وفي القرآن الكريم هناك أكثر من خمسة وعشرين موضعًا تتحدث وتحث علي مكارم الأخلاق . أردت أن أوردها هنا اليوم، لتكون مرجعًا مفصلًا لكل راغب في العودة إلي النص القرآني السماوي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
يعلّمنا الحق سبحانه وتعالى الأدب في نعمته علينا، بقوله: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون} [سورة الواقعة، الآيات: 63-64]، هذه الحبة التي بذرتها في حقلك، هل جلستَ بجوارها تنميها وتشدّها من الأرض، فتنمو معك يومًا بعد يوم؟ إن كل عملك فيها أن تحرث الأرض وتبذر البذور، حتى عملية الحرث سخّر الله لك فيها البهائم لتقوم بهذه العملية، وما كان بوُسْعك أنْ تُطوّعها لهذا العمل لولا أنْ سخرها الله لك، وذلّلها لخدمتك، كما قال تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [سورة يس، الآية: 72]، ما استطعت أنت تسخيرها.
القرآن القائد غائب، والسائد هو الشخص القائد، بما كتبه وصنفه وتصوره وحققه وأثر به على أتباعه ومعاصريه، ومَن جاء من بعده واحتكم لرأيه وحمل دعوته ومدرسته، وتبنى طريقته وتفسيره لما يقرأه من الآيات، فيُسخرها لقيادة الآخرين، الذين توفّرت لديهم الظروف والاستعدادات لتحقيق التبعية والانغماس في موضوعات الدين، بعد أن أصبحوا أمام حياة مغلقة الأبواب معدومة الأمل.
إن قليلاً من إعمال الفكر وإجالته في هذه اللفظة (داعية) من شأنه أن يبعث تساؤلاً في النفس، ألا وهو: إلى أي شيء يدعو ذلك الموسوم بهذه الصفة التي بُني لفظها بناء المبالغة كما لا يخفى؟!
فهذه وقفات مع جملة من الآيات الواردة في سورة الأحزاب والتي تتصل بتربية القرآن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم تربية رفيعة؛ ذلك أن البيوت الرفيعة والنفوس الشريفة يليق بها نوع خاص من التربية التي تترفع بصاحبها عن سفاسف الأمور ودنيء الخلال إلى أرقى مراتب الكمال البشري الممكن لأمثاله، فتسمو همته وتزكو نفسه وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
إن حفظ القرآن من أعظم المنن التي يمن الله على عبده بها، وهذه النعمة تستوجب شكر مسديها سبحانه حتى يبارك فيها وينفع بها صاحبها، ولذا وجب على من حفظ كتاب الله المجيد أن يسترشد بهديه ويتخلق بأخلاقة ويتأدب بآدابه.. تلك الآداب والأخلاق التي تمثلت صورتها العملية في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح حيث سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن".
من أعظم ما يتقرب به العبد وخاصة في مثل هذا الشهر العظيم هو تلاوة القرآن، فلا ريب أنّ تلاوة القرآن من صفات المؤمنين الصادقين، ومن أكثر ما يسهم في التعرض لرحمات الله ونفحاته، فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة ما أُنزل إليه فقال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [سورة المزمل، الآية: 4] قال الحسن: "اقرأه قراءةً بينةً"
كثيرٌ ممَّن يتفاخرون بحمْلِه -إلا من رحم- يُقيمون حُروفه إقامة السهام، وليس في قلوبهم من بركاته حبّة خردلٍ من إيمان!
القرآن الكريم بين أيدينا اليوم، هو القرآن الذي كان بين يدي الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهو الذي صنع منهم جيلاً فريداً، انقلبت موازينه بمجرد سماعه لهذا القرآن، فحطّم كل معتقداته الباطلة، وقطع كل تصرفاته العبثية، وانهمرت دموعهم وجلاً وخشية من مواعظه.
