من أين تبدأ الحداثة؟ محمّد بن عليّ الشَّوْكانيّ وتراث التفسير

المترجم : إسلام أحمد
في هذه الورقة تدرس يوهانا بينك تفسيرَ الشوكاني (فتح القدير) متسائِلة عن موقعه من الحداثة، في محاولة للتساؤل الأوسع حول ما يجعل تفسيرًا ما تفسيرًا حداثيًّا؟ في هذا السياق تدرس بينك البناء الداخلي لتفسير الشوكاني ومنهجيته التأويلية وعلاقته بالمناهج وبالمرجعيات التفسيرية السابقة، كما تدرس علاقة تفسير الشوكاني بمجمل نتاجه وبوضعيته العِلْمية في سياق عصره.

  يهتم الدَّرْس الاستشراقي اهتمامًا كبيرًا بدراسة وتحقيب التفسير المعاصر والنتاج الإسلامي المعاصر حول القرآن، فقد تناول جولدتسيهر تفسير محمد عبده في كتابه: (مذاهب التفسير الإسلامي، 1913)، كما خصّص بالجون كتابًا حول التفسير المعاصر (تفسير القرآن في العصر الحديث)، كذلك كتبَ يوهانس جانسن حول التفاسير المعاصرة (تفسير القرآن في مصر الحديثة، 1980).

وهذا الاهتمام مستمر في الكتابات الاستشراقية المعاصرة، حيث نجد من الكتب ما تفرّد بدراسة التفسير والدراسات القرآنية المعاصرة حصرًا، والسبب الرئيس وراء هذا الاهتمام هو بحث الأثر الذي تركه التحديث على عملية تفسير القرآن لدى المسلمين والعلاقة بين التفاسير المعاصرة والتفاسير التراثية.

يوهانا بينك هي واحدة من أكثر الباحثين الغربيّين الحاليين اهتمامًا بالتفاسير المعاصرة، وفي ورقتها هذه تدرس تفسير الشوكاني (فتح القدير) في محاولة منها للتساؤل عن حداثة هذا التفسير، في استشكال أوسع لعملية التحقيب للتفاسير المعاصرة والتساؤل عن معيار حداثة تفسيرٍ ما، حيث تفصل بينك بين منهج التفسير ومحتواه، متسائلة عن الصِّلة بالتقليد التفسيري الطويل كمحدّد أساس لطبيعة التفسير؛ لتصل في الأخير لاعتبار تفسير الشوكاني تفسيرًا لا يمكن وسمه بالحداثة بالرغم من كونه يقوم على انتقادٍ للتقليد التفسيري الطويل وتأسيسٍ لمنهجية تتخفّف بشكلٍ كبيرٍ من ثقل التقليد.

تتميز دراسة بينك للشوكاني بكونها تتناول البُعْد الداخلي للنصّ، أي ما يتعلّق بمبادئ تأويلية الشوكاني، فتقف كثيرًا عند طرائق استخدامه للحديث والعلاقة التي عقدها بين القرآن والسنّة النبوية وكذلك طريقة تعامله مع المرجعيات التفسيرية، إلى جانب تناولها البُعْد الخارجي للنصّ، أي ما يتعلق بموقع التفسير من البناء العلمي للشوكاني ودوره في مجتمع اليمن في القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وعلاقته بالمرجعيات العلمية في وسطه ونظرته لنفسه كمجدِّد ومُصْلِح.

إنّ هذه الورقة تدرس تفسيرًا من مرحلة ربما ينساها الدّرْس الغربي أو يدمجها سريعًا في مرحلة الحداثة، وتحاول مساءَلة فكرة حداثة تفسيرٍ ما، مما يجعل اطلاع القارئ العربي عليها مهمًّا في فهم جانب مِن تعاطي الدرس الغربي المعاصر في دراسة التفاسير.  

المؤلف

يوهانا بينك - Johanna Pink

باحثة ألمانية، أستاذ الدراسات الإسلامية وتاريخ الإسلام في جامعة فرايبورغ.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))