراد به أقوال[131]؛ أشهرها قولان: الأول: أنه صغائر الذنوب؛ كالنظرة والقُبلة وما دون الزِّنَى، والثاني: أن يلمّ بالذنب من الكبائر أو الفواحش مرّة واحدة ثم يتوب ولا يعود.

والاستثناء على القول الأول منقطع؛ لأنّ صغائر الذنوب ليست من جنس ﴿كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾. وهذا القول هو الراجح، واختاره كثير من المفسِّرين؛ منهم الإمام الطبري والزمخشري والبيضاوي والنسفي وابن كثير وغيرهم[132]. وجميعهم نصّ على أنّ الاستثناء فيه منقطع.

واختلف المفسِّرون في نوع الاستثناء على القول الثاني؛ فذهب جماعة إلى أنه متصل؛ لأنّ ما بعد (إلّا) من جنس ما قبلها[133]. والصواب أنه منقطع أيضًا كما نصّ على ذلك أبو عبيدة والواحدي[134]؛ لأنّ القول بأنّه متصل يترتب عليه إباحة اللّمم، وليس هذا مقصود الآية[135].

3- الخلاف في لفظ المستثنى هل يدخل في المستثنى منه أم لا؟ ومثاله الخلاف في نوع الاستثناء في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [الكهف: ١٦].

قال ابن عطية: «وقوله: ﴿إِلَّا اللهَ﴾ إنْ فرضنا الكفار الذين فرّ أهل الكهف منهم لا يعرفون الله ولا عِلْم لهم به، وإنما يعتقدون الألوهية في أصنامهم فقط، فهو استثناء منقطع ليس من الأول، وإنْ فرضناهم يعرفون الله ويعظِّمونه كما كانت تفعل العرب لكنهم يشركون أصنامهم معه في العبادة، فالاستثناء متصل؛ لأن الاعتزال وقع في كلّ ما يَعبد الكفار إلا في جهة الله تعالى، وفي مصحف ابن مسعود: «ومَا يَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ»، قال قتادة: هذا تفسيرها، قال هارون: وفي بعض مصاحفه: «ومَا يَعبُدونَ مِن دُونِنَا»، فعلى ما قال قتادة تكون (إلّا) بمنزلة (غير)»[136]. وبنحو قول ابن عطية هذا قال أبو حيان[137].

ومجيء (إلّا) بمعنى (غير) يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وهو معنى من المعاني الثابتة لـ(إلّا)، ويحتمله المعنى هنا، وفي تفسير الطبري إشارة تحتمله؛ لأنه فسّر (إلّا) بمعنى (سوى)، وهذا التفسير إمّا أن يُحْمَل على أنّ (إلّا) تدلّ على الانقطاع، أو على أنها بمعنى (غير)، والثاني أقرب[138].

وظاهر كلام الزجّاج يشير إلى الاتصال؛ لأنه قال: «المعنى: إذا اعتزلتموهم واعتزلتم ما يعبدون إلا الله، فإنّكم لن تتركوا عبادته»[139].

4- الخلاف بسبب القول بالتقدير الذي يصحّح كون المستثنى من جنس المستثنى منه. وسبق الكلام على هذا في مبحثٍ بعنوان: (تقدير حذف المضاف في الاستثناء المتصل)، وذكرت من الآيات التي قيل فيها بتقدير حذف المستثنى قوله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ [النساء: ١١٤]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٥٧].

ومن الآيات التي قيل فيها بالتقدير قوله تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ۱۱۲]، حيث ذهب الزمخشري إلى أن هذا استثناء من أعمّ عامّ الأحوال، وقال: «والمعنى: ضُربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلّا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس، يعني ذمّة الله وذمّة المسلمين، أي: لا عزّ لهم قط إلا هذه الواحدة، وهي التجاؤهم إلى الذمّة لِمَا قبلوه من الجزية»[140]. والاستثناء على هذا متصل، وبهذا القول قال جماعة من المفسِّرين[141]. وذكر أبو حيان أنه متّجه[142]. واختاره الرازي، وقال بعد أن ضعَّف القول بأنّ الاستثناء منقطع: «هاهنا وجه آخر، وهو أن يحمل الذلة على كلّ هذه الأشياء، أعني: القتل، والأسر، وسبي الذراري، وأخذ المال، وإلحاق الصَّغار والمهانة. ويكون فائدة الاستثناء هو أنه لا يبقى مجموع هذه الأحكام، وذلك لا ينافي بقاء بعض هذه الأحكام، وهو أخذ القليل من أموالهم الذي هو مسمّى بالجزية، وبقاء المهانة والحقارة والصَّغار فيهم، فهذا هو القول في هذا الموضع»[143].

وذهب الأخفش والزجاج وجماعة من المفسِّرين إلى أنّ الاستثناء في الآية منقطع[144]، والمعنى: أنّ اليهود أذلّاء، لكن قد يعتصمون بحبلٍ من الله وحبلٍ من الناس[145]. ونصرَ هذا القول الإمام الطبري[146]، واستظهره كذلك أبو حيان[147]. ويؤيّد هذا عند الطبري وأبي حيان أنّ الذلة ثابتة لليهود بكلّ حال، وليست هناك حالة مستثناة تفارقهم فيها تلك الذلة[148]، كما قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ [البقرة: ٦١][149].

والظاهر -والله أعلم- أنّ الاستثناء منقطع، وأنّ الذلّة لازمة لليهود بكلّ حال، سواء فُسّرت الذلة بالهوان والصَّغار، أو فُسّرت بدفع الجزية كما هو قول الحسن وقتادة[150]، ويدلّ على ملازمة الذلّة لهم في هذه الحال أيضًا قوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩][151].

5- الخلاف بسبب تفسير لفظ من الألفاظ الواردة في الجملة:

وهذا اللفظ قد يجتمع في بعض المواضع مع المستثنى منه في عامل واحد، كما في قوله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٥٠].

وسبق الكلام على هذه الآية، وأنّ الخلاف في نوع الاستثناء فيها يرجع إلى الخلاف في تفسير الحجة، أهي الدليل والبرهان الصحيح، أم مطلق الاحتجاج بالحقّ أو بالباطل؟ وتقدّم أنّ الراجح أنّ الاستثناء متصل، وأنّ الحُجّة هنا يراد بها الاحتجاج بالباطل، ولا حاجة إلى القول بالانقطاع كما ذهب إليه جماعة من النحاة[152].

وقد لا يجتمع هذا اللفظ مع المستثنى منه في عامل واحد كما في قوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ [هود: ١١٦]، حيث قال الأكثرون: إنّ الاستثناء في الآية منقطع[153]؛ لأنّ (لولا) حرف تحضيض بمعنى: هلّا، التي فيها معنى التوبيخ[154]، ومعنى الآية كما قال الطبري: فهلّا كان من القرون الذين قصصتُ عليك نبأهم في هذه السورة الذين أهلكتُهم بمعصيتهم أولو بقية من الفهم والعقل يعتبرون مواعظ الله ويتدبّرون حُجَجه، فيعرفون ما لهم في الإيمان بالله وعليهم في الكفر به؛ فينهون أهل المعاصي عن معاصيهم، وأهل الكفر بالله عن كفرهم[155].

ثم جاءت (إلّا) المنقطعة في قوله: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ لتدلّ على معنى الاستدراك، والتقدير: لكنَّ قليلًا ممن أنجينا من القرون أنجيناهم لكونهم نهوا عن الفساد[156].

وجوَّز الزمخشري وجهًا تُحمَل فيه (إلّا) على الاتصال، وهو أن تكون (لولا) بمعنى (ما) النافية، والتقدير: ما كان من القرون أولو بقية ينهون عن الفساد إلا قليلًا. وعلى هذا القول الاختيار في المستثنى الرفع على البدل، ويجوز فيه النصب على أصل الاستثناء.

ومجيء (لولا) بمعنى النفي أثبته الهروي مستدلًّا عليه بهذه الآية، وبقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ﴾ [يونس: ۹۸][157]، والأكثرون على أنّ (لولا) في الآيتين بمعنى (هلّا). والقول بأنّ الاستثناء في الآيتين متّصل نظرَ فيه قائله إلى أن النفي لازم لمعنى (هلّا) التحضيضية الدالة على معنى التوبيخ، وقد نبّه على هذا البيضاوي وابن هشام[158].

