بيان المسخ: تحوُّل اليهود إلى قِرَدَة خَاسِئِينَ
الآية 166 من سورة الأعراف في سياق الشرق الأدنى

المترجم : مصطفى الفقي
اهتمّ الدرس الاستشراقي الكلاسيكي والمعاصر اهتمامًا كبيرًا بدراسة القرآن في سياق المدونات الدينية السابقة، ويتسِمّ الاشتغال الاستشراقي المعاصر على هذه المساحة بسمات خاصّة، من حيث العلاقة المفترضة بين القرآن وبين هذه المدوّنات والتي تتجاوز علاقة التأثُّر، وكذلك من حيث طبيعة واتساع المدوّنات التي يتم ربط القرآن بها، في هذه الورقة يدرس آدم سيلفرستاين الآية 166 من سورة الأعراف والمتعلِّقة بمسخ اليهود في سياق مدونات الشرق الأدنى القديم بحثًا عن دلالة المسخ لدى مستمعي القرآن.

  يُعَدّ ربط القرآن بالكتب السابقة عليه ودراسته في سياقها مَشْغَل استشراقي قديم منذ جيجر وشباير، حيث قامت دراسة هذه العلاقة في الأغلب على كون القرآن كتابًا متأثرًا أو مستعيرًا من هذه الكتب، إلا أنه في العقود الأخيرة برز الاتجاه لدراسة القرآن في سياق الكتب السابقة بطريقة مغايرة تحاول فهم كيفية حواره معها ومع المجتمعات الدينية لهذا السياق، ومن أجل إعادة ظرف الخطاب لفهم المعنى الذي فهمه السامعون الأوائل للنصّ من هذه المجتمعات.

ومن أهم الأسماء التي تدرس القرآن في سياق الشرق الأدنى بهذه الطريقة الأخيرة، هو آدم سيلفرستاين، حيث يهتم بتسييق القرآن في سياق واسع من المدونات الدينية للشرق الأدنى القديم، وبمحاولة إعادة بناء الفهم المتوقّع لهذه الآيات في هذا السياق.

في هذه الورقة يقدّم سيلفرستاين قراءة في الآية (166) من سورة الأعراف: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} بغية الوقوف على الدلالة المقصودة من (المَسْخ) الذي وقع لبني إسرائيل، وهذا عبر تسييق (المَسْخ) للحيوان في عدد واسع من مدوّنات الشرق الأدنى القديم، والتي تشمل سفر دانيال ومدراشاته وكتابات يعقوب السروجي وغيرها، كما يدخل في نقاش مع بعض الدراسات الأخرى التي تناولتْ بعض المدوّنات المصرية والهندية عن القرد-الكلب، كما يوسّع سيلفرستاين سياق فعل المَسْخ نفسه ليشمل المسخ الاختياري وأفعال التوبة والنذور، وهذا من أجل الوصول لكون فعل المسخ سواء كان عقابًا أو توبة، هو أمر مفهوم لدى متديّني الشرق الأدنى

ولا تأتي أهمية تعريب وترجمة هذه الورقة بالنسبة لنا من النتائج والفرضيات التي تحملها وتقدّمها، بل من كونها تكشف عن نمط اشتغال بحثي معاصر آخذ في التنامي والبروز في الدرس الاستشراقي المعاصر للقرآن الكريم، ما يجعلها ملائمة لإِطْلَاع القارئ العربي على هذا النمط ومعرفة أدواته وطريقة معالجته وكيفيات هذه المعالجة، وذلك من أجل توفير أرضية لمثاقفة عربية لمثل هذه الأنماط ومناقشتها وهو الغاية الرئيسة لمقصودنا في ترجمة كتابات الاستشراق حول القرآن الكريم.

المؤلف

آدم سيلفرستاين - Adam Silverstein

حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية في العصور الوسطى من جامعة كامبريدج، عمل كأستاذ للتاريخ الإسلامي في عدد من الجامعات، مهتم بالتاريخ الإسلامي في العصر الوسيط.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))