قراءة في كتاب (الاختصار في التفسير)، تأليف: علي بن سعيد العمري

اعتنى كتاب «الاختصار في التفسير» بتسليط الضوء على ظاهرة الاختصار في التفسير، من خلال دراسة نظريّة وأخرى تطبيقيّة على مختصَرَيْن مهمَّيْن، وتأتي هذه القراءة للكتاب لتستعرض محتوياته، وأهم الإشكالات التي تناولها، مع بيان ما له وما عليه.

  إنَّ العناية باختصار المطوّلات في التفسير طريقة سلكها العلماء في تقريب علم التفسير للأمة، واختلفت أساليب العلماء في الاختصار بين مَن يحذف أسانيد الكتاب الذي اختصره، وآخر يختصر المسائل اللغوية أو الفقهية التي يوردها صاحب الأصل، وغير ذلك من الأساليب، مما ولَّد طرائق متنوعة ومناهج مختلفة في المختصرات، لكلٍّ منها طريقة في الاختصار تشترك مع الآخرين في جوانب، وتختلف عنهم في جوانب أخرى.

وقد توالت المختصرات وكثُرت عبر العصور، وازدادت وتيرتها في هذا العصر الذي تنافس فيه كثيرٌ من طلاب العلم على القيام بعملية الاختصار، بل يتمّ التوارد في الاختصار أحيانًا على مؤلَّف واحد، مما ولَّد إشكالية حقيقية تمثَّلت في صرفِ كثيرٍ من الجهود، وضياع العديد من الأوقات فيما قام به الغير، والغفلة عن جوانب ما زالت تحتاج إلى خدمة في مجال الدراسات القرآنية، بالإضافة إلى أن هذه المختصرات سارت على غير طريقة المتقدمين، فطريقتهم -كما قرَّرها أهل العلم- لا يكتفِي فيها المختصِر بتقليل العبارات فحسب، بل يضيف إلى ذلك مجموعة من التنبيهات والاستدراكات، ويحلِّي مختصَرَه بزيادة بعض الفوائد والنكات؛ ليخرج المختصَر مفيدًا نافعًا لطلاب العلم.

ومن هنا وُجدت حاجة ماسّة إلى دراسة المختصرات في التفسير دراسة علمية، تُبرز الطريقة الصحيحة في الاختصار، وتوضّح أساليبه المتبعة عند أهل العلم؛ ليكون نافعًا مفيدًا، لا يُكتفى فيه بتقليل العبارات والإيجاز في المضمون، بل يجعل المقبِل عليه يُعِدّ العُدَّة لعملية الاختصار، فيتأنّى ولا يستعجل، فإن رأى أن الوقت لا يُسعفه للقيام بذلك اتجه إلى الاشتغال بجوانب أخرى في الدراسات القرآنية ما زالت في حاجة إلى خدمة وعناية.

وقد جاء كتاب: (الاختصار في التفسير؛ دراسة نظرية، ودراسة تطبيقية على مختصري: ابن أبي زمنين لتفسير يحيى بن سلام، والبغوي لتفسير الثعلبي) لعلاج هذه القضية، وإيجاد حلول لهذه الإشكالية؛ مركزًا على جانبين اثنين، هما:

أ- الجانب النظري: والمتمثل في التعريف بالاختصار، وبيان أنواعه، وكلام أهل العلم حول جوازه وعدمه؛ ثم بيان آثاره على الكتب من الناحية التفسيرية والحديثية والفقهية والعقدية.

ب- الجانب التطبيقي: وهو جانب زاد هذه الدراسة جمالًا، وكساها حُلَّة قشيبة لم نرها على كثير من الدراسات، ذلك أنه قام بدراسة مقارنة بين مختصَرَيْن مهمَّيْن، بالمقارنة بينهما وبين أصلهما في جانبي التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي؛ ليستنتج من خلال ذلك قواعد الاختصار في كلّ كتاب منهما.

فكيف عالج الكتاب هذه القضية؟ وهل كانت معالجته لإشكالياتها معالجة منهجية قوية أم قد فاته منها بعض الجوانب المهمّة؟ هذا ما تجتهد هذه القراءة في تسليط الضوء عليه[1].

 

[1] فازت هذه القراءة بالمركز الثاني في مسابقة موقع تفسير (قراءة في كتاب)، والتي أعلن عنها 12/ 10/ 1440هـ الموافق 15/ 6/ 2019م. (موقع تفسير).

الكاتب

الدكتور خالد آل سيد الشيخ

حاصل على الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وله عدد من البحوث والمشاركات العلمية.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))