6- الخلاف بسبب تفسير لفظ المستثنى؛ ومنه على أحد الأقوال الاستثناء في قوله تعالى: ﴿قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ﴾ [هود: ٤٣]، حيث ذهب جماعة من النحاة والمفسِّرين إلى أنَّ الاستثناء منقطع، والمعنى: لا عاصم اليوم من أمر الله لَكِنْ مَن رحمه اللهُ فإنه معصوم[159].

واختار الطبري أنّ الاستثناء متصل، و﴿مَنْ رَحِمَ﴾ يراد بها الله سبحانه وتعالى، والمعنى: لا عاصم من أمر الله إلا هو، وقال بهذا القول جماعة من المفسِّرين[160].

والخلاف في الوجهين السابقين يرجع إلى الاختلاف في المراد بالمستثنى منه.

وجوّز الفرّاء وجهًا آخر، وهو أن يكون (عاصم) بمعنی معصوم[161]، کـ(دافق) في قوله تعالى: ﴿مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: ٦]، بمعنى مدفوق، والاستثناء على هذا الوجه متصل أيضًا[162]. وردّ ابن القيم هذا القول، وبَيّن أنّ كلّ واحد من اسم الفاعل واسم المفعول موضوع لمعناه الخاص به الذي لا يشاركه فيه المعنى الآخر، وليس الماء الدافق بمعنى المدفوق، بل هو فاعل على بابه، كما يُقال: ماء جارٍ، فـ(دافق) كـ(جارٍ)[163].

وفي الآية أوجه أخرى[164]. وأقوى الأوجه الوجه الأول، وهو قول الأكثرين، واستظهره أبو حيان[165]، وصححه ابن القيم؛ لأنّ الله تعالى لـمّا ذكر العاصم استدعى ذِكْره معصومًا مفهومًا من السياق[166].

قال أبو حيان: «والظاهر إبقاء ﴿عَاصِم﴾ على حقيقته، وأنه نفَى كلّ عاصم من أمر الله في ذلك الوقت، وأن ﴿مَنْ رَحِمَ﴾ يقع فيه (مَنْ) على المعصوم، والضمير الفاعل يعود على الله تعالى، وضمير الموصول محذوف، ويكون الاستثناء منقطعًا، أي: لَكِن مَن رحمه اللهُ معصوم»[167].

7- الخلاف بسبب تعيين المستثنى منه:

وشاهده الاستثناء في قوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: ٥٨- ٥٩]، حيث ذهب الزجّاج وابن عطية وابن عاشور إلى أن قوله تعالى: ﴿إِلَّا آلَ لُوطٍ﴾ استثناء منقطع من القوم الموصوفين بالإجرام[168]؛ لأنّ (آل لوط) ليسوا بعضًا من القوم الذين صفتهم الإجرام. وهذا الوجه استظهره أبو حيان[169].

وجوّز الزمخشري الاحتمال السابق، وجوّز معه أن يكون الاستثناء متصلًا، والمستثنى منه هو الضمير المستتر في ﴿مُجْرِمِينَ﴾، وبه يصح أن يكون الاستثناء متصلًا؛ لأنّ (آل لوط) بعض من المستثنى منه، والمعنى: إلى قوم قد أجرموا كلّهم إلا آل لوط[170].

وبيّن الزمخشري الأثر الذي ينبني على كون الاستثناء متصلًا أو منقطعًا بقوله: «فإن قلت: فهل يختلف المعنى لاختلاف الاستثناءين؟ قلت نعم، وذلك أنّ (آل لوط) مخرجون في المنقطع من حكم الإرسال، وعلى أنهم أُرسلوا إلى القوم المجرمين خاصّة، ولم يرسلوا إلى (آل لوط) أصلًا»[171].

ووافقه على تجويز كِلا الوجهين السابقين البيضاوي والنسفي والآلوسي[172].

والظاهر من كلام البقاعي أنه يختار أنّ الاستثناء متصل، وآل لوط مستثنون من الضمير المستتر في ﴿مُجْرِمِينَ﴾[173].

والأقوى -والله أعلم- أنّ الاستثناء منقطع، و(آل لوط) ليسوا بعضًا من القوم الذين صفة الإجرام لازمة لهم، ولم يُرْسَل إليهم الملائكة أصلًا، وإنما أُرسلوا إلى القوم المجرمين خاصّة. واختار هذا الوجه ابن المنير في حاشيته على (الكشاف)، وجعله أَوْلى وأَمكن[174]. ويدلّ عليه ما جاء في سورة الذاريات: ﴿قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ﴾ [الذاريات: ۳۲- ۳۳][175].

وأكتفي بذكر هذه الأسباب التي تبين جملة من العِلَل التي وقع الخلاف بسببها بين المفسِّرين في نوع الاستثناء.

أهمية النظر في أقوال السَّلَف في تفسير الآية عند بيان نوع الاستثناء:

من الأمورِ التي ينبغي مراعاتها للحكم بأنّ الاستثناء متّصل أو منقطع النظرُ في أقوال المفسِّرين من السلف في تفسير الآية، والتفطُّن لِمَا ينبني عليها من كون الاستثناء متصلًا أو منقطعًا، كما في قوله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُمْ﴾ [البقرة: ١٥٠]، فالاستثناء في هذه الآية متصل على قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم[176]، ومنقطع على قول الفرّاء والأخفش والزجّاج[177]، وبمعنى (الواو) على قول أبي عبيدة معمر بن المثنى[178]؛ والراجح أن الاستثناء متّصل كما يُفهم من تفسير السلف للآية، وهو ما رجحه الطبري وجماعة.

ومن مواضع الاستثناء التي رجح فيها الإمام الطبري قول المفسّرين من السلف على قول أهل العربية: ما جاء في قوله تعالى: ﴿يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾ [النمل: ١٠- ١١]، حيث قال الحسن وابن جريج ما يدل ظاهره على أنّ الاستثناء متصل[179]. وذهب الفرّاء في أحد قوليه والأخفش والزجاج إلى أن الاستثناء منقطع[180]، وعلى هذا القول الجملة المنفية في قوله: ﴿لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ باقية على عمومها، و(إلّا) للاستدراك بمعنى (لَكِنْ).

واختار الطبري قول الحسن وابن جريج، وردّ قول الأخفش والفرّاء، وقال بعد حكايته لقولهما: «والصواب من القول في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ﴾ عندي غيرُ ما قاله هؤلاء الذين حكينا قولهم من أهل العربية، بل هو القول الذي قاله الحسن البصري وابن جريج، ومن قال قولهما، وهو أنّ قوله: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾ استثناء صحيح من قوله: ﴿لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾، إلّا من ظلم منهم فأتَى ذنبًا، فإنه خائف لديه من عقوبته، وقد بيّن الحسن -رحمه الله- معنى قيل الله لموسى ذلك، وهو قوله: قال: إني إنما أخفتُك لقتلك النفس»[181]. واختار هذا القول ابن قتيبة في كتابه (تأويل مشكل القرآن)[182]، واستظهره ابن عاشور[183].

وذهب إلى أن الاستثناء منقطع كثيرٌ من المفسِّرين[184]؛ منهم تاج القرّاء الكرماني والزمخشري والقرطبي والبيضاوي والحافظ ابن كثير وغيرهم[185]، ويدلّ عليه تقدير (إلّا) بـ(لَكِنْ) عند الزمخشري والرازي والبقاعي[186]، واستظهر هذا القول أبو حيان وتلميذه الحلبي والآلوسي. وعلّلوا قولهم بأن هذا القول هو اللائق بشأن المرسلين وعصمتهم[187].

وهناك قول ثالث نسبه الفرّاء إلى بعض النحويين، وهو أنّ (إلّا) بمعنى (الواو)، والمعنى: لا يخاف لديّ المرسلون ولا مَن ظَلم. وردّ هذا القول الفرّاء[188]، وأبو حيان، وابن القيم[189].