كيف كان حال السلف مع القرآن؟ وكيف أصبحت حالنا معه؟ ولماذا ضعفت منزلة القرآن في نفوسنا وصارت صلتنا به أقل من صلتنا بالجرائد ووسائل الإعلام؟ ما الذي تغيَّر حتى صرنا إلى هذه الحال؟ هل تغيَّر القرآن؟ أم تغيرنا نحن في عيشنا وحياتنا مع القرآن؟ وما مقياس الأمم في رِفعَتِها وضَعَتِها وفي عزَّتها وذُلِّها؟
إطلاق البصر من الذنوب التي لها تأثير مباشر على االجانب الروحي والجانب الجسدي، لذلك جاء التحذير وأعقبه الله سبحانه وتعالى بقوله: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أي سبب في تزكية نفوسهم والارتقاء بها إلى الله.
«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ» وها قد ظهرت المعاصي في هذه الأمة وكثر الكسوف والخسوف وها الخمر تباع بتصاريح رسمية في بلاد المسلمين والقتل وانتشر الربا.. فتدبروا القرآن وعودوا للسنة...
وصف الله غزوة أحد وصفاً دقيقاً، وبين سبحانه خفايا النفوس، ودخائل القلوب، وذكر سبحانه دروسا عظيمة يستفيد منها المسلم في سيره إلى ربه تبارك وتعالى، وفي هذا المقال عدد من تلك الدروس.
حفل القرآن الكريم بذِكر التوبة والاستغفار في آيات عديدة، وسور مختلفة، وبيان فضل الله سبحانه في قَبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوب المستغفرين. ومنذ بدأ الخليقة قد أخطأ أبو البشر جميعًا آدم عليه السلام فعصى أمر ربه، بإغواءٍ من الشيطان الرجيم، ثم تاب وأناب، فاجتباه الله تعالى وتاب عليه.
{إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْـجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. بايعهم الله فأغلى ثمنهم. وقال شَمِر بن عطية: ما من مسلم إلا لله - عز وجل - في عُنُقه بيعة، وفَّى بها أو مات عليها. أي: فليستبشر من قام بمقتضى هذا العقد ووفى بهذا العهد؛ بالفوز العظيم، والنعيم المقيم. وإذا أردت أن تعرف مقدار الصفقة فانظر إلى المشتري من هو؟ وهو اللّه جل جلاله، وإلى العوض وهو أكبر الأعواض وأجلها؛ جنات النعيم، وإلى الثمن المبذول فيها وهو النفس والمال الذي هو أحب الأشياء للإنسان، وإلى من جرى على يديه عقد هذا التبايع وهو أشرف الرسل، وبأي كتاب رقم وهي كتب اللّه الكبار المنزلة على أفضل الخلق
قال بعض السلف : ( والله ! ما عرضت نفسي على كتاب الله إلا اتهمتها بالنفاق ) . وهذه العادة تَعرِض لنا منهجاً تربوياً فريداً في محاسبة النفس ؛ حيث يقوم العبد بعرض أعماله على كتاب الله - تعالى - ليرى أين هو من صفات المؤمنين ؟ وأين هو من صفات المتقين ؟ وأين هو صفات أهل الجنان ؟ وتكون نتيجة هذا العرض على كتاب الله : أولاً : توفيق الله للعبد بقيامه بأعمالٍ من أعمال أهل الجنة ؛ فيشكر الله ، ويطلب منه الثبات على ذلك والزيادة ؛ لأن الوصول إلى الله ليس له منتهى ، وهذه درجة عظيمة لا يبلغها إلا من اصطفاه الله واجتباه.
إن حفظ القرآن الكريم من أجلّ القربات ، وأفضل الطاعات ، وأهم المهمات . وحَمَلَةُ القرآن هم أرفع الناس قدراً ، وأشرفهم علماً ، وأقومهم طريقاً . وقد حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته على حفظ القرآن الكريم ، ومدارسته وتعلمه وتعليمه ، وبيّن فضل أهله وحملته ، والأحاديث في هذا الباب معلومة مشهورة . وقد اعتنى المسلمون بكتاب ربهم عناية فائقة ، تميزوا بها على من سبقهم من الأمم ؛ حيث تنافسوا في قراءته وحفظه ، وتسابقوا إلى دراسته ، والعمل به .
