نحو تصنيف جديد لموضوعات أصول التفسير
فرضيات التأصيل ومُمْكِنَات التحديث

المؤلف : أحمد ذيب
يحاجج هذا البحث عن حاجة موضوعات أصول التفسير إلى مزيد من الترتيب، ومن ثم يعمل على استنطاق الترتيبات الممكنة والمناسبة لموضوعات أصول التفسير، مع إبراز فلسفة التصنيف ومُحتَكَماته، وغير ذلك.

  من السِّمَات الأساسية التي يتميّز بها «العلم» سمة الترتيب، التي تعني الانطلاق من نقطة بدء يقينيّة معيارية يتأسّس عليها العلم، ثم تتوالى -بعد ذلك- خطواته ومباحثه وفق منهاج قاصد وطريق لاحب، حتى يكتمل البناء ويستوي على سوقه.

فموضوعات «علم الأصول» -وهو من العلوم النّاضجة- تنطلق من الـمستوى اللّغوي الذي يُحلّل النّصوص الشرعية تحليلًا لغويًّا، ثم تثنّي بالمستوى النَّسَقِي الذي يُوَظِّف الأدلة توظيفًا تراتيبيًّا مُنَظَّمًا، لتنتهي في الأخير إلى الجانب الوظيفيّ الذي يُوَازِن بين مختلف الأدلة وأقدارها، فهذه المراحل التراتيبية تُمَثِّلُ بمجموعها منطق الاشتغال الأصوليّ وفَلَكة مغزله.

وتنطلق موضوعات «علم الفقه» من العبادات التي تُنَظِّم علاقة المكلَّف بربّه، ثم تدلف منها إلى المعاملات التي تُنَظِّم علاقة المكلَّفِين بعضهم ببعض، لتنتهي إلى بيان أحكام التَقَاضي وتسوية النزاعات بين المتخاصمين، فتجتمع له ثلاثة محاور أساسية: العبادات، والمعاملات، والقضاء.

وفي علم «الحديث» يبدأ العلماء بتعداد أنواع الحديث، ثم بيان حال الرواة وطبقاتهم، لينتهوا إلى بيان آداب التحديث والسَّمَاع.

ويحرص الـمُؤَلِّفُون في «علوم القرآن» على العناية بموضوع الترتيب في الآيات والسور، وما يتصل بذلك من أسرار ومناسبات؛ كالبحث في جمع القرآن وترتيبه، ومعرفة أوّل وآخر ما نزل منه، ومعرفة مناسبات السّور والآيات؛ إِيـمانًا منهم بأنَّ «أكثر لطائف القرآن مُودعة في الترتيبات والروابط».

فما هو منطق ترتيب الموضوعات في علم أصول التفسير؟ وما مدى تماسكه واتساقه؟ وما هي أغراضه ومقاصده؟ وكيف يمكن أن يؤثّر في واقع الدّرس التفسيريّ المعاصر؟

فهذه هي أهم أسئلة الدراسة وشواغلها التي سيجيب عنها هذا البحث.

المؤلف

أحمد ذيب

أستاذ المناهج والدراسات الإسلامية بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية – الجزائر، وله عدد من المشاركات العلمية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))