والظاهر -والله أعلم- أنّ الاستثناء متّصل كما يدلّ عليه قول الحسن وابن جريج، وليس في القول باتصاله ما يقدح في مقام الأنبياء ومكانتهم، قال ابن عطية: «وأجمع العلماء أنّ الأنبياء -عليهم السلام- معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي هي رذائل، واختُلف فيما عدا هذا، فعسى أن يُشير الحسن وابن جريج إلى ما عدا ذلك»[190].

ومسألة عصمة الأنبياء -عليهم السلام- من الصغائر من المسائل الخلافية، وقد نَسب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى الجمهور أنّ الأنبياء -عليهم السلام- معصومون من الكبائر دون الصغائر[191]، وهي مسألة مبسوطة في كتب العقائد[192].

وقد يقع الخلاف بين السلف في تفسير الآية، فيتفرع على هذا الخلاف بيان نوع الاستثناء، كما في تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [التين: ٥- ٦]، ولهم في هذه الآية قولان:

الأول: قول عكرمة وإبراهيم النخعي وقتادة، وروي عن ابن عباس أنّ المراد بأسفل سافلين: الهرَم وأرذل العمر، وهو اختيار الإمام الطبري وابن قتيبة[193]. والاستثناء في قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ استثناء منقطع، (إلّا) فيه بمعنى (لَكِنْ). واختُلف في تقدير المعنى على هذا القول على أقوال؛ اختار الطبري أن المعنى: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال صحتهم وشبابهم، فلهم أجر غير ممنون بعد هرَمهم، كهيئة ما كان لهم من ذلك على أعمالهم في حال ما كانوا يعملون وهم أقوياء على العمل»[194]. قال ابن قتيبة: «السافلون هم الضعفاء والزَّمْنَى والأطفال، ومن لا يستطيع حيلة ولا يجد سبيلًا»[195]، ومَن رُدّ إلى أرذل العمر فهو في أسفل هؤلاء جميعًا[196]. وهذا القول حسّنه ابن عطية[197]، واختاره تفسيرًا للآية جلال الدين المحلي في (تفسير الجلالين)[198].

والثاني: قول أبي العالية ومجاهد والحسن وابن زيد أنّ المراد بـ﴿أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ النار؛ لأنها دركات بعضها أسفل من بعض[199]. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ استثناء متصل من الضمير في ﴿رَدَدْنَاهُ﴾[200]. وهذا القول نصره شيخ الإسلام ابن تيمية، وأسهب في ذِكْر الدلائل على صحته[201]، وكلام الحافظ ابن كثير يدلّ على اختياره لهذا القول[202]، ومن الدلائل التي استدلّ بها ابن تيمية وابن كثير على ردّ القول الأول أنه لو كان المراد بـ﴿أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ الهرَم وأرذل العمر لما حَسُنَ استثناء المؤمنين من ذلك؛ لأنّ الهرم قد يصيب بعضهم[203]. وهذا الاعتراض قد يُجَاب عنه بأنّ الاستثناء منقطع، و(إلّا) بمعنى (لَكِنْ)[204]. واعترض عليه أيضًا ابن تيمية بأنّ الاستثناء المنقطع لا يقع في الموجب؛ وهذا بحسب الغالب، وقد جاء الاستثناء المنقطع في الموجب في قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الانشقاق: ٢٤- ٢٥][205].

وفيه إشكال آخر نبّه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أن المنقطع لا يكون فيه المستثنى بعضًا من المستثنى منه، والذين آمنوا وعملوا الصالحات بعض نوع الإنسان. وبالجملة فإنّ الأدلة التي استدلّ بها ابن تيمية على ردّ القول الأول بعضها قوي، وبعضها محلّ خلاف. وممن صحّح هذا القول من المفسِّرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله[206].

المعنى الثاني من معاني (إلّا) أن تكون صفة بمعنى (غير):

وهذا المعنى لـ(إلّا) نصّ عليه سيبويه والكسائي والأخفش وكثير من النحاة[207]، ومثّلوا له بأمثلة، منها قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢]، فقوله: ﴿إِلَّا اللهُ﴾ صفة لكلمة ﴿آلِهَةٌ﴾[208]، والمعنى: لو كان فيهما آلهةٌ غيرُ الله لفسدتا.

والفرّاء يجعل (إلّا) هنا بمعنى (سوى)[209]، ووافق النحاةَ في إثبات هذا المعنى جمعٌ كثير من المفسِّرين[210].

وقد نبّه غير واحد من النحاة والمفسِّرين على أنّ حمل (إلّا) في الآية السابقة على الاستثناء متعذّر، وأنه غير جائز من جهة المعنى ومن جهة اللفظ. قال ابن هشام: «فلا يجوز في (إلّا) هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى؛ إذ التقدير حينئذ: لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا، وذلك يقتضي بمفهومه أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدَا، وليس ذلك المراد. ولا من جهة اللفظ؛ لأنّ (آلهة) جمع منكر في الإثبات فلا عموم له، فلا يصح الاستثناء منه...»[211].

وممن نبّه على ذلك أيضًا العُكْبري والبيضاوي والزركشي والسيوطي وأبو السعود[212].

قال المرادي: «فإن قلت: كيف يوصف بـ(إلّا) وهي حرف؟ قلت: التحقيق أنّ الوصف إنما هو بها وبتاليها، لا بها وحدها؛ ولذلك ظهر الإعراب في تاليها. ومن قال: إنّ (إلّا) يوصف بها، فقد تجوّز في العبارة. وإنما صح أن يوصف بها وبتاليها؛ لأن مجموعهما يؤدي معنى الوصف، وهو المغايرة»[213].

ومن الفوائد التي ذكرها بعض المفسّرين أن اختيار (إلّا) في هذه الآية دون (غير) يفيد فائدتين:

الأولى: نفى كثرة الآلهة، ووجوب أن يكون الإله واحدًا.

والثانية: وجوب أن يكون ذلك الإله هو الله وحده دون سواه[214]. واستعمال (غير) لا يفيد إلا الفائدة الأولى[215].

وهناك آيات أخرى جوّز بعض النحاة أن تكون (إلّا) فيها بمعنى (غير)، ومنها قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ [النحل: ٤٣- ٤٤]. ذهب الكسائي إلى أن (إلّا) بمعنى (غير). ولم يرتض الفرّاء وغيره هذا القول[216].

وذهب مكّي بن أبي طالب إلى أنّ الأحسن أن تكون (إلّا) في قوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦]، بمعنى (غير).

وجوّز الزمخشري أن تكون (إلّا) في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ [الزخرف: ٢٦- ٢٧]، بمعنى (غير)، وأن تكون بمعنى (لَكِنْ)، والاستثناء منقطع[217]. واستظهر أبو حيان أنّ (إلّا) للاستثناء[218]، وهو الظاهر.

وجوّز العكبري هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النور: ٦][219].

وظاهر كلام الزمخشري أنّ الاستثناء في الآية متصل[220].

 

 

[1] هذه المقالة من كتاب (حروف المعاني التي يحتاج إليها المفسّر ودلالاتها وأثرها في التفسير)، الصادر عن مركز تفسير سنة ١٤٤٢هـ، تحت عنوان: (المبحث الرابع: دلالات حرف الاستثناء "إلّا")، ص٤٢٢ وما بعدها. (موقع تفسير)

[2] انظر: رصف المباني، للمالقي، ص٨٥.

[3] انظر: اللباب في علل البناء والإعراب، للعكبري (۱/ ۳۰۲)، وشرح ابن يعيش على المفصل (۲/ ۷۷، ۸۳)، وشرح الرضي على الكافية (٢/ ١٣٦)، وجواهر الأدب في معرفة كلام العرب، للإربلي، ص۳۸۹، ۳۹۲. قال ابن يعيش: «و(إلّا) أُمّ حروف الاستثناء، وهي المستولية على هذا الباب». شرح ابن يعيش على المفصل (۲/ ۷۷، ۸۳).

