قراءة في كتاب (علوم القرآن في المنظور الحداثي) تأليف: د. أحمد بوعود

انبرَى عددٌ من الباحثين لبحث آراء الحداثيين العرب في علوم القرآن، ومناقشة ما يخالف بعض القضايا التي تلقتها الأمة الإسلامية باعتبارها من المسلَّمات، ومن هذه المؤلفات كتاب (علوم القرآن في المنظور الحداثي؛ دراسة تحليلية نقدية)، للدكتور أحمد بوعود، وتأتي هذه القراءة للكتاب لتستعرض محتوياته، وأهم الإشكالات التي تناولها، مع بيان ما له وما عليه.

  كان القرآن الكريم -ولا يزال- منذُ بزغَ نورُه قبلةَ المسلمين، ينهلون مِن مَعِين هداياته ويبلّغونها، ويتحلون بفضائله ويمتثلون لأحكامه وينشرونها، وصارَتْ للأمة الإسلامية علومٌ للقرآن الكريم، تهدف إلى إبراز ربّانية هذا الكتاب العزيز، والعنايةِ الإلهية التي حظي بها جمعُه وقراءاتُه وأداؤها، وتضبطُ العملية التفسيرية، وما فتئ علماء الإسلام يدوِّنون تلك العلوم ويجمعونها في مصنَّفاتهم، سواء بتضمينها مقدمات تفاسيرهم وثناياه، أو بإفراد علمٍ من علومها بالتأليف، أو بجمعِ أغلبِها في مصنفاتٍ، تحملُ مسمى: (علوم القرآن).

غير أن هذا الاهتمام بعلوم القرآن، لم يكن قاصرًا على المسلمين، بل كان للمستشرقين نصيب وافر في البحث فيها، فخلَّفوا تراثًا ضخمًا، خصوصًا في القرنين الماضيين؛ بفعل الاحتلال الذي كانت تشهده البلدان الإسلامية حينها. وقد تأثر بذلك النتاجِ الغربي -الذي كان ينطلق من مسلّماته ومرجعياته- عددٌ من الباحثين الحداثيين العرب والمسلمين، على اختلافهم، فنجَم عن ذلك اختلافٌ في كيفية دراسة الموضوعات الإسلامية بصفة عامة، والمتعلقة بالقرآن الكريم بصفة خاصة.

ثم انبرَى بعض العلماء والباحثين للردّ أو التنبيه على ما تضمنته بعض مؤلفات الفكر الحداثي العربي، مما يخالف بعض القضايا التي كانت تتلقاها الأمة الإسلامية على أنها من المسلَّمات، ومن هذه الكتب التي بحثَت آراء الحداثيين العرب في قضايا علوم القرآن كتابُ (علوم القرآن في المنظور الحداثي: دراسة تحليلية نقدية)، للأستاذ الباحث: أحمد بوعود، وكما هو معلوم، فإن البحوثَ التي درسَت آراء الحداثيين في القرآن العزيز وعلومه -كثيرةٌ، غير أن الباحث تناول دراسات الحداثيين بمنهج نقدي يَعِزُّ وجوده في الدراسات الشرعية، كما أنه درس أبحاثهم في إطارها الكلي؛ بحيث لم يكن غرضُه -أثناء دراسة علوم القرآن- البحثَ عن القول الصواب فيها، بقدر ما كان غرضه البحث عن المشترك بين هؤلاء الحداثيين، وما هي الزاوية التي ينظرون بها ومن خلالها إلى علوم القرآن، وهذا ما حمل القارئ لكتاب: (علوم القرآن في المنظور الحداثي)، على أن يخصّه بقراءة تقويمية تبرز محتواه، والإشكالاتِ التي أجاب عنها، وأهم مزاياه[1].

 

[1] فازت هذه القراءة بالمركز الأول في مسابقة موقع تفسير "قراءة في كتاب"، والتي أعلن عنها 12/ 10/ 1440هـ الموافق 15/ 6/ 2019م. (موقع تفسير).

الكاتب

عبد الإله العلوشي

حاصل على ماجستير الدراسات القرآنية من جامعة محمد الأول بالمغرب.

((المعلومات والآراء المقدَّمة هي للكتّاب، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع أو أسرة مركز تفسير))