من المعلوم عند كل مسلم أن الإسلام دين شامل كامل دل الناس على كل ما فيه خير وصلاح لهم في دينهم ودنياهم، فهو بحق منهج حياة؛ إذ رسم للناس طريقاً واضحاً لا غبش فيه في سائر شؤونهم، يقول أبو ذر رضي الله عنه: تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما طائر يقلب جناحيه في الهواء، إلا وهو يذكرنا منه علماً، ثم قال: قال: صلى الله عليه وسلم: (ما بقي شيء يقرب من الجنة، ويباعد من النار، إلا وقد بين لكم)
القرآن الكريم هو المُعجزة الباقية العُظمى الدائمة التي أيد الله بها نبيه محمدًا صلى الله عليه، وهو أصدق كتاب، وأحسن حديث، وخير كلام، والمهيمن على الكتب من قبله، وقائد لمن تبعه إلى جنات النعيم، والمنجي من النيران، والمنقذ من الخسران، وشفيع لحملته يوم يقوم الأشهاد، والمؤنس في القبور، وشفيع لحملته يوم البعث والنشور
إنّ الأمة تمر بمرحلة من أعصب مراحلها، كيد من أعدائها، وتكالب عليها، وجهل من أبنائها، وتفريط في أسباب مجدها وعزها، والذي يعجب له أن هناك شبه إجماع على أسباب هذا الواقع المرير، وكيفية الخروج منه، فكثير من المسلمين إذ سئل عن سبب واقع الأمة المرير أجاب قائلاً: ذلك لبعدنا عن كتاب ربنا
كتاب الله أعظم ما عمرت به الأوقات واشتغلت به الهمم العوالي والمهج الغوالي فكتاب الله هو دستور الأمة ومصدر تشريعها الأول، وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو كتاب الهداية والصلاح والتوفيق والنجاح، ولا فلاح للأمة إلا بالتمسك به ولا خروج لها من أدوائها وعللها إلا بالسير على نهجه.
حين يستعرِض المرء ما كتبه علماء السلف حول أخلاق أهل القرآن وآداب حملته، يستشعر حِرصًا جليًا على صيانة حدود المرتبة الرفيعة التي يحظى بها من وُصِفوا في الحديث النبوي بأشراف الأمة وأهل الله وخاصته. ولعل استحضار بعض هذي الآداب يستمد اليوم وجاهته من الأثر السيء لبريق الكاميرا وسطوة الإعلام على ناشئتنا من حملة القرآن.
قال تعالى: يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} الذاريات: 9{، أي: يُصرَف عن القرآن مَن صرفه الله عقوبةً له بسبب ذنوبه وإعراضه عن الله.. جف لها القلوب لو عقلناها!
إن الجانب الروحي في الإنسان هو مصدر سعادته وراحته في الدنيا والآخرة، وهو مصدر شقائه أيضا. فقد يؤتى المرء من نعيم الدنيا وكنوزها الشيء الكثير الذي يُشبع حاجات جسده ورغبات نفسه، وأيضا قد يتعلم من صنوف العلم والخبرات التجريبية ما يجعله في مصاف العلماء والحكماء، ولكنه إذا افتقد لراحة قلبه وسلامة صدره وطمأنينة فؤاده، فإن حياته تكون عبارة عن ضنك وشقاء وضيق لا ينتهي.
الربانية هي العلامة الكبرى على تحول المجتمع إلى مقام الخيرية الذي تكون به شاهدة على الإنسانية كلها كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله سورة آل عمران 110 وحقيقة الربانية هي إيمان وتربية وتزكية.
هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ بصائر من البصيرة، والبصيرة هي ما كانت العرب تثبتها على أبواب البيوت لتنظر من خلالها إلى خارج المنازل، وهكذا آيات القرآن!؟ إنها بصائر مكبرة تضاعف من عامل إبصار الوجود ليبدو كبيرا ما شاء الله أن يكون عليه. وبهذا يكون القرآن خطابا وليس نصا، وكلمات وليس أقوالا. فالقول هو كل ملفوظ بمعنى أو بغيره. أما الكلام فهو اللفظ المفيد بالوضع . ولم أقل مركبا لأن الراجح عندي أن إعجاز القرآن بحرفه لا فقط بنظمه أو بكلماته. وهذا من معاني الحروف المقطعة في بداية السور.
ان القرآن أنزل لتوحيد الرحمن وعمارة الأكوان وتزكية الإنسان، لهذا جعله الله دستورا يقوم على دعائم البرهان. فأطلق الله به العقل من أسْرِه، وأخرج الفكر من حبسه، وحرر به الناس من استعباد السادة والكهان
بعض المنكر بدعة ومحدث، وبعض البدعة والمحدث منكر، فلا تصير البدعة منكرًا حتى تقوم الأدلة على تحريمها، فقد قسّم فقهاؤنا الطلاق إلى سني وبدعي، وقسّموا البدعي إلى قسمين: قسم محرم وهو الطلاق في الحيض؛ لورود حديث ابن عمر في النهى عنه، وقسم مكروه وهو ما عداه كالمملك، والخلعي، والثلاث في كلمة واحدة؛ وذكروا في باب الطهارة أن السرف في الماء بدعة؛ ولم يقل أحد: إن ذلك حرام، بل هو مكروه أو خلاف الأولى.
وبيَّن ربنا سبحانه وتعالى صفات أهل الرحمن لمن أراد أن يسلك سبيلهم في سورة الفرقان.. ومن أهم هذه الصفات:
وأما اللام الساكنة فإنها تارة تكون لام تعريف، وتارة تكون غيرها. فإن كانت لام تعريف كان لها عند حروف المعجم الثمانية والعشرين حالتان: الأولى إظهارها وجوبًا عند أربعة عشر حرفًا، وجمعها بعضهم في أربع كلمات وهي (ابغ حجك وخف عقيمه)
التالي |
الأخبار
-
تقرير لقاء مركز تفسير (55) "خدمة المعتقد في بيان إعجاز القرآن" مع فضيلة أ.د: محمد بن علي الصامل
أقام مركز تفسير للدراسات القرآنية مساء الثلاثاء الموافق: 25 جمادى الآخر 1439ه، بمدينة الرياض اللقاء الخامس والخمسين من لقاءاته الشهرية بعنوان: «خدمة المعتقد في بيان ... المزيد
3 رجب 1439 - 20 مارس 2018 -
لقاء أهل التفسير الرابع والخمسون
ضيف اللقاء ٥٤ من لقاءات مركز تفسير هو أ.د.عبدالله بن محمد القرني.. المزيد
15 جمادى الأولى 1439 - 1 فبراير 2018 -
-
استطلاع رأي عن تفسير القرآن للأطفال
لتفسير القرآن للأطفال أهمية كبيرة في تقريب معاني القرآن للأجيال الصاعدة وتربية النشء على أخلاق القرآن، ولذا فقد توجهت عناية مركز تفسير لتقييم واقع تفاسير القرآن ... المزيد
28 ربيع الأول 1439 - 16 ديسمبر 2017 -
مركز تفسير وكرسي القرآن الكريم يعلنان عن المؤتمر الدولي الثالث لتطوير الدراسات القرآنية
بعد نجاح مؤتمر تطوير الدراسات القرآنية الأول وتتابع نعم الله علينا بنجاح المؤتمر لكنالثاني؛ يسرّ كرسي القرآن الكريم وعلومه بكلية التربية بجامعة الملك سعود، ... المزيد
18 ذو القعدة 1438 - 10 أغسطس 2017