[4] انظر: أوضح المسالك، لابن هشام (۲/ ۲۱۹). وأدوات الاستثناء الثماني هي: (إلّا، وحاشا، وليس، ولا يكون، وخلا، وعدا، وغير، وسوى). انظر: الكتاب، لسيبويه (۲/ ٣٠۹)، وأوضح المسالك، لابن هشام (۲/ ۲۱۹- ۲۲۱)، وجواهر الأدب، للإربلي، ص۳۸۹، والنحو الوافي، لعباس حسن (٢/ ٢٩٦).

[5] انظر: الكتاب، لسيبويه (٢/ ٣٤٩).

[6] انظر: أوضح المسالك، لابن هشام (۲/ ۲۱۹- ۲۲۰).

[7] انظر: دراسات لأسلوب القرآن، لعضيمة (٢/ ١١٣).

[8] انظر: جامع البيان، للطبري (۱۳/ ۱۳۸)، ومعاني القرآن، للفراء (٢/ ٣٦).

[9] انظر: المحرر الوجيز، لابن عطية (٧/ ٤٩٧). ونُسِب هذا القول إلى المبرد وابن جني وأبي عليّ الفارسي. انظر: المقتضب (٤/ ٣٩١)، المحتسب، لابن جني (١/ ٣٤٢)، المسائل الحلبيات، ص٢٤٤، والإتقان، للسيوطي (٢/ ١٩١).

[10] انظر: اللباب في علل البناء والإعراب، للعكبري (۱/ ۳۰۹)، والجنى الداني، للمرادي، ص٥٥٩، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص١٤٠، وهمع الهوامع، للسيوطي (۳/ ۲۸۸)، وشرح الأشموني على ألفية ابن مالك (١/ ٥٢٨).

[11] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان (٥/ ٣٩٥)، والدر المصون، للحلبي (٦/ ٤٨٣).

[12] انظر: شرح التسهيل (۲/ ۳۰۸)، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص١٤٠، وهمع الهوامع، للسيوطي (۳/ ۲۸۸)، وشرح الأشموني على ألفية ابن مالك (١/ ٥٨٢).

[13] انظر: البرهان في علوم القرآن (٤/ ۲۷۱)، الإتقان في علوم القرآن (١/ ٤٦٩).

[14] التفسير البسيط (١٢/ ١٠٤).

[15] انظر: الأصول، لابن السراج (۱/ ۲۸۱)، وأوضح المسالك، لابن هشام (٢/ ٢٢٢)، والنحو الوافي، لعباس حسن (٢/ ٢٩٣).

[16] النصب بعد الموجب هو الأفصح والمشهور، وذكر أبو حيان أنّ الإتباع لغة، وخرّج عليها قراءة عبد الله وأُبيّ والأعمش: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ بالرفع، وذهب الزمخشري في (الكشاف)، وابن مالك في (شرح التسهيل)، والرضي في (شرح الكافية)، إلى أن الموجب في قوله تعالى: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ﴾ في معنى المنفي، كأنه قيل: (فلم يُطِيعوه)، فرفع (قليلٌ) على المعنى. انظر: الكشاف (١/ ٢٢٦)، وشرح التسهيل (۲/ ۲۸۱)، وشرح الكافية الشافية، لابن مالك (٢/ ٧٠٩)، وشرح الرضي على الكافية (٢/ ١٤٥)، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل (١/ ٢٠٣).

[17] نَصّ على أن الاستثناء في هذه الآية منقطع جماعةٌ؛ منهم الزمخشري وأبو السعادات ابن الأثير والنسفي وابن القيم وغيرهم. انظر: الكشاف (٤/ ٥٤٦)، والبديع في علم العربية، لابن الأثير (١/ ٢٢٧)، ومدارك التنزيل (٤/ ٥٠٣)، وبدائع الفوائد، لابن القيم (٣/ ٧١).

[18] شرح قطر الندى وبلّ الصدى، ص٢٧٤.

[19] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان (۲/ ۷۷۰)، ودراسات لأسلوب القرآن، لعضيمة (١/ ٢٢٨).

[20] انظر: السبعة في القراءات، لابن مجاهد، ص٢٣٥. قرأ جمهور القراء: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦]، بالرفع على الإبدال من الواو في ﴿فَعَلُوهُ﴾، وقرأ ابن عامر: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ بالنصب على الأصل. انظر: البسيط، للواحدي (٣/ ٤٠٩)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (٤/ ١٢٣)، الكشاف، للزمخشري (١/ ٤٠٧)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٣/ ٤٠٦).

[21] انظر: غيث النفع في القراءات السبع، للصفاقسي، ص۳۱۲، وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر، للدمياطي، ص٣٢٥، والبدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، للقاضي، ص١٥٧.

[22] انظر: جامع البيان، للطبري (١٢/ ٥١٤- ٥١٥)، ومعاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٣/ ٦٩- ٧٠)، والبسيط، للواحدي (١١/ ٥٠٧).

[23] انظر: شَوَاهِد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، لابن مالك، ص٩٤، ومغني اللبيب، لابن هشام (٢/ ٦٨٦)، وبدائع الفوائد، لابن القيم (۳/ ۹۳۷)، ودراسات لأسلوب القرآن، لعضيمة (١/ ٢٢٣).

[24] انظر: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (٦/ ٣٦٥) وما بعدها، روح المعاني، للآلوسي (٢/ ١٦٤).

[25] انظر: الجنى الداني، للمرادي، ص٥١، وشرح قطر الندى وبلّ الصدى، لابن هشام، ص٢٧٥.

[26] انظر: حاشية الخضري على شرح ابن عقيل (١/ ٢٠٥)، بتصرف يسير.

[27] انظر: شرح الرضي على الكافية (٢/ ١٤٥)، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم، لعضيمة، ص٢٠٥.

[28] انظر: الدر المصون، للحلبي (١/ ١٢٧)، (١/ ٤٦١).

[29] انظر: الأصول، لابن السراج (۱/ ۲۸۱)، واللباب في علل البناء والإعراب، للعكبري (١/ ٣٠٢)، وشرح ابن يعيش على المفصل (۲/ ۷۹)، وشرح التسهيل، لابن مالك (٢/ ٢٦٤)، ورصف المباني، للمالقي، ص۸٥، والجنى الداني، للمرادي، ص٥۱۱، ومغني اللبيب، لابن هشام (١/ ٨٣)، وشرح قطر الندى وبلّ الصدى، لابن هشام، ص۲۷۲، وهمع الهوامع، للسيوطي (٣/ ٢٤٧)، والنحو الوافي، لعباس حسن (٢/ ٢٩٢).

[30] انظر: شرح التسهيل، لابن مالك (۲/ ۲۹۸)، والجنى الداني، للمرادي، ص٥١٧، والدر المصون، للحلبي (٨/ ١٤٢)، وهمع الهوامع، للسيوطي (٣/ ٢٧٠).

[31] انظر: شرح التسهيل، لابن مالك (٢/ ٢٦٤)، ورصف المباني، للمالقي، ص٨٥، والجنى الداني، للمرادي، ص٥١٢، والبرهان، للزركشي (٤/ ٢٣٦)، والنحو الوافي، لعباس حسن (٢/ ٢٩٥).

[32] انظر: جامع البيان، للطبري (٢٤/ ٣٤٢)، والبرهان، للزركشي (٤/ ٢٣٦). قال ابن مالك: «وذِكر البعضية [في قولي: وهو إذا ما كان بعضًا متصل] أَوْلَى من ذِكْر الجنسية؛ لأن المستثنى قد يكون بعد ما هو من جنسه، وهو منقطع غير متصل؛ كقولك: (قام بنوك إلّا ابن زيد)». انظر: شرح الكافية الشافية (٢/ ٧٠١).

[33] انظر: روح المعاني (١/ ٣٦٦).

[34] انظر: البسيط، للواحدي (١١/ ٥٠٨)، وشرح شذور الذهب، لابن هشام، ص٣٦، والكليات، لأبي البقاء الكفوي (١/ ١٢٥)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٤/ ٨٨).

[35] انظر: جامع البيان (٢٢/ ٦٣)، (٢٤/ ٣٤٢)، (٢٤/ ٥١٦)، والبسيط، للواحدي (٣/ ٤٠٦)، (١٧/ ١٧٣).

