الاستدلال في التفسير "دراسة في منهج ابن جرير الطبري في الاستدلال على المعاني في التفسير"
دراسةٌ علميةٌ تتحدث عن الاستدلال على المعاني في التفسير، وتحرير موضوعاته ومسائله، وذلك من خلال أجلّ كتب التفسير وأشهرها وهو تفسير: "جامع البيان لابن جرير الطبري"، فتناولَتْ أدلة المعاني عند ابن جرير، وأوضحَتْ منهجه في ترتيبها، كما بيّنتْ منهجه في الاستدلال على المعاني.
تأتي هذه الدراسة ضمن الإصدارات التي نشرها مركز تفسير للدراسات القرآنية، وأصلها رسالة دكتوراه، أعدَّها الباحث/ نايف بن سعيد بن جمعان الزهراني، نوقشت عام 1434هـ بقسم الكتاب والسُّنة، بكلية أصول الدين، بجامعة أم القرى، بمكة المكرمة، وأُجيزت بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
وصدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عن المركز عام 1436هـ-2015م، في مجلد واحد، وعدد صفحاته (695) صفحة.
وتمثَّلت أبرز أهداف الدراسة فيما يأتي:
1- تحديد منهجية علمية معتبرة في الاستدلال على المعاني القرآنية؛ تضبط أصوله، وتبيِّن معالمه.
2- تمييز أنواع الأدلة على المعاني في التفسير، وتحديد ما يصح منها وما لا يصح، وما يقدَّم منها وما يؤخَّر، مع تعليل كل ذلك من خلال منهج ابن جرير فيه.
3- تحديد وجوه الاستدلالات المردودة؛ الباطلة والضعيفة، من خلال أقوال ابن جرير وتطبيقاته التفسيرية.
4- بيان الموقف السليم والخطوات العلمية عند التعارض بين الأدلة، ومنهج ابن جرير في الترجيح بينها.
5- تحرير أصولٍ للتفسير مستفادة من أقوال أئمة التفسير وتطبيقاتهم، وهذا أَولى طريق يُسلَك لذلك، كما يُستعان في تحرير تلك الأصول بكتب العلوم الأخرى المقاربة لهذا العلم في جملة من أبوابها ومباحثها؛ كعلم أصول الفقه، واللغة ونحوها.
وجاءت الدراسة في ثلاثة أبواب تسبقها مقدمة وتمهيد، وتقفوها خاتمة:
أمّا المقدمة فكانت لبيان أهمية الدراسة، وأسباب اختيارها، وخطتها، والمنهج المتَّبع فيها.
واشتمل التمهيد على التعريف بمفردات البحث، والاستدلال على المعاني في علم التفسير.
وأمّا الباب الأول فتناول: (أدلة المعاني عند ابن جرير في تفسيره)، وحوى فصلين:
الفصل الأول: عناية ابن جرير بالاستدلال على المعاني في التفسير.
الفصل الثاني: تفصيل أدلة المعاني عند ابن جرير في تفسيره.
وتناول الباب الثاني: (بيان منهج ابن جرير في الاستدلال على المعاني في تفسيره)، وحوى فصلين:
الفصل الأول: منهج ابن جرير في الاستدلال على المعاني في تفسيره إجمالًا.
الفصل الثاني: منهج ابن جرير في الاستدلال بالأدلة النقلية على المعاني في تفسيره.
وتناول الباب الثالث: (منهج ابن جرير في ترتيب أدلة المعاني في تفسيره)، وحوى ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تقسيم أدلة المعاني في التفسير عند ابن جرير.
الفصل الثاني: منهج ابن جرير في ترتيب أدلة المعاني في تفسيره من حيث النظر والاعتبار.
الفصل الثالث: منهج ابن جرير في الجمع والترجيح بين الأدلة المتعارضة للمعاني التفسيرية.
وقد خلصت الدراسة إلى جملة من النتائج، أبرزها ما يأتي:
1- بلغت الأدلة التي اعتمدها ابن جرير في إثبات المعاني أو نفيها (11) دليلًا؛ وهي: (القرآن، والقراءات، والسُّنة، والإجماع، وأقوال السلف، ولغة العرب، وأحوال النزول، والإسرائيليات)، وهي الأدلة النقلية. و(النظائر، والسياق، والدلالات العقلية)، وهي الأدلة العقلية. وبلغت مواضع الأدلة التي استدل فيها ابن جرير على المعنى (11337) موضعًا؛ (9295) موضعًا منها دليلها نقلي، وذلك نسبته (82%)، والباقي (2042) موضعًا دليلها عقلي، وذلك نسبته (18%).
2- دليل أقوال السلف هو الإطار الحاوي لجميع الأدلة سواه، ففيه التطبيق الأجلّ والأكمل لباقي الأدلة، وهو الجامع للأدلة المعتبرة، والحافظ لها فلا تخرج عنه، وهو المانع لغيرها من الدخول إلى شيء من بيان معاني القرآن الكريم، ومن ثَمّ استحق هذا الدليل تلك العناية الفائقة التي أَولاها إيّاه ابنُ جرير.
3- يصح الاستدلال بالحديث الضعيف على المعاني ما لم يكن منكَر المتن، أو معارَضًا بأصح منه، أو مكذوبًا، أو في تقرير شيء من الأحكام.
4- مذهب ابن جرير في باب الإجماع: أنه لا يعتدُّ بخلاف الواحد والاثنين ونحوهما من الأقل، في مقابل الجمهور الأعظم من المجتهدين، وقد تبيَّن أنه مذهب مرجوح، متروك العمل به، وقد وقع استدلال ابن جرير على المعاني بتلك الصورة في (35) موضعًا، ولا يكاد يُرى لذلك العدد أثرٌ في مجموع استدلالاته بالإجماع؛ والبالغة (378) موضعًا، فضلًا عن مجموع استدلالاته على المعاني في تفسيره؛ والبالغة (11337) موضعًا.
5- إذا تعارضت أدلة المعاني عند ابن جرير فإنه يسير فيها على الجمع أولًا؛ أخذًا بقاعدة: «إعمال الدليلَين أَولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما»؛ ويكون الجمع بحمل أحد الدليلين على زمان دون زمان، أو حال دون حال، فإن لم يمكن الجمع؛ صار إلى الترجيح بما يتقوى به أحدُ الدليلين على الآخر.