المصطلحات الصوتية في التراث اللغوي عند العرب
دراسةٌ تاريخيةٌ تأصيليةٌ تَكشف عن لغة الصوتيِّين الأوائل، وتُظهِر ما لهم من معارف ومصطلحاتٍ صوتيةٍ ضمن مرحلةٍ زمنيةٍ واسعةٍ، وتظهر أهمية هذه الدراسة في جانبين: أحدهما: عنايتها بجَمْع المصطلحات، وتتبُّع تاريخها، وتحرير مدلولاتها. والآخر: سعة موارد الدراسة، وتنوع مصادرها، وامتدادها.
تأتي هذه الدراسة ضمن الإصدارات التي نشرها مركز تفسير للدراسات القرآنية، وأصلها رسالة دكتوراه، أعدَّها الدكتور/ عادل إبراهيم أبو شعر، ونوقشت عام 1424هـ بكلية اللغة العربية، بجامعة أم القرى، بمكة المكرمة.
ونُشرت الطبعة الأولى من هذا الإصدار عن المركز عام 1436هـ-2015م، في مجلدين، وعدد صفحاته (1149) صفحة.
وتتمثّل إشكالية الدراسة في الحاجة إلى الحذر الشديد عند دراسة المصطلحات العلمية، وخطورة هذه العملية؛ إذ إنها أداة مهمة لربط ثقافة الماضي بالحاضر، وفهمها بطريقة خاطئة يوقع في طامّات كبرى، وكان فقدان كثير من كتب الأوائل سببًا في إغماض دلالة بعض مصطلحاتهم التي تتبّعتها الدراسة.
وقد تنازع هذه الدراسةَ أكثرُ من فنٍّ، مما اضطر الباحث إلى الاستعانة بالعديد من أهل الاختصاص في الطب وغيره.
وتمثَّلت أبرز أهداف الدراسة فيما يأتي:
1- الكشف عن لغة الصوتيين الأوائل من العرب، وإظهار ما لهم من معارف ومصطلحات صوتية من القرن الأول حتى السادس الهجري.
2- لَفْت الأنظار إلى إمكانية إرساء علم صوتي عربي أصيل، بعيد عن الثقافة الغربية.
وقد قامت الدراسة باستقراء العديد من كتب معاني القرآن، والنحو، والعروض، والمعاجم اللغوية، وغيرها لاستخلاص المصطلحات الصوتية التي قامت بدراستها.
وجاءت الدراسة في ستة فصول تسبقها مقدمة وتمهيد، ووتتلوها خاتمة، أمّا المقدمة فكانتّ لبيان أهمية الدراسة وأسباب اختيارها، واستعراض الدراسات السابقة، وخطة الدراسة ومنهجها، وأمّا التمهيد فكان لبيان مفهوم المصطلح الصوتي، ودلالاته، وخصائصه، ومشكلاته.
وتناول الفصل الأول: أعضاء الصوت والنطق والاستعمال الصوتي.
والفصل الثاني: الأسس الفيزيائية والنطقية للصوت والحرف.
والفصل الثالث: صفات الحروف.
والفصل الرابع: تركيب الحروف.
والفصل الخامس: العيوب الصوتية والنطقية والاحترازات عنها.
والفصل السادس: الألقاب الصوتية للحروف الأصلية والفرعية.
وقد خلصت الدراسة إلى عدة نتائج، أبرزها ما يأتي:
1- علم التجويد هو الحلقة الأخيرة التي يُمثِّلُها العلم الصوتي عند أصحاب المدرسة النقلية، وكان ظهوره خاتمةً طبيعية لِمَا تقدَّمه، بدءًا من التنبيه على اللَّحن في القرن الأول الهجري، إلى ظهور أبحاث صوتية في كتب النحو والصرف والبلاغة في القرون التي تلَتْه، ثم انفراده بأبحاثه كعلم صوتي مستقلّ.
2- للدرس الصوتي المعاصر أصولٌ قديمة، ربما تكون أقدم من العرب، وهي تشكل حلقة من حلقات العلم الصوتي على امتداده.
3- كشفت الدراسة عن الأصول النظرية والعملية التي يقوم عليها العلم الصوتي عند العرب، والتي منها:
- ملاحظة الظواهر الطبيعية، وذلك من خلال الكشف عن الجوانب الفيزيائية للصوت، وكيفية حدوثه وإدراكه، والمصطلحات المستعملة لذلك، والقوانين التي تحكم ذلك.
- الجانب التشريحي، والكشف عن أهمِّ المعارف العلمية التي توصَّل إليها المتقدِّمون، ومقارنة ذلك بالمعارف الحديثة.
- ملاحظة الحروف ومخارجها وصفاتها، والتأثيرات والعلاقات التي تربط بينها.
- ملاحظة العيوب النُّطقيَّة، وكيفية الاحتراز عنها.