[36] انظر: التبيان في إعراب القرآن، للعكبري (۲/ ۷۸۱).

[37] (مَنْ) في الآية استفهام بمعنى النفي للتوبيخ والاستبعاد. انظر: البسيط، للواحدي (٣/ ٣٢٩)، والكشاف، للزمخشري (١/ ١٤٥)، والبحر المحيط (١/ ٥٦٤)، ودراسات لأسلوب القرآن، لعضيمة (١/ ٢٢٤).

[38] انظر: جامع البيان، للطبري (٦/ ٦٥)، والبسيط، للواحدي (٥/ ٦٠٣).

[39] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان (۱/ ۱۸۳)، والدر المصون، للحلبي (١/ ٢٣٣).

[40] انظر: جامع البيان، للطبري (۱۲/ ٥۸۸)، والبسيط، للواحدي (١١/ ٣٥)، والبحر المحيط، لأبي حيان (١/ ٦٢٩)، والدر المصون، للحلبي (١٠/ ٣٠٥).

[41] جامع البيان (١٢/ ٥٨٨).

[42] البحر المحيط (١/ ٦٢٩).

[43] انظر: البسيط (٣/ ٤٠٦) وما بعدها، والبحر المحيط (١/ ٦٢٩).

[44] زاد أبو حيان والحلبي قولًا رابعًا، وهو أنها بمعنى (بعد)، واتفقَا على تضعيفه. ولم أجد من قال به في هذه الآية. انظر: البحر المحيط (١/ ٦٣٠)، والدر المصون (٢/ ١٧٩).

[45] انظر: جامع البيان، للطبري (٢/ ٦٨٧، ٦٨٨)، ومعالم التنزيل، للبغوي (١/ ١٦٥).

[46] انظر: جامع البيان، للطبري (٢/ ٦٨٨) وما بعدها.

[47] انظر: المحرر الوجيز (٢/ ٢٥- ٢٦)، وأنوار التنزيل (١/ ١١٣).

[48] انظر: الكشاف، للزمخشري (١/ ١٥٨)، ومدارك التنزيل (١/ ١٣٧).

[49] انظر: الدر المصون (۲/ ۱۷۸).

[50] جامع البيان، للطبري (٢/ ٦٨٥).

[51] انظر: معاني القرآن، للفراء (۱/ ۷۲)، معاني القرآن، للأخفش (١/ ١٦٢)، معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٢٦- ٢٢٧).

[52] انظر: تفسير السمعاني (١/ ١٥٤)، والتسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزيّ (١/ ٦٣).

[53] انظر: معاني القرآن، للأخفش (١/ ١٦٢)، والبسيط، للواحدي (٣/ ٤١٠).

[54] انظر: البسيط، للواحدي (٣/ ٤١٠).

[55] انظر: معاني القرآن، للفراء (١/ ٧٢).

[56] انظر: معاني القرآن، للفراء (۱/ ۷۲- ۷۳)، معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٢٦- ٢٢٧).

[57] قال -رحمه الله-: «ولما كانت الحجة كلامًا ينشأ عن مقدّمات يقينية مركّبة تركيبًا صحيحًا وقع الاستثناء باعتبار تلبّس المستثنى بجزء المعنى الذي نفى عن المستثنى منه بدلالة التضمن، فهو قريب من الاستخدام، فقال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ﴾ أي: الناس الذين ﴿ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾، فإنهم لعنادهم ولددهم لا يرجعون إلى الحقّ الذي يعرفونه، بل يكون لهم عليكم مجرّد كلام هو مادة الحجة لا حجة بما دل عليه وصفهم بالظلم الذي هو وضع الشيء في غير محله، كما هو شأن كلّ ماش في مأخذ الاشتقاق الذي هو الظلام، ويكون الاستثناء على هذا منقطعًا، بمعنى: لئلا يحتج أحد عليكم، لكن الذين ظلموا يقولون أو يُظهِرون فجورًا ولددًا في ذلك كلامًا يسمونه حجة». نظم الدرر (٢/ ٢٣٥- ٢٣٦).

[58] معاني القرآن، للفراء (۱/ ۷۲- ۷۳).

[59] معاني القرآن وإعرابه (١/ ٢٢٧).

[60] انظر: البسيط (٣/ ٤١١).

[61] انظر: جامع البيان، للطبري (١/ ٦٨٩)، والبحر المحيط، لأبي حيان (١/ ٦٣٠)، والدر المصون، للحلبي (٢/ ١٧٩)، معاني القرآن وإعرابه، للزجاج.

[62] هذا التعليل مستفاد من تعليلات الطبري لاختياراته في بعض المواضع. انظر: جامع البيان (١٢/ ٥٨٨).

[63] انظر: البحر المحيط (١/ ٦٣٠)، والتفسير الكبير، للرازي (٤/ ١٢٠- ١٢١)، وبدائع الفوائد، لابن القيم (٤/ ١٦٠٨- ١٦١٠).

[64] جامع البيان (١/ ٦٨٥).

[65] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ص١٥، والصفدية (٢/ ٣١٦).

[66] انظر: بدائع الفوائد (٤/ ١٦٠٨- ١٦١٠).

[67] انظر: بدائع الفوائد (٤/ ١٦٠٩)، بتصرف يسير.

[68] انظر: بدائع الفوائد (٤/ ١٦٠٩).

[69] انظر: المحرر الوجيز (٦/ ١٧٠).

[70] انظر: الكشاف (٢/ ٢٦١).

[71] إرشاد العقل السليم (٣/ ٦٣).

[72] البحر المحيط (٤/ ٥٥٢).

[73] البحر المحيط (٤/ ٥٥٢).

[74] قال الطبري: «لا أقدر على اجتلاب نفعٍ إلى نفسي، ولا دفع ضر يحلّ بها عنها إلا ما شاء الله أن أملكه من ذلك، بأن يقوِّيني عليه ويعينني». جامع البيان (١٠/ ٦١٥- ٦١٦)، وبنحو كلامه قال الواحدي. انظر: البسيط (٩/ ٥٠٦).

[75] نظم الدرر (٩/ ١٣٥).

[76] انظر: معاني القرآن، للأخفش (۱/ ۲۲۹)، والبسيط (٢٣/ ١٣٣)، والكشاف (٤/ ٥١٨)، والتحرير والتنوير (٣٠/ ٣٨).

[77] انظر: التحرير والتنوير (٣٠/ ٣٨).

[78] انظر: المحرر الوجيز (۱٥/ ۲۸۸)، والتسهيل (٤/ ١٧٤)، والبحر المحيط (٨/ ٥٧٦)، ونظم الدرر (٢١/ ٢٠٦).

[79] جامع البيان (٢٤/ ٢٨).

[80] جامع البيان (٢٤/ ٢٧).

[81] يعبِّر الفرّاء وغيره عن المصدر بالفعل؛ لأنه يدل على الحدث. انظر: معاني القرآن، للفراء (۱/ ۲۰۸)، وجامع البيان (٧/ ٤٨٢)، وأسرار العربية، لابن الأنباري، ص١٥٢. قال الرضي في شرح الكافية: «وسيبويه يسمي المصدر فعلًا وحدثًا وحدثانًا». شرح الرضي على الكافية (٤/ ٣٧٢).

[82] انظر: معاني القرآن (١/ ٢٦٦). ونسبه الطبري إلى بعض نحويي البصرة، يعني به الأخفش. انظر: جامع البيان (٧/ ٤٨٢).

[83] انظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (۱/ ۲۰۸).

[84] انظر: معالم التنزيل (٢/ ٢٨٦)، والكشاف، للزمخشري (١/ ٤٣٣)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٢/ ٩٦)، ومدارك التنزيل، للنسفي (١/ ٣٦٥).

[85] انظر: نظم الدرر (٥/ ٤۰۰).

[86] كذا قدّر ابن عطية المعنى على هذا القول. انظر: المحرر الوجيز (١/ ٢٢٦).

[87] جامع البيان (٧/ ٤٨٢).

[88] انظر: البحر المحيط، لأبي حيان (٣/ ٤٩٤).

