الإجماع في التفسير عند الطبري؛ دراسة نظرية تطبيقية
تتناول هذه الدراسةُ موضوع الإجماع في تفسير الإمام محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) بصورة نظرية وتطبيقية، وتقصد إلى بيان حجيته وشروطه ومنهج الطبري في الاستدلال به وأثره وأنواعه عنده، وقد خرجت هذه الدراسات بنتائج علمية دقيقة تبين بجلاء موقف الطبري من الاستدلال بالإجماع في تفسيره.
تأتي هذه الدراسة ضمن الإصدارات التي نشرها مركز تفسير للدراسات القرآنية، وقد صدرت عام 1443هـ - 2022م، وهي دراسة تقع في مجلد واحد، وعدد صفحاتها (719) صفحة، وأصلها رسالة دكتوراه، أعدَّها الدكتور/ عبد الله بن سليمان اللاحم، ونُوقشت عام 1442هـ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية.
وتتمثّل إشكالية الدراسة في أنّ موضوع الإجماع في التفسير رغم كونه من أهم الموضوعات لدى علماء التفسير، ورغم كون إمام المفسِّرين ابن جرير الطبري من أكثر من اعتنى بالإجماع في التفسير، إلا أنّ منهجه في الإجماع ظلّ بحاجة إلى دراسة خاصّة مع ما اشتهر عنه من مخالفة منهج الجمهور في الإجماع.
وقد عملت الدراسةُ من خلال جملة أهداف، تمثّلتْ فيما يأتي:
• بيان منهج الطبري في الإجماع ومدى توظيفه للإجماع في تفسيره.
• إظهار أثر الإجماع في تفسير الطبري، وبيان أنواع الإجماعات التي يحكيها في تفسيره.
• بيان أسباب ذكر الطبري للإجماعات في تفسيره، ودراسة ما حكاه من إجماعات متعلقة ببيان معاني الآيات.
واقتصرت الدراسة في جانبها التطبيقي على دراسة الإجماعات المتعلقة ببيان معاني الآيات التي أوردها الطبري في تفسيره سواء كانت إجماعات لأهل التفسير في المعاني ذاتها، أو إجماعات غير المفسرين -كالقرّاء والفقهاء وأهل السِّيَر- التي يوردها الطبري ليستدل بها على تقرير أحد المعاني أو رده.
وجاءت الدراسة في مقدمة، وتمهيد وقسمين وخاتمة وفهارس، تضمنت المقدمة بيان أهمية البحث ومشكلته وأسئلته التي يسعى للإجابة عنها، وأهدافه وحدوده والدراسات المتعلقة به، ومنهجه وإجراءاته والخطة المتبعة فيه.
وتضمّن التمهيد أمرين؛ الأول: التعريف بالإمام الطبري وتفسيره، الثاني: الإجماع في التفسير ومكانته.
وخُصِّص القسم الأول للدراسة النظرية، واحتوى على أربعة فصول:
الفصل الأول: حجية الإجماع وشروطه عند الطبري.
الفصل الثاني: منهج الطبري في الإجماع وفي الاستدلال به على التفسير.
الفصل الثالث: أثر الإجماع عند الطبري في تفسيره وفي كتب التفسير.
الفصل الرابع: أنواع الإجماعات عند الطبري وأسباب حكايته لها.
كما خُصِّص القسم الثاني للدراسة التطبيقية واحتوى على فصلين:
الفصل الأول: الإجماعات التفسيرية وعددها (106) إجماعًا.
الفصل الثاني: الإجماعات غير التفسيرية التي استدل بها على التفسير وعددها (68) إجماعًا.
وقد خلصت الدراسة إلى عدّة نتائج، أبرزها ما يلي:
1. الذي يظهر أن رأي الطبري في انعقاد إجماع الأكثر لم يكن على إطلاقه، فالطبري لا يرى كلّ موضع خالف فيه الأقل إجماعًا، بل يضيف مع مخالفة الأقل اعتبارات وأسبابًا أخرى حتى يحكي إجماع الأكثر، فإذا خالف الأقل وتوفرتْ هذه الاعتبارات والأسباب حكى إجماع الأكثر، وإذا خالف الأقل ولم تتوفر هذه الاعتبارات والأسباب لم يحكه ولم يره إجماعًا.
2. عدد الإجماعات التي حكاها الطبري في تفسيره (564) إجماعًا، منها (260) إجماعًا في القراءات، و(141) إجماعًا في الفقه، و(106) إجماعات في التفسير، و(21) إجماعًا في الأخبار التاريخية، و(4) إجماعات في العقيدة.
3. يُكثر الطبري من إيراد مصطلح الحُجّة ويورده في الإجماع وفي غيره، ويظهر أن مراد الطبري به: ما يوجب الاتباع ويحرم المخالفة. وعليه فإن مراده بإجماع الحجة من أهل التأويل: إجماع من يجب اتباع إجماعهم من أهل التأويل وتحرم مخالفته حتى مع وجود مخالف أو أكثر، وذلك في حال عدم اعتباره المخالفة.
4. تتفاوت أهمية ما حكاه الطبري من الإجماعات التفسيرية فليستْ على مرتبة واحدة في ذلك، وتفاوتها راجع لأسباب؛ منها ما يترتب على الإجماع من حُكم أو أثر في المعنى، ومنها وضوح ما أجمع عليه وعدم تصور وقوع خلاف فيه، وغير ذلك من الأسباب.
5. الغرض الأساس من إيراد الطبري للإجماعات التفسيرية هو الاستدلال بها على التفسير، فيُوردها للتدليل على التفسير أو للترجيح بين الأقوال أو لإبطال بعضها، وقد يورد الإجماعات لغير هذا الغرض، كذكر الإجماعات المتعلّقة بالقراءات، أو ما كان منها لتحرير محلّ النزاع، وغير ذلك.
6. بلغت الإجماعات التي استدلّ الطبري بها على التفسير (161) إجماعًا، وتنوّعت موضوعات هذه الإجماعات، ففيها إجماعات في التفسير والفقه والأخبار التاريخية والقراءات وعلوم القرآن واللغة والعقيدة.
الكتاب متوفر للبيع على متجر تفسير