المنهج السياقي وأثره في تطوير دراسات التفسير
عادل رشاد غنيم
يعدّ السياق من أهم الأدوات المعرفية التي تَوفَّر لها قدرٌ مهم من الكفاية العلمية الضرورية في اللسانيات المعاصرة وعلم الدلالة، ويأتي هذا البحث ليستعرض مفاهيم السياق، وكيفية الإفادة من آليّاته في دراسات التفسير مع الأصول المبثوثة في تراثنا التفسيري.
يعدّ السياق من أهم الأدوات المعرفية الإجرائية الحديثة التي تَوَفَّر لها قدرٌ مهمٌّ من الكفاية العلمية الضرورية في اللسانيات المعاصرة وعلم الدلالة الحديث، فحقَّقَت نجاحًا معتبَرًا في دراسة النصوص يمكن الإفادة من الكثير من آلياتها في جهود تفسير القرآن الكريم إلى جانب الأصول المبثوثة في تراثنا التفسيري.
ولا شك أنّ المنهج السياقي بِبُعْدَيْه: البُعد اللغوي الداخلي، والبعد المقامي الخارجي. يقدِّم بين يدي فهم النصّ الشرعي نسقًا من العناصر التي تقوِّي طريق فهمه وتفسيره والاستنباط منه؛ لأن العلم بخلفيات النصوص وبالأسباب التي تكمُن وراء نزولها أو ورودها يورث العلم بالمسبَّبات، وينفي الاحتمالات والظنون غير المرادة، ويقطع الطريق على المقاصد المغرضة التي لم يُرِدْها الشارعُ الحكيم ولم يَرُمْها، ويصحِّح ما اعوجَّ من أساليب التطبيق، کاقتطاع النصّ من سياقه والاستدلال به معزولًا عن محيطه الذي نزل فيه.
ومع وجود نظرات أصيلة في تراثنا التفسيري تتحدّث عن السياق، إلا أنّ الكثير منها لم يُشكِّل منهجيةً ذات أدوات متكاملة، وهذا ما تميّزت به الدراسات اللسانية الحديثة التي يمكن الإفادة من كثير من دراساتها لتطبيق المنهج السياقي في تفسير آياته، مع مراعاة خصائص القرآن الكريم باعتباره؛ إلهيَّ المصدر، وعربيَّ اللغة، وعالميَّ الرسالة.
وقد تناول البحث: مفاهيم السياق وأهم أنواعه، وضرب بعض الأمثلة الكاشفة لأهميته، حيث عرض في التمهيد: بيان اصطلاح السياق بين الأصالة والمعاصرة، ثم فصَّل القول في أنواع السياق اللغوي وغير اللغوي، فتناول المبحث الأول الكلام على: السياق الأصغر للنصّ القرآني، والمبحث الثاني: السياق الأكبر وترابط النصّ، أما المبحث الثالث: فبيَّن السياق الزمني، وأثر ذلك كلّه في تحديد الدلالة للنصّ القرآني.