[89] انظر: نظم الدرر (١٣/ ٤١٢).

[90] انظر: الكشاف، للزمخشري (۳/ ۲۱۹)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٤/ ١٢٨)، ومدارك التنزيل، للنسفي (٣/ ٢٥١).

[91] البيت للنابغة الذبياني، وهو في ديوانه، ص٣٢.

[92] الكشاف (٣/ ٢١٩).

[93] روح المعاني (١٩/ ٥٥).

[94] قال -رحمه الله-: «لكن من شاء منكم اتخذ إلى ربه سبيلًا طريقًا بإنفاقه من ماله في سبيله، وفيما يقربه إليه من الصدقة والنفقة في جهاد عدوه، وغير ذلك من سبل الخير». جامع البيان (١٧/ ٤٧٩)، وفهم ابن عطية من هذا القول أنّه يجعل الاستثناء متصلًا. انظر: المحرر الوجيز (١١/ ٥٧).

[95] انظر: معالم التنزيل (٦/ ٩١)، والتبيان في إعراب القرآن (۲/ ۹۸۸).

[96] انظر: المحرر الوجيز (١١/ ٥٧)، والبحر المحيط (٦/ ٦١٤)، والتسهيل (٣/ ٨٠).

[97] انظر: البحر المحيط (٦/ ٦١٤).

[98] الدر المصون، للحلبي (٨/ ٤٩٢).

[99] انظر: همع الهوامع، للسيوطي (٢/ ٢٦٨).

[100] في المطبوع: (تراكب)، والظاهر أنّه تصحيف.

[101] التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (٨/ ٢٦٠). وقال السيوطي في كتابه (همع الهوامع): «واختلفوا في غير المستغرق؛ فأكثر النحويين أنه لا يجوز كون المستثنى قدر المستثنى منه أو أكثر بل يكون أقل من النصف، وهو مذهب البصريين، واختاره ابن عصفور والأبذي، وأكثر الكوفيين أجازوا ذلك، وهو مذهب أبي عبيدة والسيرافي، واختاره ابن خروف والشلوبين وابن مالك، وذهب بعض البصريين وبعض الكوفيين إلى أنه يجوز أن يكون المخرج النصف فما دونه، ولا يجوز أن يكون أكثر من ذلك. ويدل لجواز الأكثر قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: ٤٢]، والغاوون أكثر من الراشدين، ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ۱۳۰]، وحديث مسلم: (يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته)، والمطعَمون أكثر قطعًا، ولجواز النصف قوله تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا﴾ [المزمل: ۲- ۳]. قال أبو حيان: وجميع ما استدلّ به محتمل التأويل، والمستقرأ من كلام العرب إنما هو الاستثناء الأقلّ».

[102] نظم الدرر (١٦/ ٤٢٧).

[103] نظم الدرر (۲۲/ ۲۳۸).

[104] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج (٤/ ١٣٨)، برقم (٣٣٤٨).

[105] انظر: الأصول، لابن السراج (۱/ ۲۸۹)، وارتشاف الضرب، لأبي حيان (٢/ ٢٩٦)، والجنى الداني، للمرادي، ص٥١٢، والنحو الوافي، لعباس حسن (٢/ ٢٩٥).

[106] انظر: شرح الرضي على كافية ابن الحاجب (۲/ ۱۲۲)، وبدائع الفوائد، لابن القيم (٣/ ٩٣٥).

[107] نصّ الفرّاء على هذا التقدير في أكثر من موضع في كتابه (معاني القرآن): (۲/ ١٧٢)، (٢/ ٢٤٨)، (٣/ ٤٣).

[108] انظر: البسيط، للواحدي (٣/ ٤١٠)، وهمع الهوامع، للسيوطي (٣/ ٢٤٩) بتصرف يسير.

[109] جامع البيان، للطبري (٢/ ١٥٩).

[110] انظر: الكتاب لسيبويه (٢/ ٣٢)، ومعاني القرآن، للأخفش (١/ ١٢٣)، والأصول، لابن السراج (١/ ٢٩١)، والأزهية للهروي، ص١٧٦، والإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين (١/ ٢٦٩).

[111] انظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٤٥٧)، (٢/ ٩٠)، (٢/ ١٠٦).

[112] انظر: جامع البيان، للطبري (١٥/ ٦٣٥)، والبسيط، للواحدي (٦/ ٤٠٨)، والكشاف، للزمخشري (٤/ ١٨٧)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (٢/ ٢٦)، والبحر المحيط، لأبي حيان (١/ ٦٣٠)، وروح المعاني، للآلوسي (١/ ٣٦١)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٥/ ٢٣).

[113] انظر: همع الهوامع، للسيوطي (٣/ ٢٤٩). وقال الخضري: «ومتى كان ما بعد (إلّا) جملة هي بمعنى (لكن) ولو كان متصلًا، لكن إن نصب تالي (إلّا) فكـ(لكنّ) المشددة كما سيأتي، أو رفع فكـ(المخففة)، أفاده الصبان عن الدماميني»، حاشية الخضري على شرح ابن عقیل (۱/ ۲۰۳).

[114] انظر: دراسات لأسلوب القرآن (١/ ٢٩٥).

[115] انظر: جامع البيان (٢/ ١٥٩)، ومعاني القرآن، للفراء (١/ ٤٥- ٤٦)، ومعاني القرآن، للأخفش (١/ ١٢٣)، والتفسير البسيط، للواحدي (٣/ ٨٥)، والكشاف، للزمخشري (١/ ١٢٢)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (۱/ ۸۹)، والبحر المحيط، لأبي حيان (١/ ٤٠٠)، ونظم الدرر، للبقاعي (١/ ٤٩١)، وروح المعاني، للآلوسي (١/ ٤٧٨)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (١/ ٥٧٥).

[116] انظر: جامع البيان (٢/ ١٦٠)، ومعاني القرآن، للفراء (١/ ٣٤٤)، ومعاني القرآن، للأخفش (١/ ١٢٣)، والتفسير البسيط، للواحدي (۷/ ۱۸۳)، والكشاف، للزمخشري (١/ ٤٥١)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (۲/ ۱۰۸)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٣/ ٥٥٢)، ونظم الدرر، للبقاعي (٥/ ٤٦٦)، وروح المعاني، للآلوسي (٦/ ١٨)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٦/ ٢٢)، ومعاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٢/ ١٢٨).

[117] انظر: جامع البيان (٢٤/ ٤٧٨)، ومعاني القرآن، للفراء (۳/ ۲۷۸)، والتفسير البسيط، للواحدي (٢٤/ ٩١)، والكشاف، للزمخشري (٤/ ٥٧٦)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٥/ ٣١٨)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٨/ ٦٨١)، ونظم الدرر، للبقاعي (٨/ ٤٤٨).

[118] انظر: جامع البيان (١/ ٥٤٢)، ومعالم التنزيل (۱/ ۸۱)، ومدارك التنزيل (١/ ٨١).

[119] انظر: المحرر الوجيز (١/ ٢٤٥)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ٤٣٨)، وخالف أبو حيان في تفسير قوله تعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف: ٥٠] ما استظهره في سورة البقرة من كون إبليس من الملائكة، وجعل الظاهر من آية سورة الكهف أنّ إبليس من الجن. البحر المحيط (١/ ٢٢٣)، (٦/ ١٦٩).

[120] انظر: تفسير النسفي (٣/ ١٠٤)، والدر المصون في علوم الكتاب المكنون (١/ ٢٧٣).

[121] انظر: جامع البيان، للطبري (١/ ٥٤٠- ٥٤١)، وزاد المسير (١/ ٦٥).

[122] انظر: معاني القرآن وإعرابه (١/ ١١٤)، والكشاف (۱/ ۱۰۱)، وتفسير ابن كثير، ت: سلامة (٥/ ١٦٧)، والتحرير والتنوير (١/ ٤٢٣)، وأضواء البيان (٤/ ٨٩).

[123] مجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٦).

[124] تفسیر ابن کثیر، ت: سلامة (٣/ ٢٩٨).

[125] انظر: الكشاف (١/ ٢٧٦).

[126] انظر: نظم الدرر (٤/ ٣٧٠).

[127] انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (٥/ ١٢٣).

[128] انظر: معاني القرآن (۱/ ۲۱۷)، والتبيان في إعراب القرآن (١/ ٢٥٨)، والمحرر الوجيز (٣/ ١٠٩).

[129] انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (٥/ ۱۲۳)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٢/ ١٦)، والتسهيل، لابن جزي (١/ ١٠٦)، وفتح القدير، للشوكاني (١/ ٥٦٠)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٣/ ٢٤٣).

[130] انظر: أضواء البيان، للشنقيطي (٤/ ١٨١).

[131] انظر: جامع البيان، للطبري (٢٢/ ٦٠- ٦٨)، والبسيط، للواحدي (٢١/ ٥٥)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٤/ ١٩٠).

[132] انظر: جامع البيان، للطبري (٢٢/ ٦٨)، والكشاف، للزمخشري (٤/ ٣٢١)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٥/ ١٦٠)، ومدارك التنزيل، للنسفي (٤/ ٢٩١)، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٧/ ٤٦٠).

[133] انظر: معالم التنزيل، للبغوي (۷/ ٤۱۱)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٤/ ١٩٠)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (١٤/ ١١٠)، والدر المصون، للحلبي (۱۰/ ۱۰۰)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٧/ ١١٩- ١٢٠).

[134] انظر: مجاز القرآن (۲/ ۲۳۷)، والبسيط (٢١/ ٦٠).

[135] انظر البسيط، للواحدي (٢١/ ٥٩)، بتصرف يسير.

[136] انظر: المحرر الوجيز (٩/ ٢٥٣).

[137] انظر: البحر المحيط (٦/ ١٣٣).

[138] انظر: جامع البيان (١٥/ ١٨١).

[139] معاني القرآن وإعرابه (٣/ ٢٧٢).

[140] الكشاف (١/ ٣٠٨).

[141] انظر: أنوار التنزيل، للبيضاوي (٢/ ٣٣)، ومدارك التنزيل، للنسفي (١/ ٢٦٤)، وإرشاد العقل السليم، لأبي السعود (۲/ ۱۹)، ونظم الدرر، للبقاعي (٤/ ٢٩)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٤/ ٥٦).

[142] انظر: البحر المحيط (٣/ ٤٧).

[143] التفسير الكبير (٨/ ٣٢٩).

[144] انظر: معاني القرآن، للأخفش (۱/ ۲۳۰)، ومعاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٤٥٧)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (۳/ ۲۷۰)، والجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢٦٦).

[145] انظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٤٥٧)، والبسيط، للواحدي (٥/ ٥٠٧).

[146] انظر: جامع البيان (٥/ ٦٨٦- ٦٨٧).

[147] انظر: البحر المحيط (٣/ ٤٦).

[148] انظر: جامع البيان، للطبري (٥/ ٦٨٦- ٦٨٦)، والبحر المحيط (٣/ ٤٦).

[149] انظر: الدر المصون، للحلبي (٣/ ٣٥٤).

[150] انظر تفسير ابن كثير (٢/ ١٠٤).

[151] نبهني على هذا الاستدلال بعض أهل العلم، وفقه الله.

[152] انظر: معاني القرآن، للفراء (۱/ ۷۲- ۷۳)، ومعاني القرآن، للأخفش (١/ ١٦٢)، ومعاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٢٦).

[153] انظر: الكتاب، لسيبويه (۲/ ٣٢٥)، ومعاني القرآن، للفراء (٢/ ۲٦)، ومعاني القرآن، للأخفش (١/ ١٢٣)، وجامع البيان، للطبري (۱۲/ ٦۲۸)، ومعاني القرآن وإعرابه (۳/ ۸۳)، ومعالم التنزيل (٤/ ٢٠٦)، والكشاف، للزمخشري (۲/ ۳۲۳)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (٧/ ٤٢٢)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٤/ ١٧٠)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٥/ ٣٥٤).

[154] انظر: معالم التنزيل، للبغوي (٤/ ٢٠٦)، ونظم الدرر، للبقاعي (٩/ ٣٩٨).

[155] انظر: جامع البيان، للطبري (۱۲/ ٦۲۷- ٦٢٨) باختصار يسير.

[156] هذا تقدير الآلوسي، وهو أوضح وأحسن من قول الزمخشري والنسفي: «ولكنَّ قليلًا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد، وسائرهم تاركون للنهي». انظر: الكشاف (٢/ ٣٢٣)، ومدارك التنزيل (٢/ ٢٩٩)، وروح المعاني (١٢/ ٢٤١).

[157] انظر: الأزهية في علم الحروف، ص١٦٩.

[158] انظر: أنوار التنزيل (٣/ ١٥٢)، ومغني اللبيب، ص٣٠٤.

[159] انظر: الكتاب، لسيبويه (٢/ ٣٢٥)، ومعاني القرآن، للفراء (٢/ ١٤)، والمقتضب، للمبرد (٤/ ٤١٢)، ومعاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٣/ ٥٤)، والأصول، لابن السراج (۱/ ٢٩١)، والبسيط، للواحدي (١١/ ٤٢٨)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٥/ ٢٩٦)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (١٢/ ٧٧).

[160] انظر: جامع البيان (١٢/ ٤١٧)، والكشاف، للزمخشري (۲/ ۲۹٤)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٣/ ١٣٦)، وروح المعاني، للآلوسي (١٢/ ٩٠).

[161] انظر: معاني القرآن، للفراء (٢/ ١٥).

[162] انظر: الدر المصون، للحلبي (٦/ ٣٣٢).

[163] انظر: بدائع الفوائد (٣/ ٩٤٠- ٩٤١). بتصرف يسير.

[164] انظر: الكشاف، للزمخشري (٢/ ٢٩٤- ٢٩٥)، والبحر المحيط (٥/ ٢٩٦)، والدر المصون (٦/ ٣٣٢)، وروح المعاني، للآلوسي (١٢/ ٨٩- ٩٠).

[165] انظر: البحر المحيط (٥/ ٢٩٦).

[166] انظر: بدائع الفوائد (٣/ ٩٤٠) بتصرف يسير.

[167] البحر المحيط (٥/ ٢٩٦).

[168] انظر: معاني القرآن وإعرابه (۳/ ۱۸۱)، والمحرر الوجيز (۸/ ۳۲۹)، والتحرير والتنوير (١٤/ ٦١).

[169] انظر: البحر المحيط (٥/ ٥٩١).

[170] انظر: الكشاف، للزمخشري (٢/ ٤٢٦- ٤٢٧)، وأنوار التنزيل، للبيضاوي (٣/ ٢١٤)، ومدارك التنزيل، للنسفي (٢/ ٣٩٥)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٥/ ٥٩١)، والدر المصون، للحلبي (٧/ ١٦٧)، وروح المعاني، للآلوسي (١٤/ ٩٣).

[171] الكشاف (٢/ ٤٢٧).

[172] انظر: أنوار التنزيل، للبيضاوي (٣/ ۲۱٤)، ومدارك التنزيل، للنسفي (۲/ ٣٩٥)، وروح المعاني، للآلوسي (١٤/ ٩٣).

[173] انظر: نظم الدرر (١١/ ٦٨).

[174] انظر: حاشية ابن المنير على الكشاف (٢/ ٤٢٦).

[175] نبهني على هذه الآية بعض مشايخي، وفقه الله.

[176] جامع البيان، للطبري (٢/ ٦٨٧)، والبسيط، للواحدي (٣/ ٤٠٦- ٤٠٧)، والبحر المحيط، لأبي حيان (١/ ٦٢٩).

[177] انظر: معاني القرآن، للفراء (۱/ ۷۲)، معاني القرآن، للأخفش (١/ ١٦٢)، معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (١/ ٢٢٦- ٢٢٧).

[178] انظر: مجاز القرآن (١/ ٦٠).

[179] انظر: جامع البيان، للطبري (۱۸/ ۱۸)، والمحرّر الوجيز، لابن عطية (١١/ ١٧٥)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٧/ ٧٥). وزاد ابن عطية نسبة هذا القول لمقاتل رحمه الله. انظر: المحرر الوجيز (١١/ ١٧٥).

[180] انظر: معاني القرآن، للفراء (٢/ ٢٤٨)، ومعاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٤/ ١١٠)، ومعاني القرآن، للأخفش (٢/ ٤٦٤).

[181] جامع البيان (١٨/ ١٨).

[182] انظر: تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، ص۱۳۹.

[183] انظر: التحرير والتنوير (١٩/ ٢٢٦).

[184] على خلاف بينهم في تقدير المعنى.

[185] انظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل (٢/ ٨٤٣)، والكشاف (٣/ ٢٦٥- ٢٦٦)، والجامع لأحكام القرآن (١٦/ ١٠٨)، وأنوار التنزيل (٤/ ١٥٥)، وتفسير القرآن العظيم (٦/ ١٨٠).

[186] انظر: الكشاف (٣/ ٢٦٥- ٢٦٦)، والتفسير الكبير (٢٤/ ٥٤٥)، ونظم الدرر (١٤/ ١٣٦).

[187] انظر: البحر المحيط (٧/ ٧٥)، والدر المصون (٨/ ٥٧٧)، وروح المعاني (١١/ ٢٤٧).

[188] قال في ردّه: «ولم أجد العربية تحتمل ما قالوا»، معاني القرآن (٢/ ٢٤٨).

[189] انظر: البحر المحيط (٧/ ٧٥)، وبدائع الفوائد (٣/ ٩٤٥).

[190] المحرر الوجيز (١١/ ١٧٦).

[191] انظر: مجموع الفتاوى (٤/ ۳۱۹)، وبسط الخلاف في هذه المسألة الدكتور محمد الخميس في كتابه: (أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة).

[192] عرض الدكتور محمد الخميس الأقوال في هذه المسألة معزوة إلى قائليها في كتابه: (أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة). انظر: ص٤٨١.

[193] انظر: جامع البيان (٢٤/ ٥١٦)، وتأويل مشكل القرآن، ص٣٤٢- ٣٤٣.

[194] جامع البيان، للطبري (٢٤/ ٥١٨). وقدّر الزمخشري المعنى بقوله: «ولكن الذين كانوا صالحين من الهرْمَى فلهم ثواب دائم غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء الله بالشيخوخة والهرَم». الكشاف (٤/ ٥٨٥). وقيل: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يردُّون إلا الخرَف وأرذل العمر». انظر: زاد المسير، لابن الجوزي (٩/ ١٧٣).

[195] تأويل مشكل القرآن، ص٣٤٢.

[196] انظر: فتح القدير، للشوكاني (٥/ ٦٢٤).

[197] انظر: المحرر الوجيز (١٥/ ٥٠٤).

[198] انظر: تفسير الجلالين، ص۸۱۳.

[199] انظر: المحرر الوجيز (١٥/ ٥٠٤).

[200] انظر: جامع البيان، للطبري (٢٤/ ٥٢٠)، وفتح القدير، للشوكاني (٥/ ٦٢٤).

[201] انظر: البيان لتفسير آي القرآن (۸/ ۲۰۷- ۲۱۰).

[202] انظر: تفسیر ابن کثیر، ت: سلامة (٨/ ٤٣٥).

[203] انظر: تفسير القرآن العظيم (٨/ ٤٣٥) بتصرف يسير.

[204] انظر: جامع البيان، للطبري (٢٤/ ٥١٨)، وغرائب التفسير وعجائب التأويل (٢/ ١٣٦٠)، والكشاف، للزمخشري (٤/ ٥٨٥)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (١٥/ ٥٠٤)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٨/ ٦٩٠)، والدر المصون، للحلبي (١١/ ٥٢)، وفتح القدير، للشوكاني (٥/ ٦٢٤).

[205] انظر: بدائع الفوائد (٣/ ٩٥٠).

[206] انظر: العذب النمير في مجالس الشنقيطي في التفسير (٢/ ٦٠٠).

[207] انظر: الكتاب، لسيبويه (٢/ ٣٣١- ٣٣٥)، ومعاني القرآن، للأخفش (۱/ ۹۰)، والمقتضب، للمبرد (٤/ ٤٠٨- ٤١١)، والأصول، لابن السراج (۱/ ۲۸٥، ۳۰۱- ۳۰۲)، والأزهية في علم الحروف، للهروي، ص۱۷۳، والتبيان في إعراب القرآن للعكبري (٢/ ٩١٤)، والتسهيل، لابن مالك (٢/ ٢٩٧- ٣٠٤)، وارتشاف الضرب، لأبي حيان (۲/ ۳۱۲- ٣١٤)، والجنى الداني، للمرادي، ص٥١٧- ٥١٨، ومغني اللبيب، لابن هشام، ص۸۳- ۸٥، وهمع الهوامع، للسيوطي (٣/ ٢٧٠- ٢٧٣). ولجعلِ (إلّا) بهذا المعنى شروط ذكرها النحاة ليس هذا محل بسط الكلام عليها.

[208] قال الحلبي: «(إلّا) هنا صفة للنكرة قبلها بمعنى (غير)، والإعراب فيها متعذّر، فجعل على ما بعدها». الدر المصون (٨/ ١٤٢). وألغز في هذا المعنى العلامة التواتي -رحمه الله- (ت ١١٦٠هـ)، وقال:

صَاحِ سَلِّمْ عَلَى النُّحَاةِ وَسَلْهُمُ ** حَبَّذَا حَبَّـذَا هُمُ إِنْ أَجَابُوا
مَا مُضافٌ إليْهِ أُعْرِبَ بِالرَّ ** فعِ صَرِيحًا وَذَا لَعَمْرِي عُجَابُ

فأجاب عن هذا بعضهم بقوله:

ذاك في (الله) قبله لفظ (إلّا) ** بعد ﴿لَو كانَ فيهِما﴾ ذا جواب   

[209] انظر: معاني القرآن، للفراء (٢/ ١٧٢).

[210] انظر: جامع البيان، للطبري (١٤/ ٢٣٠)، وتفسير السمعاني (٣/ ٣٧٤)، والكشاف، للزمخشري (٣/ ٨٢)، والتفسير الكبير، للرازي (۲۲/ ۱۲۷)، وتفسير البيضاوي (٤/ ٤٨)، وتفسير النسفي (٣/ ١١٦)، والتسهيل، لابن جزي (٣/ ٢٤)، والبحر المحيط، لأبي حيان (٦/ ٣٧٤)، والدر المصون، للحلبي (٨/ ١٤٤)، ونظم الدرر، للبقاعي (۱۷/ ٤۰۳)، وإرشاد العقل السليم، لأبي السعود (٤/ ٣٣٠).

[211] مغني اللبيب (١/ ٨٤).

[212] انظر: التبيان في إعراب القرآن (۲/ ۹۱٥)، وأنوار التنزيل (٤/ ٤٨)، والبرهان في علوم القرآن (٤/ ٢٣٩)، والإتقان في علوم القرآن (۲/ ۱۸۹)، وإرشاد العقل السليم (٤/ ٣٣٠).

[213] الجنى الداني، ص٥۱۸.

[214] انظر: التسهيل، لابن جزي (٣/ ٢٤)، بتصرف يسير. وسبقه إلى ذِكر هذين الأمرين الزمخشري. انظر: الكشاف (۳/ ۸۲).

[215] انظر: التسهيل، لابن جزي (٣/ ٢٤).

[216] انظر: معاني القرآن (٢/ ٨٤)، وجامع البيان، للطبري (۱٤/ ۲۲۹- ٢٣٠)، والبسيط، للواحدي (١۳/ ٦٦).

[217] انظر: الكشاف (٤/ ١٨٨).

[218] انظر: البحر المحيط (٨/ ١٨).

[219] انظر: التبيان في إعراب القرآن (۲/ ٩٦٥)، وانظر: البرهان في علوم القرآن (٤/ ٢۳٩).

[220] انظر: الكشاف (۳/ ١٦٥).

الكاتب

الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله القرشي

حاصل على الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن من جامعة أم